الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ حنظلة غسيل الملائكة ]

            والتقى حنظلة بن أبي عامر الغسيل وأبو سفيان ، فلما استعلاه حنظلة بن أبي عامر رآه شداد بن الأسود ، وهو ابن شعوب ، قد علا أبا سفيان . فضربه شداد فقتله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن صاحبكم ، يعني حنظلة لتغسله الملائكة . فسألوا أهله ما شأنه ؟ فسئلت صاحبته عنه . فقالت : خرج وهو جنب حين سمع الهاتفة .

            - قال ابن هشام : ويقال : الهائعة . وجاء في الحديث : خير الناس رجل ممسك بعنان فرسه ، كلما سمع هيعة طار إليها قال الطرماح بن حكيم الطائي ، والطرماح : الطويل من الرجال - :


            أنا ابن حماة المجد من آل مالك إذا جعلت خور الرجال تهيع



            ( والهيعة : الصيحة التي فيها الفزع )

            قال ابن إسحاق : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لذلك غسلته الملائكة قال محمد بن عمر : وصاحبته أي زوجته وهي جميلة بنت أبي ابن سلول ، دخلت عليه في تلك الليلة التي في صبيحتها أحد ، وكان قد استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فأذن له ، فلما صلى الصبح غدا يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلزمته جميلة ، فعاد فكان معها فأجنب منها ، وقد أرسلت إلى أربعة من قومها فأشهدتهم على الدخول بها خشية أن يكون في ذلك نزاع ، فقيل لها : لم أشهدت ؟ فقالت : رأيت كأن السماء قد فرجت فدخل فيها ثم أطبقت ، فقلت : هذه الشهادة . وعلقت بعبد الله بن حنظلة ، رضي الله عنهما . [ شعر الأسود في قتلهما حنظلة وأبا سفيان ]

            ( قال ابن إسحاق ) : وقال شداد بن الأسود في قتله حنظلة :


            لأحمين صاحبي ونفسي     بطعنة مثل شعاع الشمس



            وقال أبو سفيان بن حرب ، وهو يذكر صبره في ذلك اليوم ، ومعاونة ابن شعوب إياه على حنظلة :


            ولو شئت نجتني كميت طمرة     ولم أحمل النعماء لابن شعوب
            وما زال مهري مزجر الكلب منهم     لدن غدوة حتى دنت لغروب
            أقاتلهم وأدعي يا لغالب     وأدفعهم عني بركن صليب
            فبكي ولا ترعى مقالة عاذل     ولا تسأمي من عبرة ونحيب
            أباك وإخوانا له قد تتابعوا     وحق لهم من عبرة بنصيب
            وسلى الذي قد كان في النفس أنني     قتلت من النجار كل نجيب
            ومن هاشم قرما كريما ومصعبا     وكان لدى الهيجاء غير هيوب
            ولو أنني لم أشف نفسي منهم     لكانت شجا في القلب ذات ندوب
            فآبوا وقد أودى الجلابيب منهم     بهم خدب من معطب وكئيب
            أصابهم من لم يكن لدمائهم     كفاء ولا في خطة بضريب

            [ شعر حسان في الرد على أبي سفيان ]

            فأجابه حسان بن ثابت ، فيما ذكر ابن هشام ؟ فقال :


            ذكرت القروم الصيد من آل هاشم     ولست لزور قلته بمصيب
            أتعجب أن أقصدت حمزة منهم     نجيبا وقد سميته بنجيب
            ألم يقتلوا عمرا وعتبة وابنه     وشيبة والحجاج وابن حبيب
            غداة دعا العاصي عليا فراعه     بضربة عضب بله بخضيب



            قال ابن إسحاق : وقال ابن شعوب يذكر يده عند أبي سفيان فيما دفع عنه ، فقال :


            ولولا دفاعي يا ابن حرب ومشهدي     لألفيت يوم النعف غير مجيب
            ولولا مكري المهر بالنعف قرقرت     ضباع عليه أو ضراء كليب



            قال ابن هشام : قوله عليه أو ضراء عن غير ابن إسحاق .

            [ شعر الحارث في الرد على أبي سفيان أيضا ]

            قال ابن إسحاق : وقال الحارث بن هشام يجيب أبا سفيان :


            جزيتهم يوما ببدر كمثله     على سابح ذي ميعة وشبيب
            لدى صحن بدر أو أقمت نوائحا     عليك ولم تحفل مصاب حبيب
            وإنك لو عاينت ما كان منهم     لأبت بقلب ما بقيت نخيب



            قال ابن هشام : وإنما أجاب الحارث بن هشام أبا سفيان لأنه ظن أنه عرض به في قوله :


            وما زال مهري مزجر الكلب منهم     لفرار الحارث يوم بدر .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية