الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر مسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحديبية من غير طريق خالد بن الوليد وما وقع في ذلك من الآيات

            روى البزار بسند رجاله ثقات عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مختصرا ، ومحمد بن عمر عن شيوخه قالوا : لما أمسى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «تيامنوا في هذا العصل وفي رواية اسلكوا ذات اليمين بين ظهور الحمض ، فإن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة» كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلقاه وكان بهم رحيما ، فقال : «تيامنوا فأيكم يعرف «ثنية ذات الحنظل» ؟ فقال بريدة بن الحصيب : بحاء مضمومة فصاد مفتوحة مهملتين فتحتية فموحدة مهملتين فتحتية - الأسلمي : أنا يا رسول الله عالم بها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

            «اسلك أمامنا»

            فأخذ بريدة في العصل - قبل جبال سراوع قبل المغرب ، فو الله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش ، فانطلق يركض نذيرا لقريش ، فسلك بريدة بهم طريقا وعرا أجرل بين شعاب ، وسار قليلا تنكبه الحجارة وتعلقه الشجر ، وصار حتى كأنه لم يعرفهما قط . قال : فو الله إني كنت أسلكها في الجمعة مرارا ، فنزل حمزة بن عمرو الأسلمي ، فسار بهم قليلا ، ثم سقط في خمر الشجر فلا يدرى أين يتوجه ، فنزل عمرو بن عبدنهم الأسلمي فانطلق أمامهم

            حتى نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الثنية ، فقال : هذه ثنية ذات الحنظل ؟ »

            فقال عمرو :

            نعم يا رسول الله ، فلما وقف به على رأسها تحدر به ، قال عمرو : فو الله إن كان لتهمني نفسي وحدها إنما كانت مثل الشراك فاتسعت لي حين برزت ، فكانت فجاجا لاجبة ولقد كان الناس تلك الليلة يسيرون جميعا معطفين من سعتها يتحدثون ، وأضاءت تلك الليلة حتى كأنا في قمر .

            قال أبو سعيد : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية حتى إذا كنا بعسفان سرنا من آخر الليل حتى أقبلنا على «عقبة ذات الحنظل» قال جابر : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من يصعد ثنية المرار فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل ، فكان أول من صعد خيل من الخزرج ، ثم تبادر الناس بعد .

            وقال أبو سعيد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «مثل هذه الثنية الليلة كمثل الباب الذي قال الله تعالى لبني إسرائيل وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم )
            [البقرة 58]

            وقال ابن إسحاق : إن المسلمين لما إن خرجوا من الأرض الصعبة وأفضوا إلى أرض سهلة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «قولوا نستغفر الله ونتوب إليه» . فقالوا ذلك ، فقال : «والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها» قال أبو سعيد : ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يجوز هذه الثنية الليلة أحد إلا غفر له» فلما هبطنا نزلنا فقلت يا رسول الله نخشى أن ترى قريش نيراننا ، فقال : لن يروكم ، فلما أصبحنا صلى بنا صلاة الصبح ، ثم قال : «والذي نفسي بيده لقد غفر للركب أجمعين إلا رويكبا واحدا على جمل أحمر التقت عليه رحال القوم ليس منهم ،

            وقال جابر : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر» .

            قال أبو سعيد : فطلب في العسكر فإذا هو عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، والرجل من بني ضمرة من أهل سيف البحر يظن أنه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل لسعيد : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال : كذا وكذا ، فقال له سعيد : ويحك!! اذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم يستغفر لك .

            وقال جابر : فقلنا له : تعال يستغفر لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : والله لأن أجد ضالتي أحب إلي من أن يستغفر لي صاحبكم . وقال أبو سعيد : فقال بعيري والله أهم من أن يستغفر لي ، إذا هو قد أضل بعيرا له ، فانطلق يطلب بعيره بعد أن استبرأ العسكر وطلبه فيهم ، فبينا هو في جبال سراوع إذ زلقت به نعله فتردى فمات ، فما علم به حتى أكلته السباع ،


            قال أبو سعيد :

            فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ : «سيأتيكم أهل اليمن كأنهم قطع السحاب . هم خير أهل الأرض .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية