/بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤتة واستعمل عليهم زيد بن حارثة ، وقال : . فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج ، وهم ثلاثة آلاف . " إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس "
وقال الواقدي : حدثني ربيعة بن عثمان ، عن عمر بن الحكم ، عن أبيه قال : جاء النعمان بن فنحص اليهودي ، فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " زيد بن حارثة أمير الناس ، فإن قتل زيد فجعفر بن أبي طالب ، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة ، فإن قتل عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا ، فليجعلوه عليهم " . فقال النعمان : أبا القاسم ، إن كنت نبيا ، فلو سميت من سميت قليلا أو كثيرا ، أصيبوا جميعا ، إن الأنبياء من بني إسرائيل كانوا إذا سموا الرجل على القوم ، فقالوا : إن أصيب فلان ففلان ، فلو سموا مائة أصيبوا جميعا . ثم جعل اليهودي يقول لزيد : اعهد فإنك لا ترجع أبدا ، إن كان محمد نبيا . فقال زيد : أشهد أنه نبي صادق بار رواه البيهقي .
قال ابن إسحاق : فلما حضر خروجهم ، ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم ، فلما ودع عبد الله بن رواحة مع من ودع بكى ، فقالوا : ما يبكيك يا ابن رواحة ؟ فقال : أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار : وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ( مريم : 71 ) ، فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود ؟ فقال المسلمون : صحبكم الله ودفع عنكم ، وردكم إلينا صالحين . فقال عبد الله بن رواحة :
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا أو طعنة بيدي حران مجهزة
بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقال إذا مروا على جدثي
أرشده الله من غاز وقد رشدا
فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
إني تفرست فيك الخير نافلة الله يعلم أني ثابت البصر
أنت الرسول فمن يحرم نوافله والوجه منه فقد أزرى به القدر
خلف السلام على امرئ ودعته في النخل خير مشيع وخليل
وعن ابن عباس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة في سرية ، فوافق ذلك يوم الجمعة . قال : فقدم أصحابه ، وقال : أتخلف فأصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ، ثم ألحقهم . قال : فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه فقال : " ما منعك أن تغدو مع أصحابك ؟ " قال : فقال أردت أن أصلي معك الجمعة ، ثم ألحقهم ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أدركت غدوتهم .
وهذا الحديث قد رواه الترمذي من حديث أبي معاوية ، عن الحجاج - وهو ابن أرطاة - ثم علله الترمذي بما حكاه عن شعبة أنه قال : لم يسمع الحكم عن مقسم إلا خمسة أحاديث ، وليس هذا منها .
قلت : والحجاج بن أرطاة في روايته نظر . والله أعلم . والمقصود من إيراد هذا الحديث ، أنه يقتضي أن خروج الأمراء إلى مؤتة كان في يوم جمعة . والله أعلم .