الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3648 ] القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 7 ] ويقول الذين كفروا لولا أنـزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد

                                                                                                                                                                                                                                      ويقول الذين كفروا وهم المستعجلون بالسيئة المتقدمون.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو السعود: وإنما عدل عن الإضمار إلى الموصول; ذما لهم ونعيا عليهم كفرهم بآيات الله تعالى التي تخر لها صم الجبال، حيث لم يرفعوا لهم رأسا، ولم يعدوها من جنس الآيات، وقالوا عنادا: لولا أنـزل عليه آية من ربه أي: مثل آيات موسى وعيسى عليهما السلام، أو مثل ما يقترحون من جعل الصفا ذهبا، أو إزاحة الجبال وجعل مكانها مروجا وأنهارا إنما أنت منذر أي: مرسل للإنذار والتخويف من سوء عاقبة ما يأتون ويذرون، وناصح كغيرك من الرسل، فما عليك إلا البلاغ، لا إجابة المقترحات ولكل قوم هاد أي: نبي داع إلى الحق مرشد بالآية التي تناسب زمنه، كقوله تعالى: وإن من أمة إلا خلا فيها نذير تعريض بأنه عليه الصلاة والسلام ليس بدعا من الرسل. فقد خلا قبله الهداة الداعون إلى الله، عليهم السلام. أو المعنى: لكل قوم هاد عظيم الشأن، قادر على هدايتهم، هو الله سبحانه، فما عليك إلا إنذارهم لا هدايتهم. وإيتاؤهم الإيمان وصدهم عن الجحود; فإن ذلك لله وحده كقوله تعالى: ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء أو المعنى: " لكل قوم هاد " قائد يهديهم إلى الرشد. وهو الكتاب المنزل عليهم الداعي بعنوان الهداية إلى ما فيه صلاحهم. يعني: أن سر الإرسال وآيته الفريدة إنما هو الدعاء إلى الهدى وتبصير سبله، والإنذار من الاسترسال في مساقط الردى. وقد أنزل عليك من الهدى أحسنه. فكفى بهدايته آية كبرى وخارقة عظمى. وأما الآيات المقترحة فأمرها إلى الله، وقد [ ص: 3649 ] لا يفيد إنزالها هداية! قال تعالى: وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون مع ما يستتبع الإصرار بعدها من الأخذ بلا إمهال!: سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشهاب: وجوز عطف (هاد) على (منذر) وجعل المتعلق مقدما عليه، للفاصلة فيدل على عموم رسالته وشمول دعوته. وقد يجعل خبر مبتدأ مقدر، أي: وهو هاد، أو وأنت هاد، وعلى الأول فيه التفات.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية