الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ما جاء في قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامهم

            جاء وفد ثقيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من تبوك إلى المدينة، وكان عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه قد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يعود إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام فحذره النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره أنهم قاتلوه فقال عروة بن مسعود: يا رسول الله أنا أحب إليهم من أبكارهم وفي رواية من أبصارهم.

            فعاد إليهم ودعاهم إلى الإسلام فقتلوه، وكان مما قال حينما أصابوه: كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إلي، ثم طلب منهم أن يدفنوه مع الشهداء الذين قتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم.

            فقامت ثقيف بعد قتل عروة أشهرا ثم إنهم ائتمروا بينهم ورأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب وقد بايعوا وأسلموا فاتفقوا أن يأتي منهم وفد النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج منهم ستة كان منهم عثمان بن أبي العاص وكان أصغر القوم سنا إلا أنه كان أفقههم.

            ولما جاء الوفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنزلهم في قبة ناحية المسجد وكان يأتيهم فيحدثهم، وقد سألوه أمورا منها: أن يدع لهم صنمهم لوقت فأبى النبي صلى الله عليه وسلم فطلبوا منه أن يكون هدمه ليس بأيديهم فأعطاهم ذلك، كما طلبوا منه أن يعفيهم من الصلاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه

            وكانوا قد طلبوا منه صلى الله عليه وسلم أمورا فقبل بعضها تأليفا لهم ورفض بعضها، فأسلموا على ذلك فصلوا وصاموا وكان بلال يأتيهم بفطورهم وسحورهم تعليما لهم بوقت ذلك.

            ثم أمر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص وعهد إليه بأن يخفف في الصلاة ودعا له صلى الله عليه وسلم.

            وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم المغيرة بن شعبة وأبا سفيان بن حرب لهدم صنمهم، فقاما بهدمه على مرأى ومشهد من ثقيف وأخذا ما فيه من ذهب ومال، فقضى به النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي مليح بن عروة بن مسعود دينا كان على أبيه، كما أعطى لقارب بن الأسود أيضا ليقضي به دينا كان على أبيه يطلب هو به فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم صلة وقرابة.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية