الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            نزوله- صلى الله عليه وسلم- بذي الحليفة وبياته بها :

            فسار- صلى الله عليه وسلم- حتى أتى ذا الحليفة ، وهو من وادي العقيق فنزل به ، قلت : تحت سمرة في موضع المسجد بذي الحليفة ، دون الروسة عن يمين الطريق كما في الصحيح ، عن عبد الله بن عمر ، ليجتمع إليه أصحابه ، كما ذكره محمد بن عمر الأسلمي والله تعالى أعلم .

            فصلى بها العصر ركعتين ، فدل على أنه جاء الحليفة نهارا في وقت العصر ، فصلى بها العصر قصرا ، وهي من المدينة على ثلاثة أميال ، ثم صلى بها المغرب والعشاء ، وبات بها حتى أصبح فصلى بأصحابه ، وأخبرهم أنه جاءه الوحي من الليل بما يعتمده في الإحرام .

            كما قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم ثنا زهير ، عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتي في المعرس من ذي الحليفة ، فقيل له : إنك ببطحاء مباركة . وأخرجاه في " الصحيحين " من حديث موسى بن عقبة به .

            وقال البخاري : حدثنا الحميدي ، ثنا الوليد وبشر بن بكر قالا : ثنا الأوزاعي ، ثنا يحيى ، حدثني عكرمة ، أنه سمع ابن عباس ، أنه سمع عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول : " أتاني الليلة آت من ربي ، فقال : صل في هذا الوادي المبارك وقل : عمرة في حجة " . تفرد به دون مسلم . فالظاهر أنه أمره عليه ، الصلاة والسلام ، بالصلاة في وادي العقيق هو أمر بالإقامة به إلى أن يصلي صلاة الظهر ; لأن الأمر إنما جاءه في الليل ، وأخبرهم بعد صلاة الصبح ، فلم يبق إلا صلاة الظهر ، فأمر أن يصليها هنالك ، وأن يوقع الإحرام بعدها ، ولهذا قال : " أتاني الليلة آت من ربي عز وجل فقال : صل في هذا الوادي المبارك وقل : عمرة في حجة " . وقد احتج به على الأمر بالقران في الحج ، وهو من أقوى الأدلة على ذلك ، .

            والمقصود أنه ، عليه الصلاة والسلام ، أمر بالإقامة بوادي العقيق إلى صلاة الظهر ، وقد امتثل صلوات الله وسلامه عليه ذلك ، فأقام هنالك ، وطاف على نسائه في تلك الصبيحة ، وكن تسع نسوة ، وكلهن خرج معه ولم يزل هنالك حتى صلى الظهر . قلت : وطيبته عائشة قبل طوافه عليهن تلك الليلة ، واغتسل . كما رواه مسلم- عن عائشة ، والبيهقي عنها ، قالت : طيبته بالطيب» والله تعالى أعلم .

            وساق هديه مع نفسه ، قلت : كان معه- صلى الله عليه وسلم- قبل وصوله ، أنه- صلى الله عليه وسلم- دعا ببدنته ، وفي رواية : بناقته فأشعرها في صفحة سنامها من الشق الأيمن ثم سلت الدم عنها ، وقلدها نعلين ، قلت : وتولى إشعار بقية الهدي وتقليده غيره ، قال : كان- صلى الله عليه وسلم- معه هدي كثير .

            قال ابن سعد : وكان على هديه ناجية بن جندب الأسلمي وكان جميع الهدي الذي ساقه من المدينة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية