الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله: أياما معدودات

                                          [1630 ] حدثنا أبي ، ثنا أبو حذيفة ، ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء [ ص: 306 ] : أياما معدودات قال: كتب عليهم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر ولم يسم الشهر أياما معدودات قال: كان هذا صيام الناس قبل ذلك ثم فرض الله على الناس شهر رمضان .

                                          والوجه الثاني:

                                          [1631 ] قرأت على محمد بن الفضل، ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق أنبأ محمد بن مزاحم، ثنا بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان : أياما معدودات يعني أيام رمضان ثلاثين يوما.

                                          قوله: فمن كان منكم مريضا أو على سفر



                                          وبه عن مقاتل بن حيان ، قوله: فمن كان منكم مريضا أو على سفر في الصوم الأول فعدة من أيام أخر

                                          [1632 ] حدثنا أبي ، ثنا ابن نفيل الحراني، ثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال: ثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أحيل الصوم على ثلاثة أحوال: فأما المريض، فرخص لمن اشتد عليه أن يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا، فلم يكن عليه شيء حتى نسخه: فعدة من أيام أخر فأمروا بالصوم .

                                          قوله: فعدة من أيام أخر

                                          [1633 ] حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو خالد يعني الأحمر، عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس ، إن شاء تابع، وإن شاء فرق، لأن الله يقول: فعدة من أيام أخر

                                          وروي عن أبي عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، وأبي هريرة وعمرو بن العاص وأنس بن مالك ورافع بن خديج وعبيدة السلماني وعبيد بن عمير وسعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي جعفر وسالم وعطاء وأبي ميسرة وطاوس وعبد الرحمن الأسود وسعيد بن جبير والنخعي والحكم وعكرمة وعطاء بن دينار وأبي الزناد وقتادة وزيد بن أسلم وربيعة ومكحول والحسن بن صالح ، والثوري ، ومالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، قالوا جميعا: يقضى متفرقا.

                                          [ ص: 307 ] وروي عن علي بن أبي طالب وابن عمر وعروة بن الزبير والشعبي ونافع بن جبير بن مطعم . وابن سيرين ، أنهم قالوا: يقضى متتابعا.

                                          قوله: وعلى الذين يطيقونه

                                          من فسر بأنها منسوخة إلا الشيخ الهرم والحامل والمرضعة.

                                          [1634 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس في قوله: وعلى الذين يطيقونه قال: يكلفونه، وهو الشيخ الكبير الهرم، والعجوز الكبيرة الهرمة يطعمون لكل يوم مسكينا ولا يقضون.

                                          [1635 ] حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا محمد بن بشر، ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عروة عن سعيد بن جبير أن ابن عباس قال: رخص للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم، إن شاءا أطعما ولم يصوما، ثم نسخت بعد ذلك، فقال الله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، إذا كانا لا يطيقان الصوم، أن يطعما، وللحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا، مكان كل يوم مسكينا، ولا قضاء عليهما .

                                          [1636 ] حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا محمد بن بشر، ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن علي بن ثابت، عن نافع ، عن ابن عمر أنه قال لأم ولده: إما حامل وإما مرضع، أنت بمنزلة الذين لا يطيقونه، عليك الطعام ولا قضاء عليك.

                                          وقال أبو زرعة : الشيخ الكبير والحامل والمرضع، يطعمون لكل يوم مدا من حنطة ولا يقضون .

                                          من فسر بأن الآية منسوخة:

                                          [1637 ] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن عطاء ، عن ابن عباس في قوله: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين صائما، ثم إن شاء أفطر وأطعم لذلك مسكينا، فنسختها هذه الآية شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من [ ص: 308 ] الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه وروي عن سلمة بن الأكوع وعلقمة وعبيدة السلماني والشعبي وعطاء الخراساني ، وزيد بن أسلم والزهري ، نحو ذلك من فسر أن الآية نزلت في الحامل والمرضع، ثم نسخ.

                                          [1638 ] حدثنا أبي ، ثنا أبو سليم عبد الرحمن بن الضحاك ، ثنا الوليد ، ثنا خليد بن دعلج، عن الحسن وقتادة ، أن قول الله: وعلى الذين يطيقونه فيمنعهم منه حمل أو رضاع أو نحو ذلك - مثل مجاهد ومحمد بن كعب قالا، ثم نسخ الله ذلك بالآية الأخرى، قوله: فمن شهد منكم الشهر إلى قوله: فعدة من أيام أخر

                                          ومن فسر بأن الآية محكمة:

                                          [1639 ] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين واحد ليست بمنسوخة، لا يرخص هذا إلا للكبير الذي لا يطيق، أو مريض يعلم أنه لا يشفى.

                                          [1640 ] حدثنا أبي ، ثنا عبيد الله بن موسى، أنبأ عثمان بن الأسود ، قال: سألت مجاهدا عن امرأتي وكانت حاملا، فوافق تاسعها، شهر رمضان في حر شديد، فشكت إلي الصوم، قد شق عليها. قال: مرها فلتفطر وتطعم مسكينا كل يوم، فإذا صحت فتقض.

                                          قال أبو محمد: واتفق قول مجاهد ، على إزالة القضاء عن الشيخ وإلزامه الفدية. وأوجب على الحامل الفدية والقضاء. وكذلك قول الحسن وإبراهيم النخعي في أحد أقواله وهو: قول الشافعي وأحمد بن حنبل .

                                          قوله: فدية طعام مسكين

                                          [1641] حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، ثنا المحاربي، عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في هذه الآية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال: الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام، يتصدق لكل يوم بنصف صاع. وروي عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي ومقاتل بن حيان وحسن بن صالح ، أنه يتصدق بنصف صاع وروي عن أبي هريرة وأحد القولين عن ابن عباس ومكحول [ ص: 309 ] وعطاء وسعيد بن المسيب وأبي قلابة ويحيى بن أبي كثير ، أنه يتصدق عن كل يوم بمد.

                                          قوله: فمن تطوع خيرا فهو خير له

                                          [1642 ] حدثنا أبي ، ثنا أبو معمر المنقري، ثنا عبد الوارث ، ثنا حميد بن قيس، ثنا مجاهد عن ابن عباس : فمن تطوع خيرا يقول: من زاد فأطعم أكثر من مسكين فهو خير له. وروي عن عطاء وطاوس وأحد قولي مجاهد والحسن ، والسدي ، ومقاتل بن حيان، نحو ذلك.

                                          [1643 ] حدثنا أبي ، ثنا مقاتل بن محمد، ثنا وكيع ، عن سفيان عن خصيف عن مجاهد ، قال: فمن تطوع خيرا قال: أعطى كل مسكين صاعا.

                                          [1644 ] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني الليث ، حدثني يونس، عن ابن شهاب ، قول الله: فمن تطوع خيرا فهو خير له يريد، أن من صام مع الفدية، فهو خير له.

                                          قوله: وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون

                                          [1645 ] حدثني محمد بن حماد بن حماد الطهراني، أنبأ حفص بن عمر العدني، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة ، في قوله: وأن تصوموا خير لكم قال: الصيام خير إن استطاع.

                                          وروي عن مجاهد ، وطاوس ، ومقاتل بن حيان: أن الصيام خير من الإطعام.

                                          والوجه الثاني

                                          [1646 ] أخبرنا الحسن بن علي بن عفان، فيما كتب إلي، ثنا ابن نمير، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، ثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى ، ثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم، قالوا: أحيل الصوم على ثلاثة أحوال. فكان من أطعم كل يوم مسكينا، ترك الصوم ممن يطيقونه رخص لهم في ذلك، فنسخه وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون فأمروا بالصوم .

                                          [ ص: 310 ] والوجه الثالث:

                                          [1647 ] حدثنا أبي ثنا أبو سليمان عبد الرحمن بن الضحاك ، ثنا الوليد قال: قلت لخليد: أرأيت قول الله تعالى: وأن تصوموا خير لكم ؟ فأخبرني عن الحسن وقتادة ، أنهما قالا: كانت وأن تصوموا على جهد، حتى لا تستطيعوا، خير لهم من الفدية، حتى نسخت بقوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه .

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية