الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            باب ذم اتخاذها للفخر والخيلاء عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأس الكفر نحو المشرق ، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل الفدادين أهل الوبر ، والسكينة في أهل الغنم .

                                                            التالي السابق


                                                            باب ذم اتخاذها للفخر والخيلاء عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأس الكفر نحو المشرق ، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل الفدادين أهل الوبر ، والسكينة في أهل الغنم . (فيه) فوائد :

                                                            (الأولى) اتفق على إخراجه الشيخان من هذا الوجه ، وله عندهما طرق أخرى .

                                                            (الثانية) قوله رأس الكفر نحو المشرق كان ذلك في عهده صلى الله عليه وسلم حين قال ذلك لأنه كان مملكة الفرس ، وهم أهل تجبر ، وغير متمسكين بشرع ولا كتاب ، ويكون حين يخرج الدجال من المشرق ، وكذلك يأجوج ومأجوج ، وهو كذلك منشأ الفتن العظيمة في الدين بالبدع ، وفي الدنيا [ ص: 236 ] بالقتل وسفك الدم ، ولو لم يجئ من فتنة المشرق إلا خروج الترك على المسلمين وسفكهم دماءهم وإذهابهم علومهم ، وتخريبهم مدائنهم لكفى في ذلك .

                                                            (الثالثة) الفخر هو الافتخار وعد المآثر القديمة تعظما والخيلاء بضم الخاء المعجمة وفتح الياء ممدودا الكبر ، واحتقار الناس ، وقوله الفدادين كذا هو في روايتنا بغير واو ، وكذا هو في صحيح مسلم هو في صحيح البخاري ، والفدادين بإثبات الواو ، وقد ذكر أبو عمرو الشيباني أن الفدادين بتخفيف الدال ، وهو جمع فدان بتشديد الدال ، وهو عبارة عن البقر التي تخور عليها حكاه عنهأبو عبيدة ، وأنكره عليه ، وعلى هذا فالمراد بذلك أصحابها فحذف المضاف ، وذهب جمهور أهل اللغة ، ومنهم الأصمعي وجميع المحدثين إلى أن الفدادين بتشديد الدال جمع فداد بدالين أولاهما مشددة .

                                                            وقال النووي إنه الصواب ، وهم الذين تعلوا أصواتهم في خيلهم وإبلهم وحروبهم ، ونحو ذلك ، وهو من الفديد ، وهو الصوت الشديد ، وحكى ابن عبد البر قولا أنهم سموا الفدادين من أجل الفدافد ، وهي الصحاري والبراري الخالية ، وأحدها فدفد ، وأن الأخفش حكاه مع الذي قبله قال ، والأول أجود ، وقال أبو عبيد معمر بن المثنى هم المكثرون من الإبل الذين يملك أحدهم المائتين منها إلى الألف ، ويتجه أن يكون إثبات الواو في قوله ، والفدادين موافقا للتخفيف ، وحذفها موافقا للتشديد ، وقوله أهل الوبر بعد قوله أهل الخيل والإبل قد يستشكل لأن الوبر من الإبل دون الخيل ، وجوابه أنه وصفهم بكونهم جامعين بين الخيل والإبل والوبر ، والظاهر أن المراد بذلك أنهم مع كونهم أهل خيل وإبل أهل وبر ، وليسوا أهل مدر يشير بذلك إلى أنهم أهل بادية فإنه يعني عن أهل الحضر بأهل المدر ، وعن البدو بأهل الوبر والبادية موضع الجفاء وقسوة القلوب والبعد عن الانقياد للحق ، وفي الحديث من بدا جفا رواه أبو داود في سننه ، وفيه إشارة إلى ذم رفع الصوت ، وأن ذلك " مناف للتواضع ، وذلك إذا كان على سبيل الغلظة والأذى وإظهار الترفع دون ما إذا كان على سبيل السجية لكن ينبغي لمن سجيته ذلك أن يحترز عنها بحسب الإمكان .

                                                            (الرابعة) هذا يبين أن الخيل إنما يكون في نواصيها الخير إذا لم يكن اتخاذها للفخر والخيلاء فإذا كان لذلك فهي مذمومة [ ص: 237 ] غير محمودة ، وقد سبق إيضاح ذلك في الزكاة .

                                                            (الخامسة) السكينة الطمأنينة والسكون خلاف ما ذكر من صفة الفدادين




                                                            الخدمات العلمية