الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 240 ] سورة السجدة

                                                                                                                                                                                                                                      مكية [كلها] بإجماعهم، ويقال لها: سجدة المؤمن، ويقال لها: المصابيح .

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      حم . تنزيل من الرحمن الرحيم . كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون . بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون . وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون . قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين . الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون . إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: تنزيل قال الفراء: يجوز أن يرتفع "تنزيل" بـ حم ،ويجوز أن يرتفع بإضمار "هذا" . وقال الزجاج : "تنزيل" مبتدأ، وخبره [ ص: 241 ] "كتاب فصلت آياته"، هذا مذهب البصريين . و قرآنا منصوب على الحال، المعنى: بينت آياته في حال جمعه، لقوم يعلمون أي: لمن يعلم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فأعرض أكثرهم يعني أهل مكة فهم لا يسمعون تكبرا عنه، وقالوا قلوبنا في أكنة أي: في أغطية فلا نفقه قولك . وقد سبق بيان "الأكنة" و "الوقر" في [الأنعام: 25] . ومعنى الكلام: إنا في ترك القبول منك بمنزلة من لا يسمع ولا يفهم، ومن بيننا وبينك حجاب أي: حاجز في النحلة والدين . قال الأخفش: و "من" هاهنا للتوكيد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فاعمل فيه قولان . أحدهما: اعمل في إبطال أمرنا إنا عاملون على إبطال أمرك . والثاني: اعمل على دينك إنا عاملون على ديننا .

                                                                                                                                                                                                                                      قل إنما أنا بشر مثلكم أي: لولا الوحي لما دعوتكم .

                                                                                                                                                                                                                                      فاستقيموا إليه أي: توجهوا إليه بالطاعة، واستغفروه من الشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: الذين لا يؤتون الزكاة فيه خمسة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: لا يشهدون أن "لا إله إلا الله"، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، والمعنى: لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: لا يؤمنون بالزكاة ولا يقرون بها، قاله الحسن، وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 242 ] والثالث: لا يزكون أعمالهم، قاله مجاهد، والربيع .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: لا يتصدقون، ولا ينفقون في الطاعات، قاله الضحاك، ومقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      والخامس: لا يعطون زكاة أموالهم، قال ابن السائب: كانوا يحجون ويعتمرون ولا يزكون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: غير ممنون أي: غير مقطوع ولا منقوص .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية