الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
لما كان المرض من العوارض أخره ، ومعناه ضروري فتعريفه تعريف بالأخفى ، والمراد به هنا من عجز عن القيام بحوائجه خارج البيت كعجز الفقيه عن الإتيان إلى المسجد وعجز السوقي عن الإتيان إلى دكانه فأما من يذهب ويجيء ويحم فلا ، وهو الصحيح ، وهذا في حقه أما في حقها فيعتبر عجزها عن القيام بمصالحها داخل البيت كذا في البزازية ، وزاد في فتح القدير أن لا تقدر على الصعود إلى السطح ، وفي صلاة المريض الذي يباح له ترك القيام أن يكون بحيث يلحقه بالقيام ضرر على الأصح كما في الجوهرة ، وليس الحكم هنا مقصورا على المريض بل المراد من يخاف عليه الهلاك غالبا ، وإن كان صحيحا كما سيأتي ، وقد علم من كلامهما أنه nindex.php?page=treesubj&link=11774لا يجوز للزوج المريض التطليق لتعلق حقها بماله إلا إذا رضيت به ( قوله nindex.php?page=treesubj&link=14231_14229_14223_13660_13719_11774طلقها رجعيا أو بائنا في مرض موته ، ومات في عدتها ورثت وبعدها لا ) لأن الزوجية سبب إرثها في مرض موته ، والزوج قصد إبطاله فيرد عليه قصده بتأخير عمله إلى زمن انقضاء العدة دفعا للضرر عنها ، وقد أمكن لأن النكاح في العدة يبقى في حق بعض الآثار فجاز أن يبقى في حق إرثها عنه بخلاف ما بعد الانقضاء لأنه لا مكان ، والزوجية في هذه الحالة ليست بسبب لإرثه عنها فيبطل في حقه خصوصا إذا رضي به ، وفي الظهيرية ، وإن nindex.php?page=treesubj&link=14223_13719_11774كانت المطلقة في المرض مستحاضة ، وكان حيضها مختلفا ففي الميراث يؤخذ بالأقل لأن المال لا يستوجب بالشك ا هـ .
أطلق الرجعي ليفيد أنها ترث ، وإن طلق في الصحة ما دامت في العدة لبقاء الزوجية بينهما حقيقة حتى حل الوطء ، وورثها إذا ماتت فيها .
ولا يشترط أهليتها للإرث وقت الطلاق بل وقت موته حتى لو nindex.php?page=treesubj&link=14220_13719_13667_13665_11774كانت في الرجعي مملوكة أو كتابية ثم أعتقت أو أسلمت في العدة ورثته ، وأطلق البائن فشمل الواحدة والثلاث ، وترك المصنف قيد الطواعية ، ولا بد منه لأنه لو nindex.php?page=treesubj&link=11766_14225_11774أكره على طلاقها البائن لا ترث كما لو nindex.php?page=treesubj&link=25213_11766_14225_11774أكرهت على سؤالها الطلاق فإنها ترث كما في القنية ، وذكر في جامع الفصولين خلافا فيه ، وقيد بأن يكون في مرضه احترازا عما إذا طلق في الصحة ثم مرض ، ومات ، وهي في العدة لا ترث منه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=14229_11774قال صحيح لامرأتيه إحداكما طالق ثم بين في مرضه في إحداهما صار فارا بالبيان ، وترث لأنه كالإنشاء في حق الإرث للتهمة ، وتمامه في الكافي ، وأراد به المرض الذي اتصل به الموت لأن حقها لا يتعلق بماله إلا به فلو طلقها في مرضه ثم صح ثم مات ، وهي في العدة لا ترث منه كما سيأتي ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=14229_11774طلقها في مرضه ثم قتل أو مات من غير ذلك المرض غير أنه لم يبرأ فلها الميراث لأنه قد اتصل الموت بمرضه كذا في الظهيرية ، ولا بد في البائن أن تكون أهلا للميراث وقت الطلاق ، والموت ، وما بينهما ، وسيأتي ، ولا يشترط علمه بأهليتها للميراث حتى لو طلقها بائنا في مرضه ، وقد كان سيدها أعتقها قبل ، ولم يعلم به الزوج كان فارا .
وكذا لو كان nindex.php?page=treesubj&link=13665_14229_11774تحته كتابية فأسلمت فطلقها الزوج ثلاثا ، وهو لا يعلم بإسلامها كما في الظهيرية بخلاف ما لو nindex.php?page=treesubj&link=14231_13665_7560_11764قال المولى لأمته أنت حرة غدا ، وقال الزوج أنت طالق ثلاثا بعد غد إن علم الزوج بكلام المولى كان فارا ، وإلا فلا كما في الخانية لأنه [ ص: 47 ] وقت التعليق لم يقصد إبطال حقها حيث لم يعلم ، وإن صارت أهلا قبل نزول الطلاق ، ولم تكن حرة وقت التعليق لأن عتقها مضاف بخلاف ما إذا كانت حرة وقته ، ولم يعلم به لأنه أمر حكمي فلا يشترط العلم به ، ولو علق طلاقها البائن بعتقها كان فارا كما في الظهيرية ، ولو علق طلاقها بمرضه كما إذا nindex.php?page=treesubj&link=14232_27330_11774قال إن مرضت فأنت طالق ثلاثا يكون فارا لأنه جعل شرط الحنث المرض مطلقا كما في الولوالجية ، وصححه في الخانية ، وشمل كلامه ما إذا وكل بطلاقها ، وهو صحيح ثم مرض فطلق الوكيل بشرط أن يقدر على عزله أما إذا لم يستطع عزله حتى طلقها في مرضه لا ترث منه كما في الظهيرية ، وفي الولوالجية لو nindex.php?page=treesubj&link=14229_11774قالت بعد موته طلقني في مرضه ثلاثا ، وكذبها الورثة في الطلاق في المرض ورثته لأنهم يدعون عليها الحرمان بالطلاق في الصحة ، وهي تنكر فيكون القول لها كما لو قالت طلقني ، وهو نائم ، وقالوا في اليقظة كان القول لها ، وفي الخانية لو nindex.php?page=treesubj&link=13665_13667_13718كانت المرأة أمة قد عتقت ، ومات الزوج فادعت المرأة العتق في حياة الزوج ، وادعت الورثة أنه كان بعد موته فالقول للورثة ، ولا يعتبر قول مولاها كما إذا ادعت أنها أسلمت في حياته ، وقال الورثة أسلمت بعد موته فالقول لهم ، والقول لها في أنه مات قبل انقضاء عدتها مع اليمين فإن نكلت لا إرث لها ، ولو تزوجت قبل موته ثم قالت لم تنقض عدتي لا يقبل قولها ، ولو لم تتزوج لكنها قالت أيست ثم مات بعد مضي ثلاثة أشهر من وقت إقرارها لا ميراث لها ا هـ .
وفي المحيط وإن لم يعلم منها كفر فقالت الورثة كنت كتابية ، وأسلمت بعد موت الزوج ، وهي تقول ما زلت مسلمة فالقول قولها لأن الورثة يدعون بطلان حقها ، وهي تنكر ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=13667مات الزوج كافرا فقالت امرأة مسلمة أسلمت بعد موت زوجي ، وقالت الورثة بل كنت مسلمة قبل موته فالقول لهم لأنه ظهر بطلان حقها حيث كانت مسلمة للحال فهي تدعي ثبوت حقها في ماله ، والورثة ينكرونه . ا هـ .
وأشار بقوله في عدتها إلى أنها مدخولة فلو أبانها قبل الدخول بها فلا ميراث لها لأنه تعذر إبقاء الزوجية في غير حالة العدة كما في المحيط ، وقيد بموته لأنه لو ماتت المرأة لم يرثها الزوج بحال لأن الزوج بالطلاق رضي ببطلان حقه كذا في المحيط ، وفي جامع الفصولين طلقها في المرض فمات بعد مضي العدة فالمشكل من متاع البيت لوارث الزوج إذا صارت أجنبية بمضي العدة ، ولم يبق لها يد ، ولو مات قبل العدة فالمشكل من متاع البيت للمرأة عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لأنها ترث فلم تكن أجنبية فكأنه مات قبل الطلاق . ا هـ . .
( قوله وزاد في فتح القدير أن لا تقدر إلخ ) قال في النهر ، ومقتضى الأول أنها لو قدرت على نحو الطبخ دون صعود السطح لم تكن مريضة ، وهو الظاهر ( قوله وقد علم من كلامهم أنه لا يجوز إلخ ) قال في النهر فيه نظر لأن الشارع حيث رد عليه قصده لم يكن آتيا إلا بصورة الإبطال لا بحقيقته فتدبر . ا هـ .
وقد يقال لو لم يكن ذلك القصد محظورا لم يرده عليه الشارع كمن قتل مورثه ( قوله أطلق الرجعي ليفيد إلخ ) قال في النهر ، وعندي أنه كان ينبغي حذف الرجعي من هذا الباب لأنها فيه ترث ، ولو طلقها في الصحة ما بقيت العدة بخلاف البائن فإنها لا ترثه إلا إذا كان في المرض ، وقد أحسن nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري في اقتصاره على البائن ، ولم أر من نبه على هذا ( قوله ، وذكر في جامع الفصولين خلافا فيه ) ، وذلك حيث قال وسئل عمن nindex.php?page=treesubj&link=14229_11774_11766أكره على التطليق في مرضه ثم مات قال ترثه إذ الإكراه لا يؤثر في الطلاق بدليل وقوع طلاق المكره ، ولا رواية لهذا في الكتب قال وقال بعض الفقهاء ينبغي أن لا ترثه للجبر إذ ذكر أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=27177_13666أكره على قتل مورثه فقتله يرثه لا المكره لو ، وارثا ، ولم يوجد منه القتل قال صط بعد ذلك لا ترثه فإني وجدت رواية في الفرائض تدل على عدم الإرث . ا هـ .
( قوله صار فارا بالبيان إلخ ) قال في النهر ، وعلى هذا فينبغي أنه لو حلف ، وهو صحيح لكنه حنث ، وهو مريض فبينه في واحدة أنه يكون فارا أيضا ، ولم أره ( قوله إن علم الزوج بكلام المولى كان فارا ، وإلا فلا ) ظاهر هذا [ ص: 47 ] أن الواقع عليها ثلاث طلقات في هذه الصورة إذ لا فرار في الرجعي ومقتضى ما مر في التعليق ، ويأتي أيضا أول باب الرجعة من أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=23237_23236_11739_27330قال لزوجته الأمة إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم أعتقها مولاها فدخلت وقع ثنتان ، ويملك الرجعة أن يكون الواقع هنا أيضا ثنتين فليتأمل .
[ ص: 46 ] باب طلاق المريض ) .
( قوله وزاد في فتح القدير أن لا تقدر إلخ ) قال في النهر ، ومقتضى الأول أنها لو قدرت على نحو الطبخ دون صعود السطح لم تكن مريضة ، وهو الظاهر ( قوله وقد علم من كلامهم أنه لا يجوز إلخ ) قال في النهر فيه نظر لأن الشارع حيث رد عليه قصده لم يكن آتيا إلا بصورة الإبطال لا بحقيقته فتدبر . ا هـ .
وقد يقال لو لم يكن ذلك القصد محظورا لم يرده عليه الشارع كمن قتل مورثه ( قوله أطلق الرجعي ليفيد إلخ ) قال في النهر ، وعندي أنه كان ينبغي حذف الرجعي من هذا الباب لأنها فيه ترث ، ولو طلقها في الصحة ما بقيت العدة بخلاف البائن فإنها لا ترثه إلا إذا كان في المرض ، وقد أحسن nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري في اقتصاره على البائن ، ولم أر من نبه على هذا ( قوله ، وذكر في جامع الفصولين خلافا فيه ) ، وذلك حيث قال وسئل عمن nindex.php?page=treesubj&link=14229_11774_11766أكره على التطليق في مرضه ثم مات قال ترثه إذ الإكراه لا يؤثر في الطلاق بدليل وقوع طلاق المكره ، ولا رواية لهذا في الكتب قال وقال بعض الفقهاء ينبغي أن لا ترثه للجبر إذ ذكر أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=27177_13666أكره على قتل مورثه فقتله يرثه لا المكره لو ، وارثا ، ولم يوجد منه القتل قال صط بعد ذلك لا ترثه فإني وجدت رواية في الفرائض تدل على عدم الإرث . ا هـ .
( قوله صار فارا بالبيان إلخ ) قال في النهر ، وعلى هذا فينبغي أنه لو حلف ، وهو صحيح لكنه حنث ، وهو مريض فبينه في واحدة أنه يكون فارا أيضا ، ولم أره ( قوله إن علم الزوج بكلام المولى كان فارا ، وإلا فلا ) ظاهر هذا [ ص: 47 ] أن الواقع عليها ثلاث طلقات في هذه الصورة إذ لا فرار في الرجعي ومقتضى ما مر في التعليق ، ويأتي أيضا أول باب الرجعة من أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=23237_23236_11739_27330قال لزوجته الأمة إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم أعتقها مولاها فدخلت وقع ثنتان ، ويملك الرجعة أن يكون الواقع هنا أيضا ثنتين فليتأمل .