الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 4532 ] أما حاله هو؛ وهي حال الإيمان؛ فقد قال فيها: لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا "لكن "؛ تفيد الاستدراك على ما قاله صاحبه؛ وبيان أن حاله ليست كحاله؛ إنما حاله حال إذعان لله (تعالى)؛ وحده؛ على خلاف حال صاحبه؛ من إشراك بالله؛ واستهانة بالبعث؛ ونلاحظ في المصحف أن ألفا بعد النون في "لكنا "؛ وهو يتحدث وحده؛ ونحسب أن كتابته ليست عبثا؛ أو لغير معنى؛ بل إن كتابته تنبيه على بعد الحال المستدركة بين الرجلين؛ فبينا الأول كان طاغيا؛ مفاخرا؛ مغرورا؛ فهذا موحد؛ متطامن؛ شاكر لله (تعالى) أنعمه؛ في سرائه؛ وضرائه؛ فأمره كله إليه - سبحانه -؛ لا يملك من أمره شيئا أبدا؛ وقوله: هو الله ربي تفويض مطلق لذي الجلال والإكرام; لأنه ربه الذي خلقه؛ وقام عليه حتى بلغ ما بلغ بين الأحياء; لأنه الحي القيوم؛ وأكد الوحدانية بقوله: ولا أشرك بربي أحدا وهذا تعريض بالذين يؤمنون بأن الله (تعالى) خالق السماوات والأرض؛ وأنه لا خالق سواه؛ ومع ذلك عند العبادة يشركون به؛ وقوله (تعالى): "بربي "؛ يفيد - مع ما سبق - علة العبادة؛ وعدم الإشراك فيها؛ ويقولون هو خبر لمبتدإ محذوف؛ تقديره: لكن الأمر هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا "؛ وينتقل إلى توبيخ صاحبه؛ وتنبيهه إلى وجوب الشكر؛ فيقول - كما حكاه الله (تعالى) -:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية