[ ص: 178 ] [ ص: 179 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الحج
سميت هذه السورة الحج في زمن النبيء - صلى الله عليه وسلم - . أخرج أبو داود ، عن والترمذي قال : قلت : عقبة بن عامر . يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين ؟ قال : نعم
وأخرج أبو داود ، وابن ماجه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل ، وفي سورة الحج سجدتان عمرو بن العاص . وليس لهذه السورة اسم غير هذا . عن
ووجه تسميتها سورة الحج أن الله ذكر فيها كيف أمر إبراهيم - عليه السلام - بالدعوة إلى حج البيت الحرام ، وذكر ما شرع للناس يومئذ من النسك تنويها بالحج وما فيه من فضائل ومنافع ، وتقريعا للذين يصدون المؤمنين عن المسجد الحرام وإن كان نزولها قبل أن فرض الحج على المسلمين بالاتفاق ، وإنما فرض الحج بالآيات التي في سورة البقرة وفي سورة آل عمران . [ ص: 180 ] واختلف في هذه السورة هل هي مكية أو مدنية . أو كثير منها مكي وكثير منها مدني .
فعن ابن عباس ومجاهد وعطاء : هي مكية إلا ثلاث آيات من قوله هذان خصمان إلى وذوقوا عذاب الحريق . قال ابن عطية : وعد النقاش ما نزل منها بالمدينة عشر آيات .
وعن أيضا ابن عباس والضحاك وقتادة والحسن : هي مدنية إلا آيات ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) إلى قوله تعالى أو يأتيهم عذاب يوم عقيم فهن مكيات .
وعن مجاهد ، عن ابن الزبير : أنها مدنية . ورواه عن العوفي . وقال الجمهور هذه السورة بعضها مكي وبعضها مدني وهي مختلطة ، أي لا يعرف المكي بعينه ، والمدني بعينه . قال ابن عباس ابن عطية : وهو الأصح .
وأقول : ليس هذا القول مثل ما يكثر أن يقولوه في بضع آيات من عدة سور : أنها نزلت في غير البلد الذي نزل فيه أكثر السورة المستثنى منها ، بل أرادوا أن كثيرا منها مكي وأن مثله أو يقاربه مدني ، وأنه لا يتعين ما هو مكي منها وما هو مدني ولذلك عبروا بقولهم : هي مختلطة . قال ابن عطية : روي عن أنه قال : نزل أول السورة في السفر فنادى رسول الله بها فاجتمع إليه الناس وساق الحديث الذي سيأتي . يريد أنس بن مالك ابن عطية أن نزولها في السفر يقتضي أنها نزلت بعد الهجرة . ويشبه أن يكون أولها نزل بمكة فإن افتتاحها بـ ( يا أيها الناس ) جار على سنن فواتح السور المكية . وفي أساليب نظم كثير [ ص: 181 ] من آياتها ما يلائم أسلوب القرآن النازل بمكة . ومع هذا فليس الافتتاح بـ ( يا أيها الناس ) بمعين أن تكون مكية ، وإنما قال ( يا أيها الناس ) يراد به المشركون . ولذا فيجوز أن يوجه الخطاب به إلى المشركين في ابن عباس المدينة في أول مدة حلول النبيء - صلى الله عليه وسلم - بها ، فإن قوله إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام يناسب أنه نزل بالمدينة حيث صد المشركون النبيء والمؤمنين عن البقاء معهم بمكة . وكذلك قوله أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق فإنه صريح في أنه نزل في شأن الهجرة .
روى الترمذي بسنده عن قال : لما أخرج النبيء من ابن عباس مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيئهم ليهلكن فأنزل الله أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ، وكذلك قوله والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا ففيه ذكر الهجرة وذكر من يقتل من المهاجرين وذلك مؤذن بجهاد متوقع كما سيجيء هنالك .
وأحسب أنه لم تتعين طائفة منها متوالية نزلت بمكة ونزل ما بعدها بالمدينة بل نزلت آياتها متفرقة . ولعل ترتيبها كان بتوقيف من النبيء - صلى الله عليه وسلم - ومثل ذلك كثير . وقد قيل في قوله تعالى هذان خصمان اختصموا في ربهم أنه نزل في وقعة بدر ، لما في الصحيح عن علي وأبي ذر : أنها نزلت في مبارزة حمزة وعلي مع وعبيدة بن الحارث شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة يوم والوليد بن عتبة بدر وكان أبو ذر يقسم على ذلك . [ ص: 182 ] ولذلك فأنا أحسب هذه السورة نازلا بعضها آخر مدة مقام النبيء - صلى الله عليه وسلم - بمكة كما يقتضيه افتتاحها بـ ( يا أيها الناس ) فقد تقرر أن ذلك الغالب في أساليب القرآن المكي ، وأن بقيتها نزلت في مدة مقام النبيء - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة . وروى الترمذي وحسنه وصححه عن عن ابن أبي عمر ، سفيان عن ابن جدعان ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم إلى قوله ولكن عذاب الله شديد . قال : أنزلت عليه هذه وهو في سفر ؟ فقال : " أتدرون ؟ " وساق حديثا طويلا . فاقتضى قوله : أنزلت عليه وهو في سفر ، أن هذه السورة أنزلت على النبيء - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة فإن أسفاره كانت في الغزوات ونحوها بعد الهجرة . وفي رواية عنه أن ذلك السفر في غزوة أنه لما نزلت على النبيء - صلى الله عليه وسلم - بني المصطلق من خزاعة وتلك الغزوة في سنة أربع أو خمس ، فالظاهر من قوله " أنزلت وهو في سفر " أن لم يسمع الآية إلا يومئذ فظنها أنزلت يومئذ فإن عمران بن حصين ما أسلم إلا عام عمران بن حصين خيبر وهو عام سبعة ، أو أن أحد رواة الحديث أدرج كلمة أنزلت عليه وهو في سفر في كلام ولم يقله عمران بن حصين عمران . ولذلك لا يوجد هذا اللفظ فيما روى الترمذي وحسنه وصححه أيضا عن عن محمد ابن بشار ، عن يحيى بن سعيد عن هشام بن أبي عبد الله قتادة ، عن الحسن ، عن قال : عمران بن حصين يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم إلى قوله ولكن عذاب الله شديد [ ص: 183 ] إلى آخره . فرواية كنا مع النبيء في سفر فرفع صوته بهاتين الآيتين قتادة عن الحسن أثبت من رواية ابن جدعان عن الحسن ، لأن قال فيه ابن جدعان واسمه علي بن زيد أحمد : ليس بالقوي . وقال فيه وأبو زرعة : سيء الحفظ ، وقد كان اختلط فينبغي عدم اعتماد ما انفرد به من الزيادة . وروى ابن خزيمة ابن عطية عن أنه قال : أنزل أول هذه السورة على رسول الله في سفر . ولم يسنده أنس بن مالك ابن عطية .
وذكر القرطبي عن الغزنوي أنه قال : سورة الحج من أعاجيب السور نزلت ليلا ونهارا ، سفرا وحضرا ، مكيا ومدنيا ، سلميا وحربيا ، ناسخا ومنسوخا ، محكما ومتشابها .
وقد عدت السورة الخامسة والمائة في عداد نزول سور القرآن في رواية عن جابر بن زيد ، قال : نزلت بعد سورة النور وقبل سورة المنافقين . وهذا يقتضي أنها عنده مدنية كلها لأن سورة النور وسورة المنافقين مدنيتان فينبغي أن يتوقف في اعتماد هذا فيها . ابن عباس
وعدت آياتها عند أهل المدينة ومكة : سبعا وسبعين . وعدها أهل الشام : أربعا وسبعين . وعدها أهل البصرة : خمسا وسبعين : وعدها أهل الكوفة : ثمانا وسبعين .
سورة الحج
- مقدمة السورة
- قوله تعالى أغراض السورة
- قوله تعالى يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم
- قوله تعالى يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت
- قوله تعالى ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد
- قوله تعالى كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير
- قوله تعالى يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة
- قوله تعالى وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج
- قوله تعالى ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير
- قوله تعالى ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير
- قوله تعالى ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به
- قوله تعالى يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد
- قوله تعالى يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير
- قوله تعالى إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار
- قوله تعالى من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء
- قوله تعالى وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد
- قوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا
- قوله تعالى ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر
- قوله تعالى هذان خصمان اختصموا في ربهم
- قوله تعالى إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار
- قوله تعالى إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله
- قوله تعالى وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا
- قوله تعالى وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا
- قوله تعالى ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق
- قوله تعالى ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه
- قوله تعالى وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان
- قوله تعالى ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير
- قوله تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب
- قوله تعالى لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق
- قوله تعالى ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام
- قوله تعالى وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم
- قوله تعالى والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير
- قوله تعالى لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم
- قوله تعالى كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين
- قوله تعالى إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور
- قوله تعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير
- قوله تعالى الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله
- قوله تعالى ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات
- قوله تعالى الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة
- قوله تعالى ولله عاقبة الأمور
- قوله تعالى وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود
- قوله تعالى فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها
- قوله تعالى أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها
- قوله تعالى ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده
- قوله تعالى وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير
- قوله تعالى قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين
- قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيء إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته
- قوله تعالى ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة
- قوله تعالى الملك يومئذ لله يحكم بينهم
- قوله تعالى ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله
- قوله تعالى ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل
- قوله تعالى ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل
- قوله تعالى ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة
- قوله تعالى له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد
- قوله تعالى ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره
- قوله تعالى وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم
- قوله تعالى إن الإنسان لكفور
- قوله تعالى لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر
- قوله تعالى وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون
- قوله تعالى ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض
- قوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا
- قوله تعالى وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر
- قوله تعالى قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير
- قوله تعالى يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له
- قوله تعالى ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز
- قوله تعالى الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير
- قوله تعالى يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور
- قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون
- قوله تعالى وجاهدوا في الله حق جهاده
- قوله تعالى هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج
- قوله تعالى فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم