الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا "الحسنى "؛ مبتدأ؛ خبره الجار والمجرور؛ أي: فالحسنى له جزاء؛ فـ "جزاء "؛ تمييز محول عن الخبر؛ وكان التمييز متضمنا البيان بعد الإبهام؛ أو الإجمال؛ وفي ذلك فضل بيان وبلاغة؛ وقال: "فله "؛ اللام للاختصاص؛ وكان من كرم الله أن جعله حقا للمحسن؛ وليس عطاء يعطى أعطية؛ وكان ذلك منا وفضلا. [ ص: 4581 ] وإن هذا الجزاء؛ الذي هو الحسنى؛ في أعلى درجات الجنة; لأنه مؤنث "أحسن "؛ لمن قامت به حالان؛ الحال الأولى: إيمان صادق؛ تتطهر فيه النفس والعقل والقلب من شرك الجاهلية؛ وأوهامه؛ والحال الثانية: عمل صالح يزكي النفس؛ وينفع الجمع؛ ويكون فيه خير للناس.

                                                          وذكر جزاء ثانيا؛ فوق الحسنى - وهي نعم الجزاء -؛ وهو ما جاء في قوله: وسنقول له من أمرنا يسرا "القول اليسر "؛ هو هذا القول الذي ييسر الأمور ويسهلها؛ وذلك بأن يقربه إليه؛ ويسهل له أسباب الوصول والتمكين والحكم؛ والقول المشجع على الخير من ملك عادل؛ يدني المصلح الصالح؛ ويبعد المفسد الفاسد.

                                                          ولقد أقام العدل في أقوام الغرب؛ وأقام ما شاء أن يقيم لتثبيت العدل؛ ودعم أركانه؛ بعد إقامة بنيانه؛ ثم اتجه المصلح العادل من ذلك إلى الشرق; ولذا قال (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية