الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أذن في إتيان النساء في محل الحرث كيف ما اتفق ومنع مما سوى ذلك ومنع من محل الحرث في حال الحيض بين حكم ما إذا منع الإنسان نفسه من ذلك بالإيلاء أو بمطلق اليمين ولو على غير سبيل الإيلاء لأنه نقل عن كثير منهم شدة الميل إلى النكاح فكان يخشى المواقعة في حال المنع فتحمله شدة الورع على أن يمنع نفسه بمانع [ ص: 284 ] مظاهرة كما بين في سورة المجادلة أو غيرها من الأيمان فمنعهم من ذلك بقوله تعالى عادلا عن خطاب نبيه صلى الله عليه وسلم تعظيما لمقامه: ولا تجعلوا الله أي الذي لا شيء يداني جلاله وعظمته وكماله عرضة أي معرضا لأيمانكم فيكون في موضع ما يمتهن ويبتذل فإن ذلك إذا طال حمل على الاجتراء على الكذب فجر إلى أقبح [ ص: 285 ] الأشياء.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الحرالي : والعرضة ذكر الشيء وأخذه على غير قصد له ولا صمد نحوه بل له صمد غيره أن أي لأجل أن تبروا في أموال اليتامى وغيرها مما تقدم الأمر به أو النهي عنه وتتقوا أي تحملكم أيمانكم على البر وهو الاتساع في كل خلق جميل والتقوى وهي التوغل في خوف الله سبحانه وتعالى وتصلحوا بين الناس فتجعلوا الأيمان لكم ديدنا فتحلفون تارة أن تفعلوا وتارة أن لا تفعلوا لإلزام أنفسكم بتلك الأشياء فإن من لا ينقاد إلى الخير إلا بقائد من يمين أو غيرها ليس بصادق العزيمة، وفي الأمثال: فرس لا تجري إلا بمهماز بئس الفرس.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما أرشد السياق والعطف على غير مذكور إلى أن التقدير: فالله [ ص: 286 ] جليل عظيم عطف عليه قوله: والله أي بما له من العز والعظمة سميع لجميع ما يكون من ذلك وغيره عليم بما أسر منه وما أعلن، فاحذروه في جميع ما يأمركم به وينهاكم عنه، ويجوز أن يكون الجملة حالا من واو تجعلوا فلا يكون هناك مقدر ويكون الإظهار موضع الإضمار لتعظيم المقام.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية