nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28995_33679يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار [ ص: 264 ] التقليب تغيير هيئة إلى ضدها . ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=42فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها أي يدير كفيه من ظاهر إلى باطن ، فتقليب الليل والنهار تغيير الأفق من حالة الليل إلى حالة الضياء ومن حالة النهار إلى حالة الظلام ، فالمقلب هو الجو بما يختلف عليه من الأعراض ولكن لما كانت حالة ظلمة الجو تسمى ليلا وحالة نوره تسمى نهارا عبر عن الجو في حالتيه بهما ، وعدي التقليب إليهما بهذا الاعتبار .
ومما يدخل في معنى التقليب تغيير هيئة الليل والنهار بالطول والقصر . ولرعي تكرر التقلب بمعنييه عبر بالمضارع المقتضي للتكرر والتجدد .
والكلام استئناف . وجيء به مستأنفا غير معطوف على آيات الاعتبار المذكور قبله ; لأنه أريد الانتقال من الاستدلال بما قد يخفى على بعض الأبصار إلى الاستدلال بما يشاهده كل ذي بصر كل يوم وكل شهر ، فهو لا يكاد يخفى على ذي بصر . وهذا تدرج في موقع هذه الجملة عقب جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار كما أشرنا إليه آنفا . ولذلك فالمقصود من الكلام هو جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ، ولكن بني نظم الكلام على تقديم الجملة الفعلية لما تقتضيه من إفادة التجدد بخلاف أن يقال : إن في تقليب الليل والنهار لعبرة .
والإشارة الواقعة في قوله : ( إن في ذلك ) إلى ما تضمنه فعل ( يقلب ) من المصدر . أي إن في التقليب . ويرجح هذا القصد ذكر العبرة بلفظ المفرد المنكر .
والتأكيد بـ ( إن ) إما لمجرد الاهتمام بالخبر وإما لتنزيل المشركين في تركهم الاعتبار بذلك منزلة من ينكر أن في ذلك عبرة .
[ ص: 265 ] وقيل : الإشارة بقوله : ( إن في ذلك ) إلى جميع ما ذكر آنفا ابتداء من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ألم تر أن الله يزجي سحابا فيكون الإفراد في قوله : ( لعبرة ) ناظرا إلى أن مجموع ذلك يفيد جنس العبرة الجامعة لليقين بأن الله هو المتصرف في الكون .
ولم ترد العبرة في القرآن معرفة بلام الجنس ولا مذكورة بلفظ الجمع .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28995_33679يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ [ ص: 264 ] التَّقْلِيبُ تَغْيِيرُ هَيْئَةٍ إِلَى ضِدِّهَا . وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=42فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا أَيْ يُدِيرُ كَفَّيْهِ مِنْ ظَاهِرٍ إِلَى بَاطِنٍ ، فَتَقْلِيبُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ تَغْيِيرُ الْأُفُقِ مِنْ حَالَةِ اللَّيْلِ إِلَى حَالَةِ الضِّيَاءِ وَمِنْ حَالَةِ النَّهَارِ إِلَى حَالَةِ الظَّلَامِ ، فَالْمُقَلَّبُ هُوَ الْجَوُّ بِمَا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَعْرَاضِ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ حَالَةُ ظُلْمَةِ الْجَوِّ تُسَمَّى لَيْلًا وَحَالَةُ نُورِهِ تُسَمَّى نَهَارًا عَبَّرَ عَنِ الْجَوِّ فِي حَالَتَيْهِ بِهِمَا ، وَعُدِّيَ التَّقْلِيبُ إِلَيْهِمَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ .
وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى التَّقْلِيبِ تَغْيِيرُ هَيْئَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِالطُّولِ وَالْقِصَرِ . وَلِرَعْيِ تَكَرُّرِ التَّقَلُّبِ بِمَعْنَيَيْهِ عَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ الْمُقْتَضِي لِلتَّكَرُّرِ وَالتَّجَدُّدِ .
وَالْكَلَامُ اسْتِئْنَافٌ . وَجِيءَ بِهِ مُسْتَأْنِفًا غَيْرَ مَعْطُوفٍ عَلَى آيَاتِ الِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ ; لِأَنَّهُ أُرِيدَ الِانْتِقَالُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِمَا قَدْ يَخْفَى عَلَى بَعْضِ الْأَبْصَارِ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِمَا يُشَاهِدُهُ كُلُّ ذِي بَصَرٍ كُلَّ يَوْمٍ وَكُلَّ شَهْرٍ ، فَهُوَ لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى ذِي بَصَرٍ . وَهَذَا تَدَرُّجٌ فِي مَوْقِعِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَقِبَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ آنِفًا . وَلِذَلِكَ فَالْمَقْصُودُ مِنَ الْكَلَامِ هُوَ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ، وَلَكِنْ بُنِيَ نَظْمُ الْكَلَامِ عَلَى تَقْدِيمِ الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ لِمَا تَقْتَضِيهِ مِنْ إِفَادَةِ التَّجَدُّدِ بِخِلَافِ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ فِي تَقْلِيبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَعِبْرَةً .
وَالْإِشَارَةُ الْوَاقِعَةُ فِي قَوْلِهِ : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ ) إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ فِعْلُ ( يُقَلِّبُ ) مِنَ الْمَصْدَرِ . أَيْ إِنَّ فِي التَّقْلِيبِ . وَيُرَجِّحُ هَذَا الْقَصْدَ ذِكْرُ الْعِبْرَةِ بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ الْمُنْكَرِ .
وَالتَّأْكِيدُ بِـ ( إِنَّ ) إِمَّا لِمُجَرَّدِ الِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ وَإِمَّا لِتَنْزِيلِ الْمُشْرِكِينَ فِي تَرْكِهِمْ الِاعْتِبَارَ بِذَلِكَ مَنْزِلَةَ مَنْ يُنْكِرُ أَنَّ فِي ذَلِكَ عِبْرَةً .
[ ص: 265 ] وَقِيلَ : الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ ) إِلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ آنِفًا ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا فَيَكُونُ الْإِفْرَادُ فِي قَوْلِهِ : ( لَعِبْرَةً ) نَاظِرًا إِلَى أَنَّ مَجْمُوعَ ذَلِكَ يُفِيدُ جِنْسَ الْعِبْرَةِ الْجَامِعَةِ لِلْيَقِينِ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْكَوْنِ .
وَلَمْ تَرِدِ الْعِبْرَةُ فِي الْقُرْآنِ مُعَرَّفَةً بِلَامِ الْجِنْسِ وَلَا مَذْكُورَةً بِلَفْظِ الْجَمْعِ .