nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28995_33679_32405والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير
لما كان الاعتبار بتساوي أجناس الحيوان في أصل التكوين من ماء التناسل مع الاختلاف في أول أحوال تلك الأجناس في آثار الخلقة وهو حال المشي إنما هو باستمرار ذلك النظام بدون تخلف وكان ذلك محققا كان إفراغ هذا المعنى بتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي مفيدا لأمرين : التحقق بالتقديم على الخبر الفعلي ، والتجدد بكون الخبر فعليا .
وإظهار اسم الجلالة دون الإضمار للتنويه بهذا الخلق العجيب .
واختير فعل المضي للدلالة على تقرير التقوى بأن هذا شأن متقرر منذ القدم مع عدم فوات الدلالة على التكرير حيث عقب الكلام بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45يخلق الله ما يشاء .
وقرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45والله خلق كل دابة بصيغة فعل المضي ونصب ( كل ) . وقرأه الكسائي (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45والله خالق كل دابة ) بصيغة اسم الفاعل وجر ( كل ) بإضافة اسم الفاعل إلى مفعوله .
[ ص: 266 ] والدابة : ما دب على وجه الأرض ، أي مشى . وغلب هنا الإنسان فأتي بضمير العقلاء مرادا به الإنسان وغيره مرتين .
وتنكير ( ماء ) لإرادة النوعية تنبيها على اختلاف صفات الماء لكل نوع من الدواب إذ المقصود تنبيه الناس إلى اختلاف النطف للزيادة في الاعتبار .
وهذا بخلاف قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=30وجعلنا من الماء كل شيء حي إذ قصد ثمة إلى أن أجناس الحيوان كلها مخلوقة من جنس الماء وهو جنس واحد اختلفت أنواعه ، فتعريف الجنس هناك إشارة إلى ما يعرفه الناس إجمالا ويعهدونه من أن الحيوان كله مخلوق من نطف أصوله . وهذا مناط الفرق بين التنكير كما هنا وبين تعريف الجنس كما في آية
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=30وجعلنا من الماء كل شيء حي .
و ( من ) ابتدائية متعلقة بـ ( خلق ) .
ورتب ذكر الأجناس في حال المشي على ترتيب قوة دلالتها على عظم القدرة ; لأن الماشي بلا آلة مشي متمكنة أعجب من الماشي على رجلين ، وهذا المشي زحفا . أطلق المشي على الزحف بالبطن للمشاكلة مع بقية الأنواع . وليس في الآية ما يقتضي حصر المشي في هذه الأحوال الثلاثة ; لأن المقصود الاعتبار بالغالب المشاهد .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45يخلق الله ما يشاء زيادة في العبرة; أي : يتجدد خلق الله ما يشاء أن يخلقه مما علمتم وما لم تعلموا ، فهي جملة مستأنفة .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45إن الله على كل شيء قدير تعليل وتذييل . ووقع فيه إظهار اسم الجلالة في مقام الإضمار ليكون كاملا مستقلا بذاته ; لأن شأن التذييل أن يكون كالمثل .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28995_33679_32405وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
لَمَّا كَانَ الِاعْتِبَارُ بِتَسَاوِي أَجْنَاسِ الْحَيَوَانِ فِي أَصْلِ التَّكْوِينِ مِنْ مَاءِ التَّنَاسُلِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي أَوَّلِ أَحْوَالِ تِلْكَ الْأَجْنَاسِ فِي آثَارِ الْخِلْقَةِ وَهُوَ حَالُ الْمَشْيِ إِنَّمَا هُوَ بِاسْتِمْرَارِ ذَلِكَ النِّظَامِ بِدُونِ تَخَلُّفٍ وَكَانَ ذَلِكَ مُحَقَّقًا كَانَ إِفْرَاغُ هَذَا الْمَعْنَى بِتَقْدِيمِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ مُفِيدًا لِأَمْرَيْنِ : التَّحَقُّقُ بِالتَّقْدِيمِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ ، وَالتَّجَدُّدُ بِكَوْنِ الْخَبَرِ فِعْلِيًّا .
وَإِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ دُونَ الْإِضْمَارِ لِلتَّنْوِيهِ بِهَذَا الْخَلْقِ الْعَجِيبِ .
وَاخْتِيرَ فِعْلُ الْمُضِيِّ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَقْرِيرِ التَّقْوَى بِأَنَّ هَذَا شَأْنٌ مُتَقَرَّرٌ مُنْذُ الْقِدَمِ مَعَ عَدَمِ فَوَاتِ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّكْرِيرِ حَيْثُ عُقِّبَ الْكَلَامُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ بِصِيغَةِ فِعْلِ الْمُضِيِّ وَنَصْبِ ( كُلَّ ) . وَقَرَأَهُ الْكِسَائِيُّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَاللَّهُ خَالِقُ كُلِّ دَابَّةٍ ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَجَرِّ ( كُلِّ ) بِإِضَافَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ إِلَى مَفْعُولِهِ .
[ ص: 266 ] وَالدَّابَّةُ : مَا دَبَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، أَيْ مَشَى . وَغُلِّبَ هُنَا الْإِنْسَانُ فَأُتِي بِضَمِيرِ الْعُقَلَاءِ مُرَادًا بِهِ الْإِنْسَانُ وَغَيْرُهُ مَرَّتَيْنِ .
وَتَنْكِيرُ ( مَاءٍ ) لِإِرَادَةِ النَّوْعِيَّةِ تَنْبِيهًا عَلَى اخْتِلَافِ صِفَاتِ الْمَاءِ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الدَّوَابِّ إِذِ الْمَقْصُودُ تَنْبِيهُ النَّاسِ إِلَى اخْتِلَافِ النُّطَفِ لِلزِّيَادَةِ فِي الِاعْتِبَارِ .
وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=30وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ إِذْ قَصَدَ ثَمَّةَ إِلَى أَنَّ أَجْنَاسَ الْحَيَوَانِ كُلَّهَا مَخْلُوقَةٌ مِنْ جِنْسِ الْمَاءِ وَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ ، فَتَعْرِيفُ الْجِنْسِ هُنَاكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ إِجْمَالًا وَيَعْهَدُونَهُ مِنْ أَنَّ الْحَيَوَانَ كُلَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ نُطَفِ أُصُولِهِ . وَهَذَا مَنَاطُ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّنْكِيرِ كَمَا هُنَا وَبَيْنَ تَعْرِيفِ الْجِنْسِ كَمَا فِي آيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=30وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ .
وَ ( مِنْ ) ابْتِدَائِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ( خَلَقَ ) .
وَرُتِّبَ ذِكْرُ الْأَجْنَاسِ فِي حَالِ الْمَشْيِ عَلَى تَرْتِيبِ قُوَّةِ دَلَالَتِهَا عَلَى عِظَمِ الْقُدْرَةِ ; لِأَنَّ الْمَاشِيَ بِلَا آلَةِ مَشْيٍ مُتَمَكِّنَةٍ أَعْجَبُ مِنَ الْمَاشِي عَلَى رِجْلَيْنِ ، وَهَذَا الْمَشْيُ زَحْفًا . أَطْلَقَ الْمَشْيَ عَلَى الزَّحْفِ بِالْبَطْنِ لِلْمُشَاكَلَةِ مَعَ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ . وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَقْتَضِي حَصْرَ الْمَشْيِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِاعْتِبَارُ بِالْغَالِبِ الْمُشَاهَدِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ زِيَادَةٌ فِي الْعِبْرَةِ; أَيْ : يَتَجَدَّدُ خَلْقُ اللَّهِ مَا يَشَاءُ أَنْ يَخْلُقَهُ مِمَّا عَلِمْتُمْ وَمَا لَمْ تَعْلَمُوا ، فَهِيَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تَعْلِيلٌ وَتَذْيِيلٌ . وَوَقَعَ فِيهِ إِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِيَكُونَ كَامِلًا مُسْتَقِلًّا بِذَاتِهِ ; لِأَنَّ شَأْنَ التَّذْيِيلِ أَنْ يَكُونَ كَالْمَثَلِ .