الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          تلقي الكفار للرسالات

                                                          قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين

                                                          بعد أن ذكر - سبحانه وتعالى - الإنذارات في الآيات السابقة؛ بين - سبحانه - أن الإنذار بوحي من الله؛ وأنه ليس من عند محمد الذي يستهزئون به؛ إنما هو من عند الله خالق السماوات والأرض؛ الذي يلجؤون إليه عندما يحاط بهم ويضرعون إليه إذا مسهم الضر؛ ومن كان ملجأ لهم في شدائد؛ هو منزل العذاب في كفرهم؛ ولذا قال (تعالى): [ ص: 4873 ] قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - يأمره - سبحانه - بأن يقول لهم: إنما أنذركم بالوحي "إنما "؛ أداة للقصر؛ والمعنى: لا أنذركم إلا بوحي من الله (تعالى)؛ فلا أنذركم من عندي؛ إنما أنذركم من عند الله (تعالى)؛ وإن ذلك يوجب عليكم ألا تستهزئوا بالإنذار؛ لأنكم لا تستهزئون بي؛ إنما تستهزئون بالله العلي العظيم؛ الذي تلجؤون إليه في شدائدكم في البر والبحر؛ وفي ذلك توكيد للإنذار; لأنه صادر عن الله (تعالى)؛ والله لا يخلف الميعاد.

                                                          ثم بين - سبحانه وتعالى - إذ لا يسمعون النذر يكونون كالصم إذا ما ينذرون؛ فشبه الله (تعالى) المشركين عند سماع النذر بالصم; لأن كلاهما لا يسمع؛ فالصم في الآية هم المشركون؛ وهم لا يسمعون إذا أنذروا؛ والصم جمع "أصم "؛ والمراد بهم المشركون بالله؛ والمعنى: لا يسمع المشركون الذين شبهوا بالصم؛ لعدم السماع في كل ما ينذرون؛ و "ما "؛ لتأكيد الشرطية في الشرط.

                                                          و "الدعاء ": النداء بصوت عال قوي مرتفع صادع؛ والمشركون لا تجدي فيهم النذر؛ وهي من عند الله (تعالى) العلي القدير الحكيم العليم.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية