[ ص: 4423 ] سورة النور
سميت به لاشتمالها على ما أمكن من بيان النور الإلهي ، بالتمثيل المفيد كمال المعرفة الممكنة لنوع الإنسان ، مع مقدماتها ، وهي أعظم مقاصد القرآن- قاله المهايمي ، وهي مدنية . وقال القرطبي : إن آية يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم إلخ مكية وهي أربع وستون آية .
[ ص: 4424 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى :
[1] سورة أنـزلناها وفرضناها وأنـزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون .
سورة أنـزلناها خبر محذوف . أي : هذه السورة . والتنكير للتفخيم : وفرضناها أي : أوجبنا ما فيها من الأحكام إيجابا قطعيا : وأنـزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون أي : تتذكرونها فتعملون بموجبها . قال الإمام ابن تيمية رحمه الله ، في تفسير هذه الآيات : هذه السورة فرضها تعالى بالبينات والتقدير والحدود ، التي من يتعد حلالها إلى الحرام فقد ظلم نفسه . ومن قرب من حرامها فقد اعتدى وتعدى الحدود . وبين فيها فرض العقوبة وآية الجلد وفريضة وفريضة الشهادة على الزنى . كل منهما يشهد أربع شهادات بالله . ونهى فيها عن تعدي حدود الله في الفروج والأعراض والعورات وطاعة ذي السلطان . سواء كان في منزله أو ولايته . ولا يخرج ولا يدخل إلا بإذنه . إذ الحقوق نوعان : نوع لله فلا يتعدى حدوده ، ونوع للعبادة فيه أمر فلا يفعل إلا بإذن المالك ، فليس لأحد أن يفعل شيئا في حق غيره إلا بإذن الله . وإن لم يأذن المالك ، فإذن الله هو الأصل ، وإذن المالك حيث أذن الله وجعل له الإذن فيه . ولهذا ضمنها الاستئذان في المساكن والمطاعم وفي الأمور الجامعة . كالصلاة والجهاد ونحوهما . ووسطها بذكر النور الذي هو مادة كل خير وصلاح كل شيء . وهو ينشأ عن امتثال أمر الله واجتناب نهيه ، وعن الصبر على ذلك ، فإنه ضياء . فإن حفظ الحدود بتقوى الله ، يجعل لصاحبه نورا . كما قال تعالى : شهادة المتلاعنين اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به الآية . فضد النور الظلمة ، ولهذا عقب ذكر النور وأعمال المؤمنين بأعمال الكفار . وأهل البدع والضلال . [ ص: 4425 ] فقال : والذين كفروا أعمالهم كسراب الآية ، إلى قوله : أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج الآية ، وكذلك الظلم ظلمات يوم القيامة . وظلم العبد نفسه من الظلم . فإن للسيئة ظلمة في القلب ، وسوادا في الوجه ، ووهنا في البدن ، ونقصا في الرزق ، وبغضا في قلوب الخلق . كما روي ذلك عن ، يوضحه أن الله ضرب مثل إيمان المؤمنين بالنور ، وأعمال الكفار بالظلمة . والإيمان اسم جامع لكل ما يحبه الله . والكفر اسم جامع لكل ما يبغضه ، وإن كان لا يكفر العبد إذا كان معه أصل الإيمان وبعض فروع الكفر من المعاصي . كما لا يصير مؤمنا إذا كان معه بعض فروع الإيمان . ولغض البصر اختصاص بالنور كما في حديث ابن عباس الذي صححه أبي هريرة : الترمذي « إن العبد إذا أذنب . . . » الحديث . وفيه : فذلك الران الذي ذكر الله . وفي الصحيح : . والغين حجاب رقيق أرق من الغيم ، فأخبر أنه يستغفر ليزيل الغين ، فلا يكون نكتة سوداء . كما أنها إذا أزيلت لا تصير رينا . وقال « إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة » : إن الإيمان يبدو في القلب لمظة بيضاء . فكلما ازداد العبد إيمانا ، ازداد قلبه بياضا ، وفي خطبة حذيفة ، في الرد على الزنادقة : الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل ، بقايا من أهل العلم ، يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى . يحيون بكتاب الله الموتى ، ويبصرون بنور الله أهل العمى . . . إلخ . وقد قرن الله سبحانه بين الهدى والضلال بما يشبه هذا . كقوله تعالى : الإمام أحمد وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور وقال : مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع وقال : مثلهم كمثل الذي استوقد نارا الآيات ، [ ص: 4426 ] وهذا النور الذي يكون للمؤمن في الدنيا على حسن عمله واعتقاده ، يظهر في الآخرة ، كما قاله تعالى : يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم الآية ، فذكر النور هنا عقيب أمره بالتوبة ، كما في سورة النور عقيب أمره بغض البصر والتوبة . وذكر ذلك بعد أمره بحقوق الأهلين والأزواج وما يتعلق بالنساء . وقال في سورة الحديد : يوم ترى المؤمنين والمؤمنات إلى قوله : وبئس المصير فأخبر سبحانه أن المنافقين يفقدون النور الذي كان المؤمنون يمشون به ، ويطلبون الاقتباس من نورهم ، فيحجبون عن ذلك بحجاب يضرب بينهم . كما أنهم في الدنيا لما فقدوا النور : كمثل الذي استوقد نارا الآية . وقوله تعالى :
تفسير سورة النور
- تفسير قوله تعالى سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات
- تفسير قوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة
- تفسير قوله تعالى الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية
- تفسير قوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
- تفسير قوله تعالى والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء
- تفسير قوله تعالى ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله
- تفسير قوله تعالى إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم
- تفسير قوله تعالى لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات
- تفسير قوله تعالى لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء
- تفسير قوله تعالى ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا
- تفسير قوله تعالى إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم
- تفسير قوله تعالى ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم
- تفسير قوله تعالى يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا
- تفسير قوله تعالى إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة
- تفسير قوله تعالى ولولا فضل الله عليكم ورحمته
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان
- تفسير قوله تعالى إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات
- تفسير قوله تعالى يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق
- تفسير قوله تعالى الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم
- تفسير قوله تعالى ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة
- تفسير قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم
- تفسير قوله تعالى وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن
- تفسير قوله تعالى وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم
- تفسير قوله تعالى وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم
- تفسير قوله تعالى ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا
- تفسير قوله تعالى الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة
- تفسير قوله تعالى في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه
- تفسير قوله تعالى والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة
- تفسير قوله تعالى أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج
- تفسير قوله تعالى ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات
- تفسير قوله تعالى ولله ملك السماوات والأرض
- تفسير قوله تعالى ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه
- تفسير قوله تعالى يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة
- تفسير قوله تعالى والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي
- تفسير قوله تعالى ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى
- تفسير قوله تعالى إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله
- تفسير قوله تعالى وأقسموا بالله جهد أيمانهم
- تفسير قوله تعالى قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
- تفسير قوله تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات
- تفسير قوله تعالى وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول
- تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت
- تفسير قوله تعالى وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا
- تفسير قوله تعالى والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا
- تفسير قوله تعالى ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج
- تفسير قوله تعالى إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله
- تفسير قوله تعالى لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم
- تفسير قوله تعالى ألا إن لله ما في السماوات والأرض