الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما صفة البيع الذي يحصل به التفريق أنه جائز أم لا فقد اختلف العلماء فيه فقال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله : البيع جائز مفيد للحكم بنفسه لكنه مكروه والبائع بالتفريق آثم ، وقال أبو يوسف رحمه الله البيع فاسد في الوالدين والمولودين وفي سائر ذوي الأرحام جائز ، وقال الشافعي رحمه الله : البيع باطل في الكل ، واحتج بما روينا من الأحاديث الواردة للنهي عن التفريق أو ما يجري مجرى النهي ، والبيع تفريق فكان منهيا ، والنهي لا يصلح سببا لثبوت الملك كسائر البياعات التي ورد النهي عنها على أصله فأبو يوسف إنما خص البيع في الوالدين والمولودين بالفساد لورود الشرع بتغليظ الوعيد بالتفريق فيهم وهو ما روينا ، ولهما أن قوله تعالى : { وأحل الله البيع } ونحوه من نصوص البيع يقتضي شرعية البيع على العموم والإطلاق فمن ادعى التخصيص أو التقييد فعليه الدليل .

                                                                                                                                وأما الأحاديث فهي محمولة على النهي عن غير البيع وهو الإضرار فلا يخرج البيع عن أن يكون مشروعا كالنهي عن البيع وقت النداء ، وإنما حملناه على غير البيع إما حملا لخبر الواحد على موافقة الكتاب الكريم ، وإما لأن النهي لا يرد عما عرف حسنه عقلا على ما عرف .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية