nindex.php?page=treesubj&link=29026_30296قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=39فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان .
ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أنه يوم القيامة لا يسأل إنسا ولا جانا عن ذنبه ، وبين هذا المعنى في قوله تعالى في القصص :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون [ 28 \ 78 ] .
وقد ذكر - جل وعلا - في آيات أخر أنه يسأل جميع الناس يوم القيامة الرسل والمرسل إليهم ، وذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=6فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين [ 7 \ 6 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=92فوربك لنسألنهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=93عما كانوا يعملون [ 15 \ 92 - 93 ] .
وقد جاءت آيات من كتاب الله مبينة لوجه الجمع بين هذه الآيات التي قد يظن غير العالم أن بينها اختلافا .
اعلم أولا أن السؤال المنفي في قوله هنا
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=39فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون [ 28 \ 78 ] - أخص من السؤال المثبت في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=92فوربك لنسألنهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=93عما كانوا يعملون ، لأن هذه فيها تعميم السؤال في كل عمل ، والآيتان قبلها ليس فيهما نفي السؤال إلا عن الذنوب خاصة ، وللجمع بين هذه الآيات أوجه معروفة عند العلماء .
الأول منهما : وهو الذي دل عليه القرآن ، وهو محل الشاهد عندنا من بيان القرآن بالقرآن هنا ، هو أن
nindex.php?page=treesubj&link=30355السؤال نوعان : أحدهما سؤال التوبيخ والتقريع وهو من أنواع العذاب ، والثاني هو سؤال الاستخبار والاستعلام .
فالسؤال المنفي في بعض الآيات هو سؤال الاستخبار والاستعلام ، لأن الله أعلم
[ ص: 504 ] بأفعالهم منهم أنفسهم كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6أحصاه الله ونسوه [ 58 \ 6 ] .
وعليه فالمعنى : لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان سؤال استخبار واستعلام لأن الله أعلم بذنبه منه .
والسؤال المثبت في الآيات الأخرى هو سؤال التوبيخ والتقريع ، سواء كان عن ذنب أو غير ذنب . ومثال سؤالهم عن الذنوب سؤال توبيخ وتقريع قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون [ 3 \ 106 ] ، ومثاله عن غير ذنب قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=24وقفوهم إنهم مسئولون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=25ما لكم لا تناصرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=26بل هم اليوم مستسلمون [ 37 \ 24 - 26 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=13يوم يدعون إلى نار جهنم دعا nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=14هذه النار التي كنتم بها تكذبون nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أفسحر هذا [ 52 \ 13 - 15 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=130ألم يأتكم رسل منكم [ 6 \ 130 ] .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=30355سؤال الموءودة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=8وإذا الموءودة سئلت [ 81 \ 8 ] ، فلا يعارض الآيات النافية السؤال عن الذنب ، لأنها سئلت عن أي ذنب قتلت وهذا ليس من ذنبها ، والمراد بسؤالها توبيخ قاتلها وتقريعه ، لأنها هي تقول لا ذنب لي فيرجع اللوم على من قتلها ظلما .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=30355سؤال الرسل ، فإن المراد به توبيخ من كذبهم وتقريعه ، مع إقامة الحجة عليه بأن الرسل قد بلغته ، وباقي أوجه الجمع بين الآيات لا يدل عليه قرآن ، وموضوع هذا الكتاب بيان القرآن بالقرآن ، وقد بينا بقيتها في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " في أول سورة الأعراف .
وقد قدمنا طرفا من هذا الكتاب المبارك في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=6فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين [ 7 \ 6 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=29026_30296قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=39فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ .
ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَسْأَلُ إِنْسًا وَلَا جَانًّا عَنْ ذَنْبِهِ ، وَبَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْقَصَصِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ [ 28 \ 78 ] .
وَقَدْ ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي آيَاتٍ أُخَرَ أَنَّهُ يَسْأَلُ جَمِيعَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرُّسُلَ وَالْمُرْسَلَ إِلَيْهِمْ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=6فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ [ 7 \ 6 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=92فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=93عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ 15 \ 92 - 93 ] .
وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مُبَيِّنَةً لِوَجْهِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي قَدْ يَظُنُّ غَيْرُ الْعَالِمِ أَنَّ بَيْنَهَا اخْتِلَافًا .
اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ السُّؤَالَ الْمَنْفِيَّ فِي قَوْلِهِ هُنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=39فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ [ 28 \ 78 ] - أَخَصُّ مِنَ السُّؤَالِ الْمُثْبَتِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=92فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=93عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، لِأَنَّ هَذِهِ فِيهَا تَعْمِيمُ السُّؤَالِ فِي كُلِّ عَمَلٍ ، وَالْآيَتَانِ قَبْلَهَا لَيْسَ فِيهِمَا نَفْيُ السُّؤَالِ إِلَّا عَنِ الذُّنُوبِ خَاصَّةً ، وَلِلْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ أَوْجُهٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ .
الْأَوَّلُ مِنْهُمَا : وَهُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ ، وَهُوَ مَحِلُّ الشَّاهِدِ عِنْدَنَا مِنْ بَيَانِ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ هُنَا ، هُوَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30355السُّؤَالَ نَوْعَانِ : أَحَدُهُمَا سُؤَالُ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ ، وَالثَّانِي هُوَ سُؤَالُ الِاسْتِخْبَارِ وَالِاسْتِعْلَامِ .
فَالسُّؤَالُ الْمَنْفِيُّ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ هُوَ سُؤَالُ الِاسْتِخْبَارِ وَالِاسْتِعْلَامِ ، لِأَنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ
[ ص: 504 ] بِأَفْعَالِهِمْ مِنْهُمْ أَنْفُسِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=6أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ [ 58 \ 6 ] .
وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى : لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ سُؤَالَ اسْتِخْبَارٍ وَاسْتِعْلَامٍ لِأَنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ بِذَنْبِهِ مِنْهُ .
وَالسُّؤَالُ الْمُثْبَتُ فِي الْآيَاتِ الْأُخْرَى هُوَ سُؤَالُ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ ، سَوَاءٌ كَانَ عَنْ ذَنْبٍ أَوْ غَيْرِ ذَنْبٍ . وَمِثَالُ سُؤَالِهِمْ عَنِ الذُّنُوبِ سُؤَالَ تَوْبِيخٍ وَتَقْرِيعٍ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ [ 3 \ 106 ] ، وَمِثَالُهُ عَنْ غَيْرِ ذَنْبٍ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=24وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=25مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=26بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [ 37 \ 24 - 26 ] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=13يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=14هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَفَسِحْرٌ هَذَا [ 52 \ 13 - 15 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=130أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ [ 6 \ 130 ] .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30355سُؤَالُ الْمَوْءُودَةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=8وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ [ 81 \ 8 ] ، فَلَا يُعَارِضُ الْآيَاتِ النَّافِيَةَ السُّؤَالَ عَنِ الذَّنْبِ ، لِأَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ أَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ ذَنْبِهَا ، وَالْمُرَادُ بِسُؤَالِهَا تَوْبِيخُ قَاتِلِهَا وَتَقْرِيعُهُ ، لِأَنَّهَا هِيَ تَقُولُ لَا ذَنْبَ لِي فَيَرْجِعُ اللَّوْمُ عَلَى مَنْ قَتَلَهَا ظُلْمًا .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=30355سُؤَالُ الرُّسُلِ ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ تَوْبِيخُ مَنْ كَذَّبَهُمْ وَتَقْرِيعُهُ ، مَعَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغَتْهُ ، وَبَاقِي أَوْجُهِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْآيَاتِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قُرْآنٌ ، وَمَوْضُوعُ هَذَا الْكِتَابِ بَيَانُ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا بَقِيَّتَهَا فِي كِتَابِنَا " دَفْعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ " فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا طَرَفًا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=6فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ [ 7 \ 6 ] .