الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 4639 ] القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [170 - 172] فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الآخرين

                                                                                                                                                                                                                                      فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا وهي امرأته. كما بينت في آيات: في الغابرين أي: مقدرا كونها من الباقين في العذاب. لأنها كانت راضية بعمل قومها.

                                                                                                                                                                                                                                      لطيفة:

                                                                                                                                                                                                                                      قال الناصر في (الانتصاف): كثيرا ما ورد في القرآن، خصوصا في هذه السورة، العدول عن التعبير بالفعل إلى التعبير بالصفة المشتقة. ثم جعل الموصوف بها واحدا من جمع. كقول فرعون: لأجعلنك من المسجونين وقولهم: سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين وقولهم: لتكونن من المرجومين وقوله: إني لعملكم من القالين وقوله تعالى في غيرها: رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وكذلك: ذرنا نكن مع القاعدين وأمثاله كثيرة، والسر في ذلك، والله أعلم، أن التعبير بالفعل، إنما يفهم وقوعه خاصة. وأما التعبير بالصفة، ثم جعل الموصوف بها واحدا من جمع، فإنه يفهم أمرا زائدا على وقوعه. وهو أن الصفة المذكورة، كالسمة للموصوف ثابتة العلوق به. كأنها لقب. وكأنه من طائفة صارت كالنوع المخصوص المشهور ببعض السمات الرديئة. واعتبر ذلك لو قلت: رضوا بأن يتخلفوا، لما كان في ذلك مزيد على الإخبار بوقوع التخلف منهم لا غير. [ ص: 4640 ] وانظر إلى المساق وهو قوله: رضوا بأن يكونوا مع الخوالف كيف ألحقهم لقبا رديئا، وصيرهم من نوع رذل مشهور بسمة التخلف، حتى صارت لقبا لاحقا به. وهذا الجواب عام في جميع ما يرد عليك من أمثال ذلك. فتأمله واقدره قدره: ثم دمرنا الآخرين أي: أهلكناهم أشد إهلاك وأفظعه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية