الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى :( وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون )

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 36 ] واعلم أن قوله :( وقطعناهم ) أحد ما يدل على أن الذي تقدم من قوله :( ليبعثن عليهم ) المراد جملة اليهود ، ومعنى( قطعناهم ) أي فرقناهم تفريقا شديدا . فلذلك قال بعده :( في الأرض أمما ) وظاهر ذلك أنه لا أرض مسكونة إلا ومنهم فيها أمة ، وهذا هو الغالب من حال اليهود ، ومعنى قطعناهم ، فإنه قلما يوجد بلد إلا وفيه طائفة منهم .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال :( منهم الصالحون ) قيل المراد القوم الذين كانوا في زمن موسى - عليه السلام - لأنه كان فيهم أمة يهدون بالحق . وقال ابن عباس ومجاهد : يريد الذين أدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وآمنوا ، وقوله :( ومنهم دون ذلك ) أي ومنهم قوم دون ذلك ، والمراد من أقام على اليهودية .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون قوله :( ومنهم دون ذلك ) من يكون صالحا إلا أن صلاحه كان دون صلاح الأولين ؛ لأن ذلك إلى الظاهر أقرب ؟

                                                                                                                                                                                                                                            قلنا : إن قوله بعد ذلك :( لعلهم يرجعون ) يدل على أن المراد بذلك من ثبت على اليهودية وخرج من الصلاح .

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله :( وبلوناهم بالحسنات والسيئات ) أي عاملناهم معاملة المبتلى المختبر بالحسنات ، وهي النعم والخصب والعافية ، والسيئات هي الجدب والشدائد ، قال أهل المعاني : وكل واحد من الحسنات والسيئات يدعو إلى الطاعة ، أما النعم فلأجل الترغيب ، وأما النقم فلأجل الترهيب . وقوله :( يرجعون ) يريد كي يتوبوا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية