الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 359 ] باب ستر العورة

                                                                                                                          وهو الشرط الثالث ، وسترها عن النظر بما لا يصف البشرة واجب ،

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          باب ستر العورة

                                                                                                                          العورة في اللغة : النقصان ، والشيء المستقبح ، ومنه كلمة عوراء أي : قبيحة ، فهي سوءة الإنسان ، وكل ما يستحيى منه ، وسميت عورة لقبح ظهورها ، ثم إنها تطلق على ما يجب سترها في الصلاة ، وهو المراد هنا ، وعلى ما يحرم النظر إليه ، وسيأتي في النكاح ( وهو الشرط الثالث ) في قول أكثر العلماء ، قال ابن عبد البر : أجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه ، وهو قادر على الاستتار به ، أو صلى عريانا لقوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد [ الأعراف 31 ] لأنها وإن كانت نزلت بسبب خاص فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ولقوله عليه السلاملا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وحسنه من حديث عائشة ، ورواه الحاكم ، وقال : على شرط مسلم ، والمراد بالحائض البالغ ، ولأنه عليه السلام نهى عن الطواف بالبيت عريانا ، فالصلاة أولى ، لأنها أعلى ، وآكد منه .

                                                                                                                          والأحسن في الاستدلال أن يقال : انعقد الإجماع على الأمر به في الصلاة ، والأمر بالشيء نهي عن ضده ، فيكون منهيا عن الصلاة مع كشف العورة ، والنهي في العبادات يدل على الفساد ، وهذا محله عند القدرة ، فإن عجز عنه وجب أن يصلي عريانا .

                                                                                                                          ( وسترها ) لا من أسفل ، والأظهر : بلى إن تيسر النظر ( عن النظر بما لا يصف البشرة ) أي : السواد ، والبياض ( واجب ) لأن الستر إنما يحصل [ ص: 360 ] بذلك فدل [ على ] أنه إذا وصف بياض الجلد أو حمرته فليس بساتر ، وإذا ستر اللون ، ووصف الخلقة أي : حجم العضو ، صحت الصلاة فيه ، لأن البشرة مستورة ، وهذا لا يمكن التحرز منه ، وإن كان الساتر صفيقا ، ويكفي نبات ، ونحوه ، وقيل : لا يكفي حشيش مع وجود ثوب ، ويكفي متصل به كيده ، ولحيته على الأصح ، وفي لزوم طين ، وماء كدر لعدم وجهان ، لا بارية وحصير ، ونحوهما مما يضر ، ولا حفيرة ، واختار ابن عقيل : يجب الطين لا الماء ، ويكون من فوق ، وظاهره أنه يجب سترها في غير الصلاة بين الناس ، وفي " الرعاية " يجب سترها مطلقا حتى خلوة عن نظر نفسه ، لأنه يحرم كشفها خلوة بلا حاجة فيحرم نظرها ، لأنه استدامة لكشفها المحرم ، قال في " الفروع " : ولم أجد تصريحا بخلاف هذا لا أنه يحرم نظر عورته حيث جاز كشفها فإنه لا يحرم هو ، ولا لمسها اتفاقا ، وقد قال أبو المعالي : إذا وجب سترها في الصلاة عن نفسه ، وعن الأجانب ، فهل يجب عن نفسه إذا خلا ؛ فيه وجهان ، أحدهما : يجب الستر عن الملائكة ، والجن ، والثاني : يجوز ، وقوله : واجب مطلقا إلا لضرورة كتداو ونحوه ، أو لأحد الزوجين ، ولأمته المباحة أو هي لسيدها .




                                                                                                                          الخدمات العلمية