الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الوقت الذي تضمن فيه العارية والقدر الذي يضمن منهما وفي عارية الدنانير

                                                                                                                                                                                        ويختلف في الوقت الذي تضمن فيه العارية، هل ذلك يوم استعارها أو يوم ضاعت قياسا على الخلاف في الرهن؟ فقال ابن القاسم: يوم رهن وقيل: يوم ضاع . وهو أحسن في العارية والرهن، فإن استعاره من شهر ورأته البينة عنده بالأمس كانت قيمته لآخر يوم رئي عنده فيه قليلا كان أو كثيرا وإن لم ير عنده كانت قيمته لآخر يوم رئي من يوم استعاره وإن كانت قيمته يوم استعاره عشرة ويوم ضاع ثمانية غرم عشرة؛ لأن المعير لا يصدقه أنه كان قائم العين إلى يوم يقول: إنه ضاع وإن كانت قيمته يوم الأول ثمانية واليوم عشرة كان لصاحبه أن يأخذه بعشرة لأنه يصدقه أنه كان موجودا إلى اليوم الآخر وأما القدر الذي يضمن فعلى ضربين: فما كان لا ينقصها استعمال أو ينقصها إلا أن العارية إلى مدة قريبة لا ينقص فيها ضمن جميع القيمة، وكل ما ينقصه الاستعمال في تلك المدة فلا يضمن إلا القدر الذي يبقى بعد انقضاء المدة ولو ثبت أن المستعير أهلك ذلك الثوب قبل أن يلبسه لم يغرم إلا القدر الذي كان يبقى منه لو لبسه; لأنه صار فيه بذلك كالشريك [ ص: 6035 ] ولو باعه كان الثمن بينهما على ذلك.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا أهلكه المعير بعد قبضه منه هل يغرم قيمته ويستأجر للمستعير من القيمة مثل الأول أو يشتري له من القيمة مثل الأول أو يغرم قيمة تلك المنافع قياسا على من أخدم أمة ثم أولدها وقيمة المنافع أحسنها.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا أهلكه قبل القبض فعلى قول ابن القاسم يكون بمنزلة لو قبض، وعلى قول أشهب لا يغرم له شيئا قياسا على من وهب ثوبا ثم باعه قبل أن يقبض منه قال: لا شيء للموهوب له من الثمن ولا من قيمته، وإن أهلك الثوب أجنبي كانا في القيمة كالشريكين؛ لأنه مما ينقصه الاستعمال فلهذا بقدر ما ينقصه الاستعمال ولهذا بقدر ما يبقى.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا كانت العارية لا ينقصها الاستعمال كالعبد يقتل، فقال ابن القاسم: للسيد جميع القيمة ولا شيء للمخدم .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب فيمن أوصى لرجل بخدمة عبده ولآخر برقبته، فقال: قيمته مثل رقبته تجعل القيمة في مثله فيخدم بقيمة خدمة الأول ثم يعود إلى الآخر . يريد إذا كانت الخدمة إلى أجل فيخدم بقية الأجل ولو كانت حياة المخدم خدم العبد الثاني حتى يموت المخدم وإن كانت حياة العبد خدم قدر حياة العبد الأول فقد يكون الأول شيخا والثاني شابا.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد فيمن أوصي له بغلة دار أو سكناها فهدمها رجل بعد موت الموصي -قال: على الهادم ما بين قيمتها قائمة ومهدومة فبنى بها تلك الدار وإن أتى من بنيانها على مثل الأول أو أقل ثم يكون ذلك للموصى له [ ص: 6036 ] على حاله .

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب الصدقة من كتاب محمد قولان هل يسقط حق المعطى في البناء ويكون على حقه في القاعة أو تبنى له من القيمة التي تؤخذ من المتعدي؟

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية