الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى

                                                                                                                                                                                                عدد عليه نعمه وأياديه ، وأنه لم يخله منها من أول تربيه وابتداء نشئه، ترشيحا لما أراد به; ليقيس المترقب من فضل الله على ما سلف منه، لئلا يتوقع إلا الحسنى وزيادة الخير والكرامة: ولا يضيق صدره ولا يقل صبره. و ألم يجدك من الوجود الذي بمعنى العلم: والمنصوبان مفعولا وجد. والمعنى: ألم تكن يتيما، وذلك أن أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمه، وهو ابن ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب ، وعطفه الله عليه فأحسن تربيته. ومن بدع التفاسير: أنه من قولهم: "درة يتيمة" وأن المعنى: ألم يجدك واحدا في قريش عديم النظير فآواك. وقرئ: فآوى؛ وهو على معنيين: إما من أواه بمعنى آواه. سمع بعض الرعاة يقول: أين آوي هذه الموقسة، وإما من أوي له: إذا رحمه ضالا معناه الضلال عن علم الشرائع وما طريقه السمع، كقوله: ما كنت تدري ما الكتاب [الشورى: 52]. وقيل: ضل في صباه في [ ص: 393 ] بعض شعاب مكة ، فرده أبو جهل إلى عبد المطلب . وقيل: أضلته حليمة عند باب مكة حين فطمته وجاءت به لترده على عبد المطلب . وقيل: ضل في طريق الشام حين خرج به أبو طالب ، فهداك: فعرفك القرآن والشرائع. أو فأزال ضلالك عن جدك وعمك. ومن قال: كان على أمر قومه أربعين سنة، فإن أراد أنه كان على خلوهم عن العلوم السمعية، فنعم; وإن أراد أنه كان على دينهم وكفرهم، فمعاذ الله; والأنبياء يجب أن يكونوا معصومين قبل النبوة وبعدها من الكبائر والصغائر الشائنة، فما بال الكفر والجهل بالصانع ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء [يوسف: 38]. وكفى بالنبي نقيصة عند الكفار أن يسبق له كفر عائلا فقيرا. وقرئ: عيلا كما قرئ: سيحات. وعديما فأغنى فأغناك بمال خديجة . أو بما أفاء عليك من الغنائم. قال عليه السلام: " جعل رزقي تحت ظل رمحي " وقيل: قنعك وأغنى قلبك".

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية