(
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=16من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=17يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=16من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=17يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ ) .
اعلم أنه تعالى لما حكى عن الأنبياء عليهم السلام ، أنهم اكتفوا في دفع شرور أعدائهم بالتوكل عليه والاعتماد على حفظه وحياطته ،
nindex.php?page=treesubj&link=30554_30549_32426_31788حكى عن الكفار أنهم بالغوا في السفاهة وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا ) والمعنى : ليكونن أحد الأمرين لا محالة : إما إخراجكم وإما عودكم إلى ملتنا . والسبب فيه أن أهل الحق في كل زمان يكونون قليلين ، وأهل الباطل يكونون كثيرين ، والظلمة والفسقة يكونون متعاونين متعاضدين ، فلهذه الأسباب قدروا على هذه السفاهة .
فإن قيل : هذا يوهم أنهم كانوا على ملتهم في أول الأمر حتى يعودوا فيها .
[ ص: 79 ] قلنا : الجواب من وجوه :
الوجه الأول : أن أولئك الأنبياء عليهم السلام إنما نشئوا في تلك البلاد وكانوا من تلك القبائل ، وفي أول الأمر ما أظهروا المخالفة مع أولئك الكفار ، بل كانوا في ظاهر الأمر معهم من غير إظهار مخالفة فالقوم ظنوا لهذا السبب أنهم كانوا في أول الأمر على دينهم فلهذا السبب قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13أو لتعودن في ملتنا ) .
الوجه الثاني : أن هذا حكاية كلام الكفار ولا يجب في كل ما قالوه أن يكونوا صادقين فيه فلعلهم توهموا ذلك مع أنه ما كان الأمر كما توهموه .
الوجه الثالث : لعل الخطاب وإن كان في الظاهر مع الرسل إلا أن المقصود بهذا الخطاب أتباعهم وأصحابهم ولا بأس أن يقال : إنهم كانوا قبل ذلك الوقت على دين أولئك الكفار .
الوجه الرابع : قال صاحب " الكشاف " : العود بمعنى الصيرورة كثير في كلام العرب .
الوجه الخامس : لعل أولئك الأنبياء كانوا قبل إرسالهم على ملة من الملل ، ثم إنه تعالى أوحى إليهم بنسخ تلك الملة وأمرهم بشريعة أخرى وبقي الأقوام على تلك الشريعة التي صارت منسوخة مصرين على سبيل الكفر ، وعلى هذا التقدير فلا يبعد أن يطلبوا من الأنبياء أن يعودوا إلى تلك الملة .
الوجه السادس : لا يبعد أن يكون المعنى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13أو لتعودن في ملتنا ) أي إلى ما كنتم عليه قبل ادعاء الرسالة من السكوت عن ذكر معايبة ديننا وعدم التعرض له بالطعن والقدح . وعلى جميع هذه الوجوه فالسؤال زائل . والله أعلم .
واعلم أن الكفار لما ذكروا هذا الكلام قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ولنسكننكم الأرض من بعدهم ) قال صاحب " الكشاف " : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13لنهلكن الظالمين ) حكاية تقتضي إضمار القول أو إجراء الإيحاء مجرى القول لأنه ضرب منه ، وقرأ
أبو حيوة : " ليهلكن الظالمين وليسكننكم " بالياء اعتبارا لأوحى فإن هذا اللفظ لفظ الغيبة ، ونظيره قولك : أقسم زيد ليخرجن ولأخرجن . والمراد بالأرض أرض الظالمين وديارهم ، ونظيره قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها ) [ الأعراف : 137 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم أرضهم وديارهم ) [ الأحزاب : 27 ] وعن النبي صلى الله عليه وسلم : "
من آذى جاره أورثه الله داره " ، واعلم أن هذه الآية تدل على أن من توكل على ربه في دفع عدوه كفاه الله أمر عدوه .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) فقوله ذلك إشارة إلى أن ما قضى الله تعالى به من
nindex.php?page=treesubj&link=30478_30539_32016إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين ديارهم إثر ذلك الأمر حق (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذلك لمن خاف مقامي ) وفيه وجوه :
الأول : المراد موقفي وهو موقف الحساب ؛ لأن ذلك الموقف موقف الله تعالى الذي يقف فيه عباده يوم القيامة ، ونظيره قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وأما من خاف مقام ربه ) [ النازعات : 40 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=46ولمن خاف مقام ربه جنتان ) [ الرحمن : 46 ] .
الثاني : أن المقام مصدر كالقيامة ، يقال : قام قياما ومقاما ، قال
الفراء : ذلك لمن خاف قيامي عليه ومراقبتي إياه كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) .
الثالث : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذلك لمن خاف مقامي ) أي إقامتي على العدل والصواب ،
nindex.php?page=treesubj&link=30364_19995فإنه تعالى لا يقضي إلا بالحق ولا يحكم إلا بالعدل وهو تعالى مقيم على العدل لا يميل عنه ولا ينحرف البتة .
الرابع : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذلك لمن خاف مقامي ) أي مقام العائذ عندي وهو من باب إضافة المصدر إلى
[ ص: 80 ] المفعول .
الخامس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذلك لمن خاف مقامي ) أي لمن خافني ، وذكر المقام ههنا مثل ما يقال : سلام الله على المجلس الفلاني العالي . والمراد : سلام الله على فلان فكذا ههنا .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14وخاف وعيد ) قال
الواحدي : الوعيد اسم من أوعد إيعادا وهو التهديد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : خاف ما أوعدت من العذاب .
واعلم أنه تعالى ذكر أولا قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذلك لمن خاف مقامي ) ثم عطف عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14وخاف وعيد ) فهذا يقتضي أن يكون الخوف من الله تعالى مغايرا للخوف من وعيد الله ، ونظيره : أن حب الله تعالى مغاير لحب ثواب الله ، وهذا مقام شريف عال في أسرار الحكمة والتصديق .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=16مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=17يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=16مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=17يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، أَنَّهُمُ اكْتَفَوْا فِي دَفْعِ شُرُورِ أَعْدَائِهِمْ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى حِفْظِهِ وَحِيَاطَتِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30554_30549_32426_31788حَكَى عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ بَالَغُوا فِي السَّفَاهَةِ وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ) وَالْمَعْنَى : لَيَكُونَنَّ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَا مَحَالَةَ : إِمَّا إِخْرَاجُكُمْ وَإِمَّا عَوْدُكُمْ إِلَى مِلَّتِنَا . وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ فِي كُلِّ زَمَانٍ يَكُونُونَ قَلِيلِينَ ، وَأَهْلُ الْبَاطِلِ يَكُونُونَ كَثِيرِينَ ، وَالظَّلَمَةُ وَالْفَسَقَةُ يَكُونُونَ مُتَعَاوِنِينَ مُتَعَاضِدِينَ ، فَلِهَذِهِ الْأَسْبَابِ قَدَرُوا عَلَى هَذِهِ السَّفَاهَةِ .
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا يُوهِمُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مِلَّتِهِمْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حَتَّى يَعُودُوا فِيهَا .
[ ص: 79 ] قُلْنَا : الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ :
الوجه الْأَوَّلُ : أَنَّ أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ إِنَّمَا نَشَئُوا فِي تِلْكَ الْبِلَادِ وَكَانُوا مِنْ تِلْكَ الْقَبَائِلِ ، وَفِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مَا أَظْهَرُوا الْمُخَالَفَةَ مَعَ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ ، بَلْ كَانُوا فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ مَعَهُمْ مِنْ غَيْرِ إِظْهَارِ مُخَالَفَةٍ فَالْقَوْمُ ظَنُّوا لِهَذَا السَّبَبِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى دِينِهِمْ فَلِهَذَا السَّبَبِ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ) .
الوجه الثَّانِي : أَنَّ هَذَا حِكَايَةُ كَلَامِ الْكُفَّارِ وَلَا يَجِبُ فِي كُلِّ مَا قَالُوهُ أَنْ يَكُونُوا صَادِقِينَ فِيهِ فَلَعَلَّهُمْ تَوَهَّمُوا ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ مَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا تَوَهَّمُوهُ .
الوجه الثَّالِثُ : لَعَلَّ الْخِطَابَ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ مَعَ الرُّسُلِ إِلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذَا الْخِطَابِ أَتْبَاعُهُمْ وَأَصْحَابُهُمْ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى دِينِ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ .
الوجه الرَّابِعُ : قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : الْعَوْدُ بِمَعْنَى الصَّيْرُورَةِ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ .
الوجه الْخَامِسُ : لَعَلَّ أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءَ كَانُوا قَبْلَ إِرْسَالِهِمْ عَلَى مِلَّةٍ مِنَ الْمِلَلِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيْهِمْ بِنَسْخِ تِلْكَ الْمِلَّةِ وَأَمَرَهُمْ بِشَرِيعَةٍ أُخْرَى وَبَقِيَ الْأَقْوَامُ عَلَى تِلْكَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي صَارَتْ مَنْسُوخَةً مُصِرِّينَ عَلَى سَبِيلِ الْكُفْرِ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَطْلُبُوا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يَعُودُوا إِلَى تِلْكَ الْمِلَّةِ .
الوجه السَّادِسُ : لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ) أَيْ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ قَبْلَ ادِّعَاءِ الرِّسَالَةِ مِنَ السُّكُوتِ عَنْ ذِكْرِ مُعَايَبَةِ دِينِنَا وَعَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ بِالطَّعْنِ وَالْقَدْحِ . وَعَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَالسُّؤَالُ زَائِلٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا ذَكَرُوا هَذَا الْكَلَامَ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ) قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ) حِكَايَةٌ تَقْتَضِي إِضْمَارَ الْقَوْلِ أَوْ إِجْرَاءَ الْإِيحَاءِ مَجْرَى الْقَوْلِ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْهُ ، وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ : " لَيُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَيُسْكِنَنَّكُمْ " بِالْيَاءِ اعْتِبَارًا لِأَوْحَى فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَفْظُ الْغَيْبَةِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُكَ : أَقْسَمَ زَيْدٌ لَيَخْرُجَنَّ وَلَأَخْرُجَنَّ . وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ أَرْضُ الظَّالِمِينَ وَدِيَارُهُمْ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ) [ الْأَعْرَافِ : 137 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ ) [ الْأَحْزَابِ : 27 ] وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
مَنْ آذَى جَارَهُ أَوْرَثَهُ اللَّهُ دَارَهُ " ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى رَبِّهِ فِي دَفْعِ عَدُوِّهِ كَفَاهُ اللَّهُ أَمْرَ عَدُوِّهِ .
ثم قال تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ) فَقَوْلُهُ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30478_30539_32016إِهْلَاكِ الظَّالِمِينَ وَإِسْكَانِ الْمُؤْمِنِينَ دِيَارَهُمْ إِثْرَ ذَلِكَ الْأَمْرِ حَقٌّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي ) وَفِيهِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : الْمُرَادُ مَوْقِفِي وَهُوَ مَوْقِفُ الْحِسَابِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ مَوْقِفُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي يَقِفُ فِيهِ عِبَادُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ) [ النَّازِعَاتِ : 40 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=46وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) [ الرَّحْمَنِ : 46 ] .
الثَّانِي : أَنَّ الْمَقَامَ مَصْدَرٌ كَالْقِيَامَةِ ، يُقَالُ : قَامَ قِيَامًا وَمَقَامًا ، قَالَ
الْفَرَّاءُ : ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ قِيَامِي عَلَيْهِ وَمُرَاقَبَتِي إِيَّاهُ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) .
الثَّالِثُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي ) أَيْ إِقَامَتِي عَلَى الْعَدْلِ وَالصَّوَابِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30364_19995فَإِنَّهُ تَعَالَى لَا يَقْضِي إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِالْعَدْلِ وَهُوَ تَعَالَى مُقِيمٌ عَلَى الْعَدْلِ لَا يَمِيلُ عَنْهُ وَلَا يَنْحَرِفُ الْبَتَّةَ .
الرَّابِعُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي ) أَيْ مَقَامَ الْعَائِذِ عِنْدِي وَهُوَ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى
[ ص: 80 ] الْمَفْعُولِ .
الْخَامِسُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي ) أَيْ لِمَنْ خَافَنِي ، وَذِكْرُ الْمَقَامِ هَهُنَا مِثْلُ مَا يُقَالُ : سَلَامُ اللَّهِ عَلَى الْمَجْلِسِ الْفُلَانِيِّ الْعَالِي . وَالْمُرَادُ : سَلَامُ اللَّهِ عَلَى فُلَانٍ فَكَذَا هَهُنَا .
ثم قال تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14وَخَافَ وَعِيدِ ) قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : الْوَعِيدُ اسْمٌ مِنْ أَوْعَدَ إِيعَادًا وَهُوَ التَّهْدِيدُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : خَافَ مَا أَوْعَدْتُ مِنَ الْعَذَابِ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَوَّلًا قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي ) ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14وَخَافَ وَعِيدِ ) فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مُغَايِرًا لِلْخَوْفِ مِنْ وَعِيدِ اللَّهِ ، وَنَظِيرُهُ : أَنَّ حُبَّ اللَّهِ تَعَالَى مُغَايِرٌ لِحُبِّ ثَوَابِ اللَّهِ ، وَهَذَا مَقَامٌ شَرِيفٌ عَالٍ فِي أَسْرَارِ الْحِكْمَةِ وَالتَّصْدِيقِ .