[ ص: 117 ] "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29011_30364والله يقضي بالحق والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير " .
كان مقتضى الظاهر أن يؤتى بجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20يقضي بالحق ) معطوفة بالواو على جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين ) فيقال : ويقضي بالحق ولكن عدل عن ذلك لما في الاسم العلم لله تعالى من الإشعار بما يقتضيه المسمى به من صفات الكمال التي منها العدل في القضاء ، ونظيره في الإظهار في مقام الإضمار قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه ، وليحصل من تقديم المسند إليه على المسند الفعلي تقوي المعنى ، ومنه قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=36إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون أعيد الموصول ولم يؤت بضمير الذين كفروا ليفيد تقديم الاسم على الفعل تقوي الحكم .
والجملة من تمام الغرض الذي سيقت إليه جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين كما تقدم ، وكلتاهما ناظرة إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18ما للظالمين من حميم ولا شفيع أي أن ذلك من القضاء بالحق .
وأما جملة "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء " فناظرة إلى جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18ما للظالمين من حميم ولا شفيع فبعد أن نفي عن أصنامهم الشفاعة ، نفي عنها القضاء بشيء ما بالحق أو بالباطل وذلك إظهار لعجزها .
ولا تحسبن جملة "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء " مسوقة ضميمة إلى جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20والله يقضي بالحق ليفيد مجموع الجملتين قصر القضاء بالحق على الله تعالى قصر قلب ، أي دون الأصنام ، كما أفيد القصر من ضم الجملتين في قول
السموءل أو
عبد الملك الحارثي :
تسيل على حد الظبات نفوسنا وليست على غير الظبات تسيل
لأن المنفي عن آلهتهم أعم من المثبت لله تعالى ، وليس مثل ذلك مما يضاد صيغة القصر يكفي في إفادته تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي بحمله على إرادة
[ ص: 118 ] الاختصاص في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20والله يقضي بالحق . فالمراد من قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20والذين تدعون من دونه لا يقضون بشيء " التذكير بعجز الذين يدعونهم وأنهم غير أهل للإلهية وهذه طريقة في إثبات صفة لموصوف ثم تعقيب ذلك بإظهار نقيضه فيما يعد مساويا له كما في قول
nindex.php?page=showalam&ids=12467أمية بن أبي الصلت :
تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فصارا بعد أبوالا
وإلا لما كان لعطف قوله : لا قعبان من لبن ، مناسبة .
والدعاء يجوز أن يكون بمعنى النداء وأن يكون بمعنى العبادة كما تقدم آنفا .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20إن الله هو السميع البصير مقررة لجمل
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور إلى قوله ( لا يقضون بشيء ) .
فتوسط ضمير الفصل مفيد للقصر وهو تعريض بأن آلهتهم لا تسمع ولا تبصر فكيف ينسبون إليها الإلهية ، وإثبات المبالغة في السمع والبصر لله تعالى يقرر معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20يقضي بالحق ) لأن العالم بكل شيء تتعلق حكمته بإرادة الباطل ولا تخطئ أحكامه بالعثار في الباطل ، وتأكيد الجملة بحرف التأكيد تحقيق للقصر . وقد ذكر
التفتازاني في شرح المفتاح في مبحث ضمير الفصل أن القصر يؤكد .
وقرأ
نافع وهشام عن
ابن عامر " تدعون " بتاء الخطاب على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب لقرع أسماع المشركين بذلك . وقرأ الجمهور بياء الغيبة على الظاهر .
[ ص: 117 ] "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29011_30364وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " .
كَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُؤْتَى بِجُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20يَقْضِي بِالْحَقِّ ) مَعْطُوفَةً بِالْوَاوِ عَلَى جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ) فَيُقَالُ : وَيَقْضِي بِالْحَقِّ وَلَكِنْ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِي الِاسْمِ الْعَلَمِ لِلَّهِ تَعَالَى مِنَ الْإِشْعَارِ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْمُسَمَّى بِهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي مِنْهَا الْعَدْلُ فِي الْقَضَاءِ ، وَنَظِيرُهُ فِي الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ، وَلِيَحْصُلَ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ تَقَوِّي الْمَعْنَى ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=36إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ أُعِيدَ الْمَوْصُولُ وَلَمْ يُؤْتَ بِضَمِيرِ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُفِيدَ تَقْدِيمُ الِاسْمِ عَلَى الْفِعْلِ تَقَوِّي الْحُكْمِ .
وَالْجُمْلَةُ مِنْ تَمَامِ الْغَرَضِ الَّذِي سِيقَتْ إِلَيْهِ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَكِلْتَاهُمَا نَاظِرَةٌ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْقَضَاءِ بِالْحَقِّ .
وَأَمَّا جُمْلَةُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ " فَنَاظِرَةٌ إِلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ فَبَعْدَ أَنْ نُفِيَ عَنْ أَصْنَامِهِمُ الشَّفَاعَةُ ، نُفِيَ عَنْهَا الْقَضَاءُ بِشَيْءٍ مَا بِالْحَقِّ أَوْ بِالْبَاطِلِ وَذَلِكَ إِظْهَارٌ لِعَجْزِهَا .
وَلَا تَحْسَبَّنَ جُمْلَةَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ " مَسُوقَةً ضَمِيمَةً إِلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ لِيُفِيدَ مَجْمُوعُ الْجُمْلَتَيْنِ قَصْرَ الْقَضَاءِ بِالْحَقِّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى قَصْرَ قَلْبٍ ، أَيْ دُونَ الْأَصْنَامِ ، كَمَا أُفِيدَ الْقَصْرُ مِنْ ضَمِّ الْجُمْلَتَيْنِ فِي قَوْلِ
السَّمَوْءَلِ أَوْ
عَبْدِ الْمَلِكِ الْحَارِثِيِّ :
تَسِيلُ عَلَى حَدِّ الظُّبَاتِ نُفُوسُنَا وَلَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ عَنْ آلِهَتِهِمْ أَعَمُّ مِنَ الْمُثْبَتِ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا يُضَادُّ صِيغَةَ الْقَصْرِ يَكْفِي فِي إِفَادَتِهِ تَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ بِحَمْلِهِ عَلَى إِرَادَةِ
[ ص: 118 ] الِاخْتِصَاصِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ . فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ " التَّذْكِيرُ بِعَجْزِ الَّذِينَ يَدْعُونَهُمْ وَأَنَّهُمْ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْإِلَهِيَّةِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ فِي إِثْبَاتِ صِفَةٍ لِمَوْصُوفٍ ثُمَّ تَعْقِيبُ ذَلِكَ بِإِظْهَارِ نَقِيضِهِ فِيمَا يُعَدُّ مُسَاوِيًا لَهُ كَمَا فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12467أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ :
تِلْكَ الْمَكَارِمُ لَا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ شَيْبًا بِمَاءٍ فَصَارَا بَعْدُ أَبْوَالًا
وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِعَطْفِ قَوْلِهِ : لَا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ ، مُنَاسَبَةً .
وَالدُّعَاءُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى النِّدَاءِ وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعِبَادَةِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ مُقَرِّرَةٌ لِجُمَلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ إِلَى قَوْلِهِ ( لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ) .
فَتَوَسُّطُ ضَمِيرِ الْفَصْلِ مُفِيدٌ لِلْقَصْرِ وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ آلِهَتَهُمْ لَا تَسْمَعُ وَلَا تُبْصِرُ فَكَيْفَ يَنْسُبُونَ إِلَيْهَا الْإِلَهِيَّةَ ، وَإِثَبَاتُ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ لِلَّهِ تَعَالَى يُقَرِّرُ مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20يَقْضِي بِالْحَقِّ ) لِأَنَّ الْعَالِمَ بِكُلِّ شَيْءٍ تَتَعَلَّقُ حِكْمَتُهُ بِإِرَادَةِ الْبَاطِلِ وَلَا تُخْطِئُ أَحْكَامُهُ بِالْعِثَارِ فِي الْبَاطِلِ ، وَتَأْكِيدُ الْجُمْلَةِ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ تَحْقِيقٌ لِلْقَصْرِ . وَقَدْ ذَكَرَ
التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ فِي مَبْحَثِ ضَمِيرِ الْفَصْلِ أَنَّ الْقَصْرَ يُؤَكِّدُ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَهُشَامٌ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ " تَدْعُونَ " بِتَاءِ الْخِطَابِ عَلَى الِالْتِفَاتِ مِنَ الْغِيبَةِ إِلَى الْخِطَابِ لِقَرْعِ أَسْمَاعِ الْمُشْرِكِينَ بِذَلِكَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ عَلَى الظَّاهِرِ .