nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=29011_31913وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب .
هذا مقال في مقام آخر قاله مؤمن آل
فرعون ، فهذه المقالات المعطوفة بالواو مقالات متفرقة . .
فابتدأ موعظته بندائهم ليلفت إليه أذهانهم ويستصغي أسماعهم ، وبعنوان أنهم قومه لتصغي إليه أفئدتهم .
[ ص: 149 ] ورتب خطبته على أسلوب تقديم الإجمال ثم تعقيبه بالتفصيل ، فابتدأ بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=38اتبعون أهدكم سبيل الرشاد ، وسبيل الرشاد مجمل وهو على إجماله مما تتوق إليه النفوس ، فربط حصوله باتباعهم إياه مما يقبل بهم على تلقي ما يفسر هذا السبيل ، ويسترعي أسماعهم إلى ما يقوله إذ لعله سيأتيهم بما ترغبه أنفسهم إذ قد يظنون أنه نقح رأيه ونخل مقاله وأنه سيأتي بما هو الحق الملائم لهم . وتقدم ذكر
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=29سبيل الرشاد آنفا .
وأعاد النداء تأكيدا لإقبالهم إذ لاحت بوارقه فأكمل مقدمته بتفصيل ما أجمله يذكرهم بأن الحياة الدنيا محدودة بأجل غير طويل ، وأن وراءها حياة أبدية ، لأنه علم أن أشد دفاعهم عن دينهم منبعث عن محبة السيادة والرفاهية ، وذلك من متاع الدنيا الزائل وأن الخير لهم هو العمل للسعادة الأبدية . وقد بنى هذه المقدمة على ما كانوا عليه من معرفة أن وراء هذه الحياة حياة أبدية فيها حقيقة السعادة والشقاء ، وفيها الجزاء على الحسنات والسيئات بالنعيم أو العذاب ، إذ كانت ديانتهم تثبت حياة أخرى بعد الحياة الدنيا ولكنها حرفت معظم وسائل السعادة والشقاوة ، فهذه حقائق مسلمة عندهم على إجمالها وهي من نوع الأصول الموضوعة في صناعة الجدل ، وبذلك تمت مقدمة خطبته وتهيأت نفوسهم لبيان مقصده المفسر لإجمال مقدمته .
فجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39إنما هذه الحياة الدنيا متاع مبينة لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=38أهدكم سبيل الرشاد ، والمتاع : ما ينتفع به انتفاعا مؤجلا . والقرار : الدوام في المكان . والقصر المستفاد من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39إنما هذه الحياة الدنيا متاع قصر موصوف على صفة ، أي لا صفة للدنيا إلا أنها نفع مؤقت ، وهو قصر قلب لتنزيل قومه في تهالكهم على منافع الحياة منزلة من يحسبها منافع خالدة .
وجملتا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40من عمل سيئة إلى آخرهما بيان لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39وإن الآخرة هي دار القرار .
والقصر المستفاد من ضمير الفصل في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39وإن الآخرة هي دار القرار قصر قلب ، نظير القصر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39nindex.php?page=treesubj&link=30200إنما هذه الحياة الدنيا متاع ، وهو مؤكد للقصر في
[ ص: 150 ] قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39إنما هذه الحياة الدنيا متاع من تأكيد إثبات ضد الحكم لضد المحكوم عليه ، وهو قصر قلب ، أي لا الدنيا .
و ( من ) من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40من عمل سيئة شرطية . ومعنى إلا مثلها المماثلة في الوصف الذي دل عليه اسم السيئة وهو الجزاء السيئ ، أي لا يجزي عن عمل السوء بجزاء الخير ، أي لا يطمعوا أن يعملوا السيئات وأنهم يجازون عليها جزاء خير . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه وكان كثير الوعظ للناس فقيل له : إنك بوعظك تقنط الناس فقال أأنا أقدر أن أقنط الناس والله يقول
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ولكنكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوي أعمالكم ، وكأن المؤمن خص الجزاء بالأعمال لأنهم كانوا متهاونين بالأعمال وكان قصارى ما يهتمون به هو حسن الاعتقاد في الآلهة ، ولذلك توجد على جدر المعابد المصرية صورة الحساب في هيئة وضع قلب الميت في الميزان ليكون جزاؤه على ما يسفر عنه ميزان قلبه .
ولذلك ترى مؤمن آل
فرعون لم يهمل ذكر الإيمان بعد أن اهتم بتقديم الأعمال فتراه يقول
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=97من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن ،
nindex.php?page=treesubj&link=29680_29674فالإيمان هو أس هيكل النجاة ، ولذلك كان الكفر أس الشقاء الأبدي فإن كل عمل سيء فإن سوءه وفساده جزئي منقض فكان العقاب عليه غير أبدي ، وأما الكفر فهو سيئة دائمة مع صاحبها لأن مقرها قلبه واعتقاده وهو ملازم له فلذلك كان عقابه أبديا ، لأن الحكمة تقتضي المناسبة بين الأسباب وآثارها فدل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40فلا يجزى إلا مثلها أن جزاء الكفر شقاء أبدي لأنه مثل الكفر في كونه ملازما للكافر إن مات كافرا .
وبهذا البيان أبطلنا
قول المعتزلة والخوارج بمساواة مرتكب الكبائر للكافر في الخلود في العذاب ، بأنه قول يفضي إلى مزية الإيمان وذلك تنافيه أدلة الشريعة البالغة مبلغ القطع ، ونظير هذا المعنى قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=13فك رقبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أو إطعام في يوم ذي مسغبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يتيما ذا مقربة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=16أو مسكينا ذا متربة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثم كان من الذين آمنوا .
وترتيبه دخول الجنة على عمل الصالحات معناه : من عمل صالحا ولم يعمل سيئة
[ ص: 151 ] بقرينة مقابلته بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ، فإن خلط المؤمن عملا صالحا وسيئا فالمقاصة ، وبيانه في تفاصيل الشريعة .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40بغير حساب كناية على سعة الرزق ووفرته كما تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=37إن الله يرزق من يشاء بغير حساب في سورة آل عمران .
و ( من ) في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40ومن عمل صالحا إلخ شرطية ، وجوابها
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40فأولئك يدخلون الجنة .
وجيء باسم الإشارة للتنبيه على أن المشار إليه يستحق ما سيذكر بعد اسم الإشارة من أجل ما ذكر قبل اسم الإشارة من الأوصاف ، وهي عمل الصالحات مع الإيمان زيادة على استفادة ذلك من تعليقه على الجملة الشرطية . وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في جملة جواب الشرط لإفادة الحصر . والمعنى : أنكم إن متم على الشرك والعمل السيئ لا تدخلونها .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40من ذكر أو أنثى بيان لما في ( من ) من الإبهام من جانب احتمال التعميم فلفظ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40ذكر أو أنثى مراد به عموم الناس بذكر صنفيهم تنصيصا على إرادة العموم ، وليس المقصود به إفادة مساواة الأنثى للذكر في الجزاء على الأعمال إذ لا مناسبة له في هذا المقام ، وتعريض
بفرعون وخاصته أنهم غير مفلتين من الجزاء .
وقرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40يدخلون الجنة بفتح الياء . وقرأه
ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن
عاصم بضمها وفتح الخاء ، والمعنى واحد .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=29011_31913وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهْوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ .
هَذَا مَقَالٌ فِي مَقَامٍ آخَرَ قَالَهُ مُؤْمِنُ آلِ
فِرْعَوْنَ ، فَهَذِهِ الْمَقَالَاتُ الْمَعْطُوفَةُ بِالْوَاوِ مَقَالَاتٌ مُتَفَرِّقَةٌ . .
فَابْتَدَأَ مَوْعِظَتَهُ بِنِدَائِهِمْ لِيَلْفِتَ إِلَيْهِ أَذْهَانَهُمْ وَيَسْتَصْغِيَ أَسْمَاعَهُمْ ، وَبِعُنْوَانِ أَنَّهُمْ قَوْمُهُ لِتُصْغِيَ إِلَيْهِ أَفْئِدَتُهُمْ .
[ ص: 149 ] وَرَتَّبَ خُطْبَتَهُ عَلَى أُسْلُوبِ تَقْدِيمِ الْإِجْمَالِ ثُمَّ تَعْقِيبِهِ بِالتَّفْصِيلِ ، فَابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=38اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ ، وَسَبِيلُ الرَّشَادِ مُجْمَلٌ وَهُوَ عَلَى إِجْمَالِهِ مِمَّا تَتُوقُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ ، فَرَبَطَ حُصُولَهُ بِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ مِمَّا يُقْبِلُ بِهِمْ عَلَى تَلَقِّي مَا يُفَسِّرُ هَذَا السَّبِيلُ ، وَيَسْتَرْعِي أَسْمَاعَهُمْ إِلَى مَا يَقُولُهُ إِذْ لَعَلَّهُ سَيَأْتِيهِمْ بِمَا تَرْغَبُهُ أَنْفُسُهُمْ إِذْ قَدْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ نَقَّحَ رَأْيَهُ وَنَخَلَ مَقَالَهُ وَأَنَّهُ سَيَأْتِي بِمَا هُوَ الْحَقُّ الْمُلَائِمُ لَهُمْ . وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=29سَبِيلَ الرَّشَادِ آنِفًا .
وَأَعَادَ النِّدَاءَ تَأْكِيدًا لِإِقْبَالِهِمْ إِذْ لَاحَتْ بَوَارِقُهُ فَأَكْمَلَ مُقَدِّمَتَهُ بِتَفْصِيلِ مَا أَجْمَلَهُ يُذَكِّرُهُمْ بِأَنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا مَحْدُودَةٌ بِأَجَلٍ غَيْرِ طَوِيلٍ ، وَأَنَّ وَرَاءَهَا حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ، لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ أَشَدَّ دِفَاعِهِمْ عَنْ دِينِهِمْ مُنْبَعِثٌ عَنْ مَحَبَّةِ السِّيَادَةِ وَالرَّفَاهِيَةِ ، وَذَلِكَ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا الزَّائِلِ وَأَنَّ الْخَيْرَ لَهُمْ هُوَ الْعَمَلُ لِلسَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ . وَقَدْ بَنَى هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَةِ أَنَّ وَرَاءَ هَذِهِ الْحَيَاةِ حَيَاةً أَبَدِيَّةً فِيهَا حَقِيقَةُ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاءِ ، وَفِيهَا الْجَزَاءُ عَلَى الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ بِالنَّعِيمِ أَوِ الْعَذَابِ ، إِذْ كَانَتْ دِيَانَتُهُمْ تُثْبِتُ حَيَاةَ أُخْرَى بَعْدَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَكِنَّهَا حَرَّفَتْ مُعْظَمَ وَسَائِلِ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ ، فَهَذِهِ حَقَائِقٌ مَسَلَّمَةٌ عِنْدَهُمْ عَلَى إِجْمَالِهَا وَهِيَ مِنْ نَوْعِ الْأُصُولِ الْمَوْضُوعَةِ فِي صِنَاعَةِ الْجَدَلِ ، وَبِذَلِكَ تَمَّتْ مُقَدِّمَةُ خُطْبَتِهِ وَتَهَيَّأَتْ نُفُوسُهُمْ لِبَيَانِ مَقْصِدِهِ الْمُفَسَّرِ لِإِجْمَالِ مُقَدِّمَتِهِ .
فَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ مُبَيِّنَةٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=38أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ ، وَالْمَتَاعُ : مَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا مُؤَجَّلًا . وَالْقَرَارُ : الدَّوَامُ فِي الْمَكَانِ . وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ قَصْرٌ مَوْصُوفٌ عَلَى صِفَةٍ ، أَيْ لَا صِفَةَ لِلدُّنْيَا إِلَّا أَنَّهَا نَفْعٌ مُؤَقَّتٌ ، وَهُوَ قَصْرُ قَلْبٍ لِتَنْزِيلِ قَوْمِهِ فِي تَهَالُكِهِمْ عَلَى مَنَافِعِ الْحَيَاةِ مَنْزِلَةَ مَنْ يَحْسَبُهَا مَنَافِعَ خَالِدَةً .
وَجُمْلَتَا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً إِلَى آخِرِهِمَا بَيَانٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ .
وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ ضَمِيرِ الْفَصْلِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ قَصَّرُ قَلْبٍ ، نَظِيرُ الْقَصْرِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39nindex.php?page=treesubj&link=30200إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَهُوَ مُؤَكِّدٌ لِلْقَصْرِ فِي
[ ص: 150 ] قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=39إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ مِنْ تَأْكِيدِ إِثْبَاتِ ضِدِّ الْحُكْمِ لِضِدِّ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَصْرُ قَلْبٍ ، أَيْ لَا الدُّنْيَا .
وَ ( مَنْ ) مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً شَرْطِيَّةٌ . وَمَعْنَى إِلَّا مِثْلَهَا الْمُمَاثِلَةُ فِي الْوَصْفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ اسْمُ السَّيِّئَةِ وَهُوَ الْجَزَاءُ السَّيِّئُ ، أَيْ لَا يَجْزِي عَنْ عَمَلِ السُّوءِ بِجَزَاءِ الْخَيْرِ ، أَيْ لَا يَطْمَعُوا أَنْ يَعْمَلُوا السَّيِّئَاتِ وَأَنَّهُمْ يُجَازُونَ عَلَيْهَا جَزَاءَ خَيْرٍ . وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَكَانَ كَثِيرَ الْوَعْظِ لِلنَّاسِ فَقِيلَ لَهُ : إِنَّكَ بِوَعْظِكَ تُقْنِطُ النَّاسَ فَقَالَ أَأَنًّا أَقْدِرُ أَنْ أُقْنِطَ النَّاسَ وَاللَّهُ يَقُولُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مُسَاوِي أَعْمَالِكُمْ ، وَكَأَنَّ الْمُؤْمِنَ خَصَّ الْجَزَاءَ بِالْأَعْمَالِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَهَاوِنِينَ بِالْأَعْمَالِ وَكَانَ قُصَارَى مَا يَهْتَمُّونَ بِهِ هُوَ حُسْنُ الِاعْتِقَادِ فِي الْآلِهَةِ ، وَلِذَلِكَ تُوجَدُ عَلَى جُدُرِ الْمَعَابِدِ الْمِصْرِيَّةِ صُورَةُ الْحِسَابِ فِي هَيْئَةِ وَضْعِ قَلْبِ الْمَيِّتِ فِي الْمِيزَانِ لِيَكُونَ جَزَاؤُهُ عَلَى مَا يُسْفِرُ عَنْهُ مِيزَانُ قَلْبِهِ .
وَلِذَلِكَ تَرَى مُؤْمِنَ آلِ
فِرْعَوْنَ لَمْ يُهْمِلْ ذِكْرَ الْإِيمَانِ بَعْدَ أَنِ اهْتَمَّ بِتَقْدِيمِ الْأَعْمَالِ فَتَرَاهُ يَقُولُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=97مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29680_29674فَالْإِيمَانُ هُوَ أُسُّ هَيْكَلِ النَّجَاةِ ، وَلِذَلِكَ كَانَ الْكُفْرُ أُسَّ الشَّقَاءِ الْأَبَدِيِّ فَإِنَّ كُلَّ عَمَلٍ سَيِّءٍ فَإِنَّ سُوءَهُ وَفَسَادَهُ جُزْئِيٌّ مُنْقَضٍ فَكَانَ الْعِقَابُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَبَدِيٍّ ، وَأَمَّا الْكُفْرُ فَهُوَ سَيِّئَةٌ دَائِمَةٌ مَعَ صَاحِبِهَا لِأَنَّ مَقَرَّهَا قَلْبُهُ وَاعْتِقَادُهُ وَهُوَ مُلَازِمٌ لَهُ فَلِذَلِكَ كَانَ عِقَابُهُ أَبَدِيًّا ، لِأَنَّ الْحِكْمَةَ تَقْتَضِي الْمُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْأَسْبَابِ وَآثَارِهَا فَدَلَّ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا أَنَّ جَزَاءَ الْكُفْرِ شَقَاءٌ أَبَدِيٌّ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْكُفْرِ فِي كَوْنِهِ مُلَازِمًا لِلْكَافِرِ إِنْ مَاتَ كَافِرًا .
وَبِهَذَا الْبَيَانِ أَبْطَلْنَا
قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ بِمُسَاوَاةِ مُرْتَكِبِ الْكَبَائِرِ لِلْكَافِرِ فِي الْخُلُودِ فِي الْعَذَابِ ، بِأَنَّهُ قَوْلٌ يُفْضِي إِلَى مِزْيَةِ الْإِيمَانِ وَذَلِكَ تُنَافِيهِ أَدِلَّةُ الشَّرِيعَةِ الْبَالِغَةِ مَبْلَغَ الْقَطْعِ ، وَنَظِيرُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=13فَكُّ رَقَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=16أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا .
وَتَرْتِيبُهُ دُخُولَ الْجَنَّةِ عَلَى عَمَلِ الصَّالِحَاتِ مَعْنَاهُ : مَنْ عَمِلَ صَالَحَا وَلَمْ يَعْمَلْ سَيِّئَةً
[ ص: 151 ] بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا ، فَإِنَّ خَلْطَ الْمُؤْمِنِ عَمَلًا صَالِحًا وَسَيِّئًا فَالْمُقَاصَّةُ ، وَبَيَانُهُ فِي تَفَاصِيلِ الشَّرِيعَةِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40بِغَيْرِ حِسَابٍ كِنَايَةٌ عَلَى سَعَةِ الرِّزْقِ وَوَفْرَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=37إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ .
وَ ( مَنْ ) فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا إِلَخْ شَرْطِيَّةٌ ، وَجَوَابُهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ .
وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ يَسْتَحِقُّ مَا سَيُذْكَرُ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ أَجْلِ مَا ذُكِرَ قَبْلَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنَ الْأَوْصَافِ ، وَهِيَ عَمَلُ الصَّالِحَاتِ مَعَ الْإِيمَانِ زِيَادَةٌ عَلَى اسْتِفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ تَعْلِيقِهِ عَلَى الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ . وَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ فِي جُمْلَةِ جَوَابِ الشَّرْطِ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ . وَالْمَعْنَى : أَنَّكُمْ إِنْ مُتُّمْ عَلَى الشِّرْكِ وَالْعَمَلِ السَّيِّئِ لَا تَدْخُلُونَهَا .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَيَانٌ لِمَا فِي ( مَنْ ) مِنَ الْإِبْهَامِ مِنْ جَانِبِ احْتِمَالِ التَّعْمِيمِ فَلَفَظُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مُرَادٌ بِهِ عُمُومَ النَّاسِ بِذِكْرِ صِنْفَيْهِمْ تَنْصِيصًا عَلَى إِرَادَةِ الْعُمُومِ ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِهِ إِفَادَةَ مُسَاوَاةِ الْأُنْثَى لِلذَّكَرِ فِي الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ إِذْ لَا مُنَاسَبَةَ لَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ ، وَتَعْرِيضٌ
بِفِرْعَوْنَ وَخَاصَّتِهِ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُفْلِتِينِ مِنَ الْجَزَاءِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=40يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِفَتْحِ الْيَاءِ . وَقَرَأَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ
عَاصِمٍ بِضَمِّهَا وَفَتْحِ الْخَاءِ ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ .