الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [8] أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم .

                                                                                                                                                                                                                                      أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا أي: لا تقدرون أن تدفعوا عني سوءا، إن أصابني به. و(أم) -على ما قالوا- منقطعة مقدرة بـ: (بل)، الإضرابية وهمزة الاستفهام، المتجوز به عن الإنكار والتعجيب، ووجه كون الافتراء أشنع من السحر ، حتى أضرب عنه، أن الكذب خصوصا على الله متفق على قبحه، حتى ترى كل أحد يشمئز من نسبته إليه بخلاف السحر، فإنه، وإن قبح، فليس بهذه المرتبة، حتى تكاد تعد معرفته من السمات المرغوبة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5341 ] وقال الناصر: هذا الإضراب في بابه مثل الغاية التي قدمتها آنفا في بابها، فإنه انتقال إلى موافق، لكنه أزيد من الأول، فنزل لزيادته عليه، مع ما تقدمه مما ينقص عنه، منزلة المتنافيين، كالنفي والإثبات اللذين يضرب عن أحدهما للآخر، وذلك أن نسبتهم للآيات إلى أنها مفتريات، أشد وأبعد من نسبتها إلى أنها سحر. فأضرب عن ذلك الأول إلى ما ذكر ما هو أغرب منه. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      هو أعلم بما تفيضون فيه أي: تخوضون في حقه من أنه سحر أو إفك: كفى به شهيدا بيني وبينكم أي: يشهد لي بالصدق بما يؤيدني به من آياته، وصدق مواعيده: وهو الغفور الرحيم أي: لمن راجع منكم الكفر، وتاب، وآمن.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية