الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما

                                                                                                                                                                                                                                      51 - ترجي ؛ بلا همز؛ "مدني؛ وحمزة؛ وعلي؛ وخلف؛ وحفص"؛ وبهمز؛ غيرهم: "تؤخر"؛ من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ؛ تضم؛ بمعنى: "تترك مضاجعة من تشاء منهن؛ وتضاجع من تشاء؛ أو تطلق من تشاء؛ وتمسك من تشاء؛ أو لا تقسم لأيتهن شئت؛ وتقسم لمن شئت؛ أو تترك تزوج من شئت من نساء أمتك؛ وتتزوج من شئت"؛ وهذه قسمة جامعة لما هو الغرض؛ لأنه إما أن يطلق وإما أن يمسك؛ فإذا أمسك ضاجع؛ أو ترك وقسم؛ أو لم يقسم؛ وإذا طلق وعزل فإما أن يخلي المعزولة لا يبتغيها؛ أو يبتغيها؛ وروي أنه أرجى منهن جويرية وسودة وصفية وميمونة وأم حبيبة؛ وكان يقسم لهن ما شاء؛ كما شاء؛ وكانت ممن آوى إليه عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب؛ أرجى خمسا وآوى أربعا؛ وروي أنه [ ص: 40 ] كان يسوي؛ مع ما أطلق له؛ وخير فيه؛ إلا سودة؛ فإنها وهبت ليلتها لعائشة؛ وقالت: لا تطلقني حتى أحشر في زمرة نسائك؛ ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ؛ أي: ومن دعوت إلى فراشك؛ وطلبت صحبتها؛ ممن عزلت عن نفسك بالإرجاء؛ فضيق عليك في ذلك؛ أي: ليس إذا عزلتها لم يجز لك ردها إلى نفسك؛ و"من"؛ رفع بالابتداء؛ وخبره "فلا جناح"؛ ذلك ؛ التفويض إلى مشيئتك؛ أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن ؛ أي: أقرب إلى قرة عيونهن؛ وقلة حزنهن؛ ورضاهن جميعا؛ لأنهن إذا علمن أن هذا التفويض من عند الله اطمأنت نفوسهن؛ وذهب التغاير؛ وحصل الرضا؛ وقرت العيون؛ "كلهن"؛ بالرفع"؛ تأكيد لنون "يرضين"؛ وقرئ: "ويرضين كلهن بما آتيتهن"؛ على التقديم؛ وقرئ شاذا: "كلهن"؛ بالنصب؛ تأكيدا لـ "هن"؛ في "آتيتهن"؛ والله يعلم ما في قلوبكم ؛ فيه وعيد لمن لم يرض منهن بما دبر الله من ذلك؛ وفوض إلى مشيئة رسوله؛ وكان الله عليما ؛ بذات الصدور؛ حليما ؛ لا يعاجل بالعقوبة؛ فهو حقيق بأن يتقى؛ ويحذر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية