الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [7 - 9] والسماء ذات الحبك إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك

                                                                                                                                                                                                                                      والسماء ذات الحبك أي: الطرق المختلفة التي هي دوائر سير الكواكب. و (الحبك) أصل معناها ما يرى كالطريق في الرمل والماء، إذا ضربته الريح، وكذلك حبك الشعر: آثار تثنيه وتكسره. و(الحبك) بضمتين جمع حباك، كمثال ومثل وكتاب وكتب، أو حبيكة كطريقة وطرق. قال زهير يصف غديرا:


                                                                                                                                                                                                                                      مكلل بأصول النجم تنسجه ريح خريق لضاحي مائه حبك



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5524 ] ويقال: ما أملح حباك هذه الحمامة! وهو الخط الأسود على جناحها.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن الحسن : (ذات الحبك) أي: النجوم قال: حبكت بالخلق الحسن: حبكت بالنجوم؛ وذلك لأنها تزين السماء، كما يزين الثوب الموشى تحبيكه، فشبهت النجوم بطرائق الوشي مجازا بالاستعارة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض علماء الفلك: الحبك جمع حبيكة، بمعنى محبوكة، أي: مربوطة. فمعنى: ذات الحبك ذات المجاميع من الكواكب المربوط بعضها ببعض بحبال من الجاذبية، فإن كل حبيكة مجموعة من الكواكب المتجاذبة؛ فالآية الشريفة نص على تعدد المجاميع وعلى الجاذبية التي يزعم الإفرنج أنهم مكتشفوها؛ وعليه فهي إحدى معجزات القرآن العلمية. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      إنكم لفي قول مختلف أي: متخالف متناقض. قال ابن زيد: يتخرصون يقولون: هذا سحر، ويقولون: إن هذا إلا أساطير الأولين.

                                                                                                                                                                                                                                      يؤفك أي: يصرف عنه من أفك أي: صرف عن الحق الصريح الصرف التام؛ إذ لا صرف أشد منه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر القاضي في مناسبة المقسم به للمقسم عليه، هو تشبيه أقوالهم في اختلافها، وتنافي أغراضها بالطرائق للسماوات في تباعدها، واختلاف غاياتها.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أشار أنهم لم يؤفكوا لاتباعهم الدلائل، بل لأخذهم بالخرص والتخمين، بقوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية