[ ص: 548 ] nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28979وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم الجنوح : الميل ، يقال : جنح الرجل إلى الرجل : مال إليه ، ومنه قيل : للأضالع جوانح لأنها مالت إلى الحنوة ، وجنحت الإبل : إذا مالت أعناقها في السير ، ومنه قول ذي الرمة :
إذا مات فوق الرحل أحييت روحه بذكراك والعيس المراسيل جنح
ومثله قول
عنترة :
جوانح قد أيقن أن قبيله إذا ما التقى الجمعان أول غالب
يعني الطير ، والسلم : الصلح .
قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وأبو بكر وابن محيصن والمفضل بكسر السين ، وقرأ الباقون بفتحها .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي " فاجنح " بضم النون ، وقرأ الباقون بفتحها ، والأولى لغة قيس ، والثانية لغة تميم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : ولغة قيس هي القياس ، والسلم تؤنث كما تؤنث الحرب ، أو هي مؤولة بالخصلة ، أو الفعلة .
وقد اختلف أهل العلم هل هذه الآية منسوخة أم محكمة ؟ فقيل : هي منسوخة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين وقيل : ليست بمنسوخة ؛ لأن المراد بها قبول الجزية ، وقد قبلها منهم الصحابة فمن بعدهم ، فتكون خاصة بأهل الكتاب ، وقيل : إن المشركين إن دعوا إلى الصلح جاز أن يجابوا إليه ، وتمسك المانعون من
nindex.php?page=treesubj&link=8949مصالحة المشركين بقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=35فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ( محمد : 35 ) .
وقيدوا عدم الجواز بما إذا كان المسلمون في عزة وقوة لا إذا لم يكونوا كذلك ، فهو جائز كما وقع منه - صلى الله عليه وسلم - من مهادنة
قريش ، وما زالت الخلفاء والصحابة على ذلك ، وكلام أهل العلم في هذه المسألة معروف مقرر في مواطنه
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=61وتوكل على الله في جنوحك للسلم ولا تخف من مكرهم ، ف إنه - سبحانه - هو السميع لما يقولون العليم بما يفعلون .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62وإن يريدوا أن يخدعوك بالصلح ، وهم مضمرون الغدر والخدع
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62فإن حسبك الله أي كافيك ما تخافه من شرورهم بالنكث والغدر ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين تعليلية ، أي لا تخف من خدعهم ومكرهم ، فإن الله الذي قواك عليهم بالنصر فيما مضى ، وهو يوم
بدر ، هو الذي سينصرك ويقويك عليهم عند حدوث الخدع والنكث ، والمراد بالمؤمنين المهاجرون والأنصار .
ثم بين كيف كان تأييده بالمؤمنين فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63وألف بين قلوبهم وظاهره العموم وأن ائتلاف قلوب المؤمنين هو من أسباب النصر التي أيد الله بها رسوله .
وقال جمهور المفسرين : المراد
الأوس والخزرج ، فقد كان بينهم عصبية شديدة وحروب عظيمة فألف الله بين قلوبهم بالإيمان برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقيل : أراد التأليف بين المهاجرين والأنصار ، والحمل على العموم أولى ، فقد كانت العرب قبل البعثة المحمدية يأكل بعضهم بعضا ولا يحترم ماله ولا دمه ، حتى جاء الإسلام فصاروا يدا واحدة ، وذهب ما كان بينهم من العصبية ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم مقررة لمضمون ما قبلها .
والمعنى أن ما كان بينهم من العصبية والعداوة قد بلغ إلى حد لا يمكن دفعه بحال من الأحوال ، ولو أنفق الطالب له جميع ما في الأرض ، لم يتم له ما طلبه من التأليف ؛ لأن أمرهم في ذلك قد تفاقم جدا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63ولكن الله ألف بينهم بعظيم قدرته وبديع صنعه إنه عزيز لا يغالبه مغالب ، ولا يستعصي عليه أمر من الأمور حكيم في تدبيره ونفوذ نهيه وأمره .
وقد أخرج
ابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
مجاهد في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=61وإن جنحوا للسلم قال :
قريظة .
وأخرج
أبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، في الآية قال : نزلت في
بني قريظة نسختها
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=35فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم ( محمد : 35 ) إلى آخر الآية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : السلم الطاعة .
وأخرج
أبو الشيخ ، عنه في الآية قال : إن رضوا فارض .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، في الآية قال : إن أرادوا الصلح فأرده .
وأخرج
أبو عبيد وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في الآية قال : نسختها هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ( التوبة : 29 ) إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29وهم صاغرون ( التوبة : 5 ) .
وأخرج
عبد الرزاق ،
وابن المنذر ،
والنحاس ، في ناسخه
وأبو الشيخ ، عن
قتادة ، قال : ثم نسخ ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ( التوبة : 5 ) .
وأخرج
ابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
مجاهد في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62وإن يريدوا أن يخدعوك قال :
قريظة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62وبالمؤمنين قال : بالأنصار .
وأخرج
ابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير نحوه .
وأخرج
ابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، نحوه أيضا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : مكتوب على العرش لا إله إلا الله ، أنا الله وحدي لا شريك لي ، ومحمد عبدي ورسولي أيدته بعلمي ، وذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12455وابن أبي الدنيا nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ،
والحاكم وصححه
وابن مردويه ،
والبيهقي في الشعب عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أن هذه الآية نزلت في المتحابين في الله
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63لو أنفقت ما في الأرض جميعا الآية .
وأخرج
أبو عبيد وابن المنذر ،
وأبو الشيخ ،
والبيهقي في شعب الإيمان ، واللفظ له عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : قرابة الرحم تقطع ، ومنة المنعم تكفر ، ولم نر مثل تقارب القلوب ، يقول الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63لو أنفقت ما في الأرض جميعا الآية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك وعبد الرزاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ،
والحاكم والبيهقي عنه نحوه ، وليس في هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ما يدل على أنه سبب النزول ، ولكن الشأن في قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - : إن هذه الآية نزلت في المتحابين في الله مع أن الواقع قبلها
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين والواقع بعدها
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=64ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ( الأنفال : 64 )
[ ص: 549 ] ومع كون الضمير في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63ما ألفت بين قلوبهم يرجع إلى المؤمنين المذكورين قبله بلا شك ولا شبهة ، وكذلك الضمير في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63ولكن الله ألف بينهم فإن هذا يدل على أن التأليف المذكور هو بين المؤمنين الذين أيد الله بهم رسوله - صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 548 ] nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28979وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الْجُنُوحُ : الْمَيْلُ ، يُقَالُ : جَنَحَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ : مَالَ إِلَيْهِ ، وَمِنْهُ قِيلَ : لِلْأَضَالِعِ جَوَانِحُ لِأَنَّهَا مَالَتْ إِلَى الْحَنْوَةِ ، وَجَنَحَتِ الْإِبِلُ : إِذَا مَالَتْ أَعْنَاقُهَا فِي السَّيْرِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ :
إِذَا مَاتَ فَوْقَ الرَّحْلِ أَحْيَيْتُ رُوحَهُ بِذِكْرَاكَ وَالْعِيسُ الْمَرَاسِيلُ جُنَّحُ
وَمِثْلُهُ قَوْلُ
عَنْتَرَةَ :
جَوَانِحُ قَدْ أَيْقَنَّ أَنَّ قَبِيلَهُ إِذَا مَا الْتَقَى الْجَمْعَانِ أَوَّلَ غَالِبٍ
يَعْنِي الطَّيْرَ ، وَالسَّلْمُ : الصُّلْحُ .
قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ وَأَبُو بَكْرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَالْمُفَضَّلُ بِكَسْرِ السِّينِ ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14798الْعُقَيْلِيُّ " فَاجْنُحْ " بِضَمِّ النُّونِ ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا ، وَالْأُولَى لُغَةُ قَيْسٍ ، وَالثَّانِيَةُ لُغَةُ تَمِيمٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيٍّ : وَلُغَةُ قَيْسٍ هِيَ الْقِيَاسُ ، وَالسَّلْمُ تُؤَنَّثُ كَمَا تُؤَنَّثُ الْحَرْبُ ، أَوْ هِيَ مُؤَوَّلَةٌ بِالْخَصْلَةِ ، أَوِ الْفِعْلَةِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ أَمْ مُحْكَمَةٌ ؟ فَقِيلَ : هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ وَقِيلَ : لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا قَبُولُ الْجِزْيَةِ ، وَقَدْ قَبِلَهَا مِنْهُمُ الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ ، فَتَكُونُ خَاصَّةً بِأَهْلِ الْكِتَابِ ، وَقِيلَ : إِنَّ الْمُشْرِكِينَ إِنْ دَعَوْا إِلَى الصُّلْحِ جَازَ أَنْ يُجَابُوا إِلَيْهِ ، وَتَمَسَّكَ الْمَانِعُونَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=8949مُصَالَحَةِ الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=35فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ ( مُحَمَّدٍ : 35 ) .
وَقَيَّدُوا عَدَمَ الْجَوَازِ بِمَا إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي عِزَّةٍ وَقُوَّةٍ لَا إِذَا لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ ، فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مُهَادَنَةِ
قُرَيْشٍ ، وَمَا زَالَتِ الْخُلَفَاءُ وَالصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ ، وَكَلَامُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْرُوفٌ مُقَرَّرٌ فِي مَوَاطِنِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=61وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فِي جُنُوحِكَ لِلسَّلْمِ وَلَا تَخَفْ مِنْ مَكْرِهِمْ ، فَ إِنَّهُ - سُبْحَانَهُ - هُوَ السَّمِيعُ لِمَا يَقُولُونَ الْعَلِيمُ بِمَا يَفْعَلُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ بِالصُّلْحِ ، وَهُمْ مُضْمِرُونَ الْغَدْرَ وَالْخَدْعَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ أَيْ كَافِيَكَ مَا تَخَافُهُ مِنْ شُرُورِهِمْ بِالنَّكْثِ وَالْغَدْرِ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ تَعْلِيلِيَّةٌ ، أَيْ لَا تَخَفْ مِنْ خَدْعِهِمْ وَمَكْرِهِمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ الَّذِي قَوَّاكَ عَلَيْهِمْ بِالنَّصْرِ فِيمَا مَضَى ، وَهُوَ يَوْمُ
بَدْرٍ ، هُوَ الَّذِي سَيَنْصُرُكَ وَيُقَوِّيكَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ حُدُوثِ الْخَدْعِ وَالنَّكْثِ ، وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ .
ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفَ كَانَ تَأْيِيدُهُ بِالْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَأَنَّ ائْتِلَافَ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ الَّتِي أَيَّدَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ .
وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ : الْمُرَادُ
الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ ، فَقَدْ كَانَ بَيْنَهُمْ عَصَبِيَّةٌ شَدِيدَةٌ وَحُرُوبٌ عَظِيمَةٌ فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ بِالْإِيمَانِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقِيلَ : أَرَادَ التَّأْلِيفَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْعُمُومِ أَوْلَى ، فَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ قَبْلَ الْبِعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ يَأْكُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَلَا يَحْتَرِمُ مَالَهُ وَلَا دَمَهُ ، حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ فَصَارُوا يَدًا وَاحِدَةً ، وَذَهَبَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهَا .
وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ وَالْعَدَاوَةِ قَدْ بَلَغَ إِلَى حَدٍّ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، وَلَوْ أَنْفَقَ الطَّالِبُ لَهُ جَمِيعَ مَا فِي الْأَرْضِ ، لَمْ يَتِمَّ لَهُ مَا طَلَبَهُ مِنَ التَّأْلِيفِ ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُمْ فِي ذَلِكَ قَدْ تَفَاقَمَ جِدًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ بِعَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَبَدِيعِ صُنْعِهِ إِنَّهُ عَزِيزٌ لَا يُغَالِبُهُ مُغَالِبٌ ، وَلَا يَسْتَعْصِي عَلَيْهِ أَمْرٌ مِنَ الْأُمُورِ حَكِيمٌ فِي تَدْبِيرِهِ وَنُفُوذِ نَهْيِهِ وَأَمْرِهِ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=61وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ قَالَ :
قُرَيْظَةُ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، فِي الْآيَةِ قَالَ : نَزَلَتْ فِي
بَنِي قُرَيْظَةَ نَسَخَتْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=35فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ( مُحَمَّدٍ : 35 ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : السَّلْمُ الطَّاعَةُ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ ، عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ : إِنْ رَضُوا فَارْضَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، فِي الْآيَةِ قَالَ : إِنْ أَرَادُوا الصُّلْحَ فَأَرِدْهُ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي الْآيَةِ قَالَ : نَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ( التَّوْبَةِ : 29 ) إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29وَهُمْ صَاغِرُونَ ( التَّوْبَةِ : 5 ) .
وَأَخْرَجَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
وَالنَّحَّاسُ ، فِي نَاسِخِهِ
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَالَ : ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ( التَّوْبَةِ : 5 ) .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ قَالَ :
قُرَيْظَةُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62وَبِالْمُؤْمِنِينَ قَالَ : بِالْأَنْصَارِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=114النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ نَحْوَهُ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، نَحْوَهُ أَيْضًا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : مَكْتُوبٌ عَلَى الْعَرْشِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَنَا اللَّهُ وَحْدِي لَا شَرِيكَ لِي ، وَمُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي أَيَّدْتُهُ بِعِلْمِي ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنُ الْمُبَارَكِ nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12455وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13863وَالْبَزَّارُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ،
وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا الْآيَةَ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ ، وَاللَّفْظُ لَهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَرَابَةُ الرَّحِمِ تُقْطَعُ ، وَمِنَّةُ الْمُنْعِمِ تُكْفَرُ ، وَلَمْ نَرَ مِثْلَ تَقَارُبِ الْقُلُوبِ ، يَقُولُ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا الْآيَةَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ،
وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ نَحْوَهُ ، وَلَيْسَ فِي هَذَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَبَبُ النُّزُولِ ، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ قَبْلَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَالْوَاقِعَ بَعْدَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=64يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( الْأَنْفَالِ : 64 )
[ ص: 549 ] وَمَعَ كَوْنِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ يَرْجِعُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ الْمَذْكُورِينَ قَبْلَهُ بِلَا شَكٍّ وَلَا شُبْهَةٍ ، وَكَذَلِكَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=63وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّأْلِيفَ الْمَذْكُورَ هُوَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَيَّدَ اللَّهُ بِهِمْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .