الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 468 ] التاسعة : اختلفوا في وقت ملك الوارث : قيل في آخر جزء من أجزاء حياة المورث ، وقيل بموته ، وقد ذكرناه مع فائدة الاختلاف في الفرائض من الفوائد ، والدين المستغرق للتركة يمنع ملك الوارث ، قال في جامع الفصولين من الفصل الثامن والعشرين : لو استغرقها دين لا يملكها بإرث إلا إذا أبرأ الميت غريمه أو أداه وارثه بشرط التبرع وقت الأداء ، أما لو أداه من مال نفسه مطلقا ، بشرط التبرع أو الرجوع ، يجب له دين على الميت فتصير مشغولة بدين فلا يملكها ;

                20 - فلو ترك ابنا وقنا ودينه مستغرق فأداه وارثه ثم أذن للقن في التجارة أو كاتبه لم يصح إذا لم يملكه ،

                21 - ولا ينفذ بيع الوارث التركة المستغرقة بالدين

                22 - وإنما يبيعه القاضي والدين المستغرق بمنع جواز الصلح والقسمة فإن لم يستغرق لا ينبغي أن يصالحوا ما لم يقضوا دينه ، ولو [ ص: 469 ] فعلوا جاز ، ولو اقتسموها ثم ظهر دين محبط أو لا ردت القسمة وللوارث استخلاص التركة بقضاء الدين ولو مستغرقا . وهنا مسألة : لو كان الدين للوارث والمال منحصر فيه ; فهل يسقط الدين وما يأخذه ميراث أو لا ، وما يأخذه دينه ؟ قال في آخر البزازية : استغراق التركة بدين الوارث إذا كان هو الوارث لا غير لا يمنع الإرث ( انتهى ) . ثم اعلم أن ملك الوارث بطريق الخلافة عن الميت ، فهو قائم مقامه كأنه حي فيرد المبيع بعيب ويرد عليه ، ويصير مغرورا بالجارية التي اشتراها الميت ، ويصح إثبات دين الميت عليه ويتصرف وصي الميت بالبيع في التركة مع وجوده . وأما ملك الموصى له فليس خلافة عنه بل بعقد يملكه ابتداء ، فانعكست الأحكام المذكورة في حقه ،

                23 - كذا ذكره الصدر الشهيد رحمه الله في شرح أدب القضاء للخصاف وذكر في التلخيص ما ذكرناه ، وزاد عليه أنه يصح شراء ما باع الميت بأقل مما باع قبل نقد الثمن بخلاف الوارث

                [ ص: 468 ]

                التالي السابق


                [ ص: 468 ] قوله : فلو ترك ابنا وقنا ودينه مستغرق . أقول في العمادية عن الصغرى وأحاله إلى الجامع : إن استغرق التركة بدين الوارث إذا كان هو الوارث لا غير لا يمنع الإرث كما سيذكره عن البزازية .

                ( 21 ) قوله : ولا ينفذ بيع الوارث التركة المستغرقة بالدين إلخ يعني أن بيعه موقوف على رضاء الغرماء . قال في البزازية في السابع من كتاب الوصايا : لا يملك الوارث بيع التركة المستغرقة بالدين المحيط إلا برضاء الغرماء .

                ( 22 ) قوله : وإنما يبيعه القاضي . أقول ذكر الضمير الراجع للتركة لتأويلها بالمتروك ثم أقول : ينبغي أن يكون البيع بحضرة الورثة لما لهم من حق إمساكها وقضاء الدين من مالهم أخذا مما في الثالث من العمادية أن المأذون المديون لا يبيعه القاضي إلا بحضرة مولاه ، والجامع بين المسألتين تعلق الحق للوارث كالمولى . [ ص: 469 ]

                ( 23 ) قوله : كذا ذكره الصدر الشهيد إلخ . نص عبارته : وإن ادعى قوم على الميت ديونا فإن أرادوا أن يثبتوا ذلك على الميت فليس لهم أن يثبتوا ذلك إلا بمحضر خصم من وارث أو وصي وليس لهم أن يثبتوا ذلك على غريم للميت عليه دين ولا موصى له ولا غريم له على الميت دين أما الغريم الذي للميت عليه دين فلان المدعي لا [ ص: 470 ] يدعي عليه شيئا وإنما يدعي دينا في ذمة الميت لكن إذا ثبت ذلك ثبت له ولاية الاستيفاء من هذا الغريم باعتبار أنه تركة الميت فلا يكون الغريم له خصما بخلاف الوارث أو الوصي ، فلأنه يدعي حق قبض الذي عليه لنفسه ، وأما الموصى له فلأنه ليس بخليفة للميت فيما يتملك بل يتملك ابتداء بعقد الوصية ألا ترى أنه لا يرد بالعيب ولا يرد عليه ولا يصير مغرورا فيما اشتراه الموصي ، وإذا لم يكن خليفة لا يملك المدعي إثبات دين عليه ، وأما الغريم الذي له على الميت دين فكذا أيضا ( انتهى ) .

                وتمام الكلام فيه فليراجع من الباب الثالث والسبعين . هذا واعلم أنه وقع في الهداية هنا أن الوصية خلافة كالوراثة وهو مشكل فإن المصرح به أن ملك الموصى له ليس بطريق الخلافة كملك الوارث قال المصنف في البحر : وقد ظهر لي أن صاحب الهداية أراد بالخلافة أن ملك كل منهما يكون بعد الموت لا بمعنى أنه قائم مقامه ، ومما يدل على عدم الخلافة ما في تلخيص الجامع بعد بيان أن ملكه ليس خلافة أنه يصح شراؤه ما باع الميت بأقل مما باع قبل نقد الثمن بخلاف الوارث




                الخدمات العلمية