الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب

                                                                                                                                                                                                                                      إن كل إلا كذب الرسل استئناف جيء به تقريرا لتكذيبهم، وبيانا لكيفيته، وتمهيدا لما يعقبه، أي : ما كل أحد من آحاد أولئك الأحزاب، أو الأحزاب، أو ما كل حزب منهم إلا كذب الرسل; لأن تكذيب واحد منهم تكذيب لهم جميعا لاتفاق الكل على الحق . وقيل : ما كل حزب إلا كذب رسوله على نهج مقابلة الجمع بالجمع، وأيا ما كان فالاستثناء مفرغ من أعم العلل في خبر المبتدأ، أي : ما كل أحد منهم محكوما عليه بحكم إلا محكوم عليه بأنه كذب الرسل، وقيل : ما كل واحد منهم مخبرا عنه بخبر إلا مخبر عنه بأنه كذب الرسل . وفي إسناد التكذيب إلى الطوائف المذكورة على وجه الإبهام أولا، والإيذان بأن كلا منهم حزب على حياله تحزب على رسوله ثانيا، وتبيين كيفية تكذيبهم بالجملة الاستثنائية ثالثا . فنون من المبالغة مسجلة عليهم باستحقاق أشد العذاب وأفظعه، ولذلك رتب عليه قوله تعالى : فحق عقاب أي : ثبت ووقع على كل منهم عقابي الذي كانت توجبه جناياتهم من أصناف العقوبات المفصلة في مواقعها، وإما بالمبتدأ . وقوله تعالى : إن كل إلا كذب الرسل خبره بحذف العائد، أي : إن كل منهم . . . إلخ . والجملة استئناف مقرر لما قبله مؤكد لمضمونه مع ما فيه من بيان كيفية تكذيبهم، والتنبيه على أنهم الذين جعل الجند المهزوم منهم كما ذكر . وقيل : هو مبتدأ وخبر . والمعنى أن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم منهم هم هم، وأنهم الذين وجد منهم التكذيب فتدبر . وأما ما قيل من أنه خبر والمبتدأ قوله تعالى : وعاد . . . إلخ . أو قوله : وقوم لوط . . . إلخ . فما يجب تنزيه ساحة التنزيل عن أمثاله .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية