الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين

                                                                                                                                                                                                                                      تلك إشارة إلى الآيات المشتملة على تنعيم الأبرار وتعذيب الكفار ومعنى البعد للإيذان بعلو شأنها وسمو مكانها في الشرف، وهو مبتدأ وقوله تعالى: آيات الله خبره. وقوله تعالى: نتلوها جملة حالية من الآيات والعامل فيها معنى الإشارة أو هي الخبر و "آيات الله" بدل من اسم الإشارة والالتفات إلى التكلم [ ص: 70 ] بنون العظمة مع كون التلاوة على لسان جبريل عليه السلام لإبراز كمال العناية بالتلاوة. وقرئ "يتلوها" على إسناد الفعل إلى ضميره تعالى. وقوله تعالى: عليك متعلق بـ "نتلوها". وقوله تعالى: بالحق حال مؤكدة من فاعل "نتلوها" أو من مفعوله، أي: ملتبسين أو ملتبسة بالحق والعدل ليس في حكمها شائبة جور بنقص ثواب المحسن أو بزيادة عقاب المسيء أو بالعقاب من غير جرم بل كل ذلك موفى لهم حسب استحقاقهم بأعمالهم بموجب الوعد والوعيد. وقوله تعالى: وما الله يريد ظلما للعالمين تذييل مقرر لمضمون ما قبله على أبلغ وجه وآكده فإن تنكير الظلم وتوجيه النفي إلى إرادته بصيغة المضارع دون نفسه، وتعليق الحكم بآحاد الجمع المعرف والالتفات إلى الاسم الجليل إشعارا بعلة الحكم بيان لكمال نزاهته عز وجل عن الظلم بما لا مزيد عليه، أي: ما يريد فردا من أفراد الظلم لفرد من أفراد العالمين في وقت من الأوقات فضلا عن أن يظلمهم، فإن المضارع كما يفيد الاستمرار في الإثبات يفيده في النفي بحسب المقام كما أن الجملة الاسمية تدل بمعونة المقام على دوام الثبوت وعند دخول حرف النفي تدل على دوام الانتفاء لا على انتفاء الدوام، وفي سبك الجملة نوع إيماء إلى التعريض بأن الكفرة هم الظالمون; ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد كما في قوله تعالى: إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية