ولما أخبر عن كثرتهم وقوتهم وآثارهم الدالة على [مكنتهم]، سبب عنه شرح حالهم، الذي أدى إلى هلاكهم واغتيالهم، فقال مبينا لما أغنى:
nindex.php?page=treesubj&link=19037_28752_30539_30549_32410_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83فلما جاءتهم رسلهم أي: الذين أرسلناهم إليهم وهم منهم يعرفون صدقهم وأمانتهم
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83بالبينات أي: الدالة على صدقهم لا محالة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83فرحوا أي: القوم الموصوفون
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83بما عندهم من العلم الذي أثروا به تلك الآثار في الأرض من إنباط المياه وجر الأثقال وهندسة الأبنية ومعرفة الأقاليم وإرصاد الكواكب لأجل معرفة أحوال المعاش، وغير ذلك من ظواهر العلوم المؤدية إلى التفاخر والتعاظم والتكاثر وقوفا مع الوهم، وتقييدا بالحاضر من [الرسم] من علم ظاهر الحياة الدنيا وقناعة بالفاني كما قال التي قبلها
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=49ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم وكما قال
قارون لما قيل له
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وأحسن كما أحسن الله إليك قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78إنما أوتيته على علم عندي وفرحهم به
[ ص: 128 ] لأنه أداهم إلى التوسع في الدنيا والتلذذ بها واستهزءوا بما آتتهم به الرسل من علم الباطن الداعي إلى الإعراض عن الفاني والإقبال على الباقي والخوف مما بعد الموت من الأمور الغائبة والأهوال الآتية والكوائن العظيمة المستورة بحجاب هذه [الحياة] الدنيا الواهي، على ما فيها من الذوات والمعاني والأحوال والأوجال والدواهي، والذي حركهم إلى الفرح بما عندهم [هو] ما هم فيه من الزهرة مع ما يرون من تقلل الرسل وأتباعهم من الدنيا، وإسراع المصائب إليهم، وكثرة ما يعانونه من الهموم والأنكاد، ويكابدونه من الأنداد والأضداد، فاشتد استهزاؤهم بهم وبما أتوا به، بعدهم ذلك محالا وباطلا وضلالا، وكانوا لا ينفكون من فعل الفرح الأشر البطر بالتضاحك والتمايل كما قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=47فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ونصبوا للرسل وأتباعهم المكايد، وأحاطوا بهم المكر والغوايل، وهموا بأخذهم فأنجينا رسلنا ومن آمن بهم منهم وآتيناهم بما أزال فرحهم، وأطال غمهم وترحهم
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83وحاق أي: أحاط على وجه الشدة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83بهم ما كانوا أي: عادة مستمرة.
ولما كان استهزاءهم بالحق عظيما جدا، عد استهزاءهم بغيره عدما، وأشار إلى ذلك بتقديم الحال فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83به يستهزئون من الوعيد الذي
[ ص: 129 ] كانوا قاطعين ببطلانه فعلم قطعا أنه إنما يفرح من العلم بما تضمن النجاة والسعادة الأبدية على أن سوق الكلام هكذا مليء بالاستهزاء بهم والتهكم عليهم لأنهم نصبوا العالم المطيق [المنطيق] الذي إذا غلب خصمه فأسكته وألقمه الحجر فأخرسه وأفحمه بواضح الحجة وقويم المحجة ظهر عليه السرور وغلبه الفرح فإن عاند خصمه ووقف مع وهمه استهزأ به وتضاحك منه - هذا مع ما عنده من عمايات الجهل التي لا يقدرون على إنكارها بدليل اعتراف هؤلاء الذين أرسل إليهم هذا النبي الكريم أن أهل الكتاب أعلم منهم، فكانوا يوجهون ركابهم إلى اليهود يسألونهم عن [أمرهم] وأمره [على أنه] قد أتاهم بما يعلي به قدرهم على أهل الكتاب، ويجعلهم المخصوصين بالسيادة على مر الأحقاب، وهم يأبون بمجادلتهم بالباطل إلا سفولا وإعراضا عن الصواب، وعدولا ونكوصا ونكولا، والآية مرشدة إلى أنه لا يتعلم إلا من ظن من نفسه القصور، ولهذا [كان] أقبل شيء للعلم الصغار. والآية من الاحتباك: إثبات الفرح أولا دليل على حذف
[ ص: 130 ] ضده ثانيا، وإثبات الاستهزاء ثانيا دليل على حذف مثله أولا.
ولما كانت هذه السورة في بيان العزة التي هي نتيجة كمال العلم وشمول القدرة، وكان عظم العزة بحسب عظمة المأخوذ بها المعاند لها، كرر ذكر المجادلة في هذه السورة تكريرا أذن بذلك فقال في أولها
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ثم دل على أنهم مأخوذون من غير أن يغني [عنهم] جدالهم الذي أنتجه ضلالهم، وعلى توابع ذلك ترغيبا وترهيبا إلى أن قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13هو الذي يريكم آياته وذكر بعض ما اشتد إلفهم له حتى سقطت غرابته عندهم، فنبههم على ما فيه ليكفهم عن الجدال ويغتنوا به على اقتراح غيره، ثم ذكر قصة
موسى عليه الصلاة والسلام مذكرا لهم ما حصل من تعذيب المكذبين المجادلين بعد وقوع ما اقترحوا من الآيات بقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=154فأت بآية إن كنت من الصادقين ومضى يذكر وينذر ويحذر في تلك الأساليب التي هي أمضى من السيوف، وأجلى من الشموس في الصحو دون الكسوف، حتى قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا ثم شرع في إتمام قصة
موسى عليه السلام إلى أن قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ثم شرع يعدد الآيات العظيمة التي تأبى لشدة وضوحها جدال المجادل، وضلال المماحك المماحل، لولا أنه قد
[ ص: 131 ] أخرجتها شدة الألف لها من حيز الغرابة من خلق الخافقين وتكوير الملوين، وبسط الأرض ورفع السماء وتصوير الإنسان وما فيه من عظيم الشأن، فكشفت ستورها، وبين دلالتها وظهورها، ولفت الكلام إلى تهديد المجادلين بقوله منكرا عليهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون على عادة البلغاء في أنه إذا أخرس أحدهم خصمه بما هو من حججه كالشمس نورا وطلعة [وظهورا] أنكر بالاستفهام الذي هو أمر من وقع السهام.
وَلَمَّا أَخْبَرَ عَنْ كَثْرَتِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ وَآثَارِهِمُ الدَّالَّةِ عَلَى [مُكْنَتِهِمْ]، سَبَّبَ عَنْهُ شَرْحُ حَالِهِمُ، الَّذِي أَدَّى إِلَى هَلَاكِهِمْ وَاغْتِيَالِهِمْ، فَقَالَ مُبَيِّنًا لِمَا أَغْنَى:
nindex.php?page=treesubj&link=19037_28752_30539_30549_32410_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ أَيِ: الَّذِينَ أَرْسَلْنَاهُمْ إِلَيْهِمْ وَهُمْ مِنْهُمْ يَعْرِفُونَ صِدْقَهُمْ وَأَمَانَتَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83بِالْبَيِّنَاتِ أَيِ: الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِمْ لَا مَحَالَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83فَرِحُوا أَيِ: الْقَوْمُ الْمَوْصُوفُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي أَثَّرُوا بِهِ تِلْكَ الْآثَارَ فِي الْأَرْضِ مِنْ إِنْبَاطِ الْمِيَاهِ وَجَرِّ الْأَثْقَالِ وَهَنْدَسَةِ الْأَبْنِيَةِ وَمَعْرِفَةِ الْأَقَالِيمِ وَإِرْصَادِ الْكَوَاكِبِ لِأَجْلِ مَعْرِفَةِ أَحْوَالِ الْمَعَاشِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ظَوَاهِرِ الْعُلُومِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ وَالتَّكَاثُرِ وُقُوفًا مَعَ الْوَهْمِ، وَتَقْيِيدًا بِالْحَاضِرِ مِنَ [الرَّسْمِ] مِنْ عِلْمِ ظَاهِرِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَقَنَاعَةِ بِالْفَانِي كَمَا قَالَ الَّتِي قَبْلَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=49ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ وَكَمَا قَالَ
قَارُونُ لَمَّا قِيلَ لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=78إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي وَفَرَّحَهُمْ بِهِ
[ ص: 128 ] لِأَنَّهُ أَدَّاهُمْ إِلَى التَّوَسُّعِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّلَذُّذِ بِهَا وَاسْتَهْزَءُوا بِمَا آتَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ مِنْ عِلْمِ الْبَاطِنِ الدَّاعِي إِلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ الْفَانِي وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْبَاقِي وَالْخَوْفِ مِمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنَ الْأُمُورِ الْغَائِبَةِ وَالْأَهْوَالِ الْآتِيَةِ وَالْكَوَائِنِ الْعَظِيمَةِ الْمَسْتُورَةِ بِحِجَابِ هَذِهِ [الْحَيَاةِ] الدُّنْيَا الْوَاهِي، عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الذَّوَاتِ وَالْمَعَانِي وَالْأَحْوَالِ وَالْأَوْجَالِ وَالدَّوَاهِي، وَالَّذِي حَرَّكَهُمْ إِلَى الْفَرَحِ بِمَا عِنْدَهُمْ [هُوَ] مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الزَّهْرَةِ مَعَ مَا يَرَوْنَ مَنْ تَقَلُّلِ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِسْرَاعِ الْمَصَائِبِ إِلَيْهِمْ، وَكَثْرَةِ مَا يُعَانُونَهُ مِنَ الْهُمُومِ وَالْأَنْكَادِ، وَيُكَابِدُونَهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْأَضْدَادِ، فَاشْتَدَّ اسْتِهْزَاؤُهُمْ بِهِمْ وَبِمَا أَتَوْا بِهِ، بَعْدَهُمْ ذَلِكَ مُحَالًا وَبَاطِلًا وَضَلَالًا، وَكَانُوا لَا يَنْفَكُّونَ مِنْ فِعْلِ الْفَرَحِ الْأَشِرِ الْبَطَرِ بِالتَّضَاحُكِ وَالتَّمَايُلِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=47فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ وَنَصَبُوا لِلرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمُ الْمَكَايِدَ، وَأَحَاطُوا بِهِمُ الْمَكْرَ وَالْغَوَايِلَ، وَهَمُّوا بِأَخْذِهِمْ فَأَنْجَيْنَا رُسُلَنَا وَمَنْ آمَنَ بِهِمْ مِنْهُمْ وَآتَيْنَاهُمْ بِمَا أَزَالَ فَرَحَهُمْ، وَأَطَالَ غَمَّهُمْ وَتَرْحَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83وَحَاقَ أَيْ: أَحَاطَ عَلَى وَجْهِ الشِّدَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83بِهِمْ مَا كَانُوا أَيْ: عَادَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ.
وَلَمَّا كَانَ اسْتِهْزَاءُهُمْ بِالْحَقِّ عَظِيمًا جِدًّا، عَدَّ اسْتِهْزَاءَهُمْ بِغَيْرِهِ عَدَمًا، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِتَقْدِيمِ الْحَالِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=83بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ مِنَ الْوَعِيدِ الَّذِي
[ ص: 129 ] كَانُوا قَاطِعِينَ بِبُطْلَانِهِ فَعَلِمَ قَطْعًا أَنَّهُ إِنَّمَا يَفْرَحُ مِنَ الْعِلْمِ بِمَا تَضَمَّنَ النَّجَاةَ وَالسَّعَادَةَ الْأَبَدِيَّةَ عَلَى أَنَّ سَوْقَ الْكَلَامِ هَكَذَا مَلِيءٌ بِالِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ وَالتَّهَكُّمِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ نَصَبُوا الْعَالَمَ الْمُطِيقَ [الْمِنْطِيقَ] الَّذِي إِذَا غَلَبَ خَصْمُهُ فَأَسْكَتَهُ وَأَلْقَمَهُ الْحَجَرَ فَأَخْرَسَهُ وَأَفْحَمَهُ بِوَاضِحِ الْحُجَّةِ وَقَوِيمِ الْمَحَجَّةِ ظَهَرَ عَلَيْهِ السُّرُورُ وَغَلَبَهُ الْفَرَحُ فَإِنْ عَانَدَ خَصْمُهُ وَوَقَفَ مَعَ وَهْمِهِ اسْتَهْزَأَ بِهِ وَتَضَاحَكَ مِنْهُ - هَذَا مَعَ مَا عِنْدَهُ مِنْ عَمَايَاتِ الْجَهْلِ الَّتِي لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إِنْكَارِهَا بِدَلِيلِ اعْتِرَافِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ هَذَا النَّبِيُّ الْكَرِيمُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، فَكَانُوا يُوَجِّهُونَ رِكَابَهُمْ إِلَى الْيَهُودِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنْ [أَمْرِهِمْ] وَأَمْرُهُ [عَلَى أَنَّهُ] قَدْ أَتَاهُمْ بِمَا يُعْلِي بِهِ قَدْرَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَيَجْعَلُهُمُ الْمَخْصُوصِينَ بِالسِّيَادَةِ عَلَى مَرِّ الْأَحْقَابِ، وَهُمْ يَأْبَوْنَ بِمُجَادَلَتِهِمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا سُفُولًا وَإِعْرَاضًا عَنِ الصَّوَابِ، وَعُدُولًا وَنُكُوصًا وَنُكُولًا، وَالْآيَةُ مُرْشِدَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّمُ إِلَّا مَنْ ظَنَّ مِنْ نَفْسِهِ الْقُصُورَ، وَلِهَذَا [كَانَ] أَقْبَلَ شَيْءٍ لِلْعَلَمِ الصِّغَارُ. وَالْآيَةُ مِنَ الِاحْتِبَاكِ: إِثْبَاتُ الْفَرَحِ أَوَّلًا دَلِيلٌ عَلَى حَذْفِ
[ ص: 130 ] ضِدِّهِ ثَانِيًا، وَإِثْبَاتُ الِاسْتِهْزَاءِ ثَانِيًا دَلِيلٌ عَلَى حَذْفِ مِثْلِهِ أَوَّلًا.
وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي بَيَانِ الْعِزَّةِ الَّتِي هِيَ نَتِيجَةُ كَمَالِ الْعِلْمِ وَشُمُولِ الْقُدْرَةِ، وَكَانَ عِظَمُ الْعِزَّةِ بِحَسَبِ عَظَمَةِ الْمَأْخُوذِ بِهَا الْمُعَانِدِ لَهَا، كَرَّرَ ذِكْرَ الْمُجَادَلَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ تَكْرِيرًا أَذِنَ بِذَلِكَ فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مَأْخُوذُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُغْنِيَ [عَنْهُمْ] جِدَالُهُمُ الَّذِي أَنْتَجَهُ ضَلَالُهُمْ، وَعَلَى تَوَابِعِ ذَلِكَ تَرْغِيبًا وَتَرْهِيبًا إِلَى أَنْ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَذَكَرَ بَعْضَ مَا اشْتَدَّ إِلْفُهُمْ لَهُ حَتَّى سَقَطَتْ غَرَابَتُهُ عِنْدَهُمْ، فَنَبَّهَهُمْ عَلَى مَا فِيهِ لِيَكُفَّهُمْ عَنِ الْجِدَالِ وَيَغْتَنُوا بِهِ عَلَى اقْتِرَاحِ غَيْرِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ
مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُذَكِّرًا لَهُمْ مَا حَصَلَ مِنْ تَعْذِيبِ الْمُكَذِّبِينَ الْمُجَادِلِينَ بَعْدَ وُقُوعِ مَا اقْتَرَحُوا مِنَ الْآيَاتِ بِقَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=154فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ وَمَضَى يُذَكِّرُ وَيُنْذِرُ وَيُحَذِّرُ فِي تِلْكَ الْأَسَالِيبِ الَّتِي هِيَ أَمْضَى مِنَ السُّيُوفِ، وَأَجْلَى مِنَ الشُّمُوسِ فِي الصَّحْوِ دُونَ الْكُسُوفِ، حَتَّى قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ شَرَعَ فِي إِتْمَامِ قِصَّةِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ثُمَّ شَرَعَ يُعَدِّدُ الْآيَاتِ الْعَظِيمَةَ الَّتِي تَأْبَى لِشِدَّةِ وُضُوحِهَا جِدَالَ الْمُجَادِلِ، وَضَلَالَ الْمُمَاحِكِ الْمُمَاحِلِ، لَوْلَا أَنَّهُ قَدْ
[ ص: 131 ] أَخْرَجَتْهَا شِدَّةُ الْأَلِفِ لَهَا مِنْ حَيِّزِ الْغَرَابَةِ مِنْ خَلْقِ الْخَافِقِينَ وَتَكْوِيرِ الْمَلَوَيْنِ، وَبَسْطِ الْأَرْضِ وَرَفْعِ السَّمَاءِ وَتَصْوِيرِ الْإِنْسَانِ وَمَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الشَّأْنِ، فَكَشَفَتْ سُتُورَهَا، وَبَيَّنَ دَلَالَتَهَا وَظُهُورَهَا، وَلَفَتَ الْكَلَامَ إِلَى تَهْدِيدِ الْمُجَادِلِينَ بِقَوْلِهِ مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ عَلَى عَادَةِ الْبُلَغَاءِ فِي أَنَّهُ إِذَا أَخْرَسَ أَحَدَهُمْ خَصْمَهُ بِمَا هُوَ مِنْ حُجَجِهِ كَالشَّمْسِ نُورًا وَطَلْعَةً [وَظُهُورًا] أَنْكَرَ بِالِاسْتِفْهَامِ الَّذِي هُوَ أَمْرٌ مِنْ وَقْعِ السِّهَامِ.