الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 297 ] وثيابك فطهر هو في النظم مثل نظم وربك فكبر أي : لا تترك تطهير ثيابك .

وللثياب إطلاق صريح وهو ما يلبسه اللابس ، وإطلاق كنائي فيكنى بالثياب عن ذات صاحبها كقول عنترة :


فشككت بالرمح الأصم ثيابه

كناية عن طعنه بالرمح .

وللتطهير إطلاق حقيقي وهو التنظيف وإزالة النجاسات ، وإطلاق مجازي وهو التزكية ، قال تعالى إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .

والمعنيان صالحان في الآية فتحمل عليهما معا فتحصل أربعة معان ؛ لأنه مأمور بالطهارة الحقيقية لثيابه إبطالا لما كان عليه أهل الجاهلية من عدم الاكتراث بذلك . وقد وردت أحاديث في ذلك يقوي بعضها بعضا وأقواها ما رواه الترمذي " إن الله نظيف يحب النظافة " وقال : هو غريب .

والطهارة لجسده بالأولى .

ومناسبة التطهير بهذا المعنى ؛ لأنه يعطف على وربك فكبر ؛ لأنه لما أمر بالصلاة أمر بالتطهر لها ؛ لأن الطهارة مشروعة للصلاة .

وليس في القرآن ذكر طهارة الثوب إلا في هذه الآية في أحد محاملها وهو مأمور بتزكية نفسه .

والمعنى المركب من الكنائي والمجازي هو الأعلق بإضافة النبوءة عليه . وفي كلام العرب : فلان نقي الثياب . وقال غيلان بن سلمة الثقفي :


وإني بحمد الله لا ثوب فاجر     لبست ولا من غدرة أتقنع

وأنشدوا قول أبي كبشة وينسب إلى امرئ القيس :


ثياب عوف طهارى نقية     وأوجههم بيض المسافر غران

[ ص: 298 ] ودخول الفاء على فعل ( فطهر ) كما تقدم عند قوله وربك فكبر .

وتقديم ( ثيابك ) على فعل ( طهر ) للاهتمام به في الأمر بالتطهير .

التالي السابق


الخدمات العلمية