الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ 148 ] فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين

                                                                                                                                                                                                                                      فآتاهم الله ثواب الدنيا من النصر والغنيمة ، وقهر العدو ، والثناء الجميل ، وانشراح الصدر بنور الإيمان ، وكفارة السيئات : وحسن ثواب الآخرة وهو الجنة وما فيها من النعيم المقيم . وتخصيص وصف الحسن بثواب الآخرة للإيذان بفضله ومزيته ، وأنه المعتد به عنده تعالى ، بخلاف الدنيا ؛ لقلتها وامتزاجها بالمضار ، وكونها منقطعة زائلة : [ ص: 992 ] والله يحب المحسنين إشارة إلى أن ما حكى عنهم من الأفعال والأقوال من باب الإحسان .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الرازي : فيه دقيقة لطيفة ، وهي أن هؤلاء لما اعترفوا بكونهم مسيئين حيث قالوا : ربنا اغفر لنا الآية - سماهم الله محسنين ، كأن الله تعالى يقول لهم : إذا اعترفت بإساءتك وعجزك فأنا أصفك بالإحسان وأجعلك حبيبا لنفسي حتى تعلم أنه لا سبيل للعبد إلى الوصول إلى حضرة الله إلا بإظهار الذلة والمسكنة والعجز .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم حذرهم سبحانه ، إثر ترغيبهم في الاقتداء بأنصار الأنبياء المفضي لسعادة الدارين ، من طاعة عدوهم . وأخبر أنه إن أطاعوهم خسروا الدنيا والآخرة . وفي ذلك تعريض بالمنافقين الذين أطاعوا المشركين لما انتصروا وظفروا يوم أحد ، بقوله :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية