الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( قوله باب nindex.php?page=treesubj&link=6155الإجارة الفاسدة )
وهي كل عقد كان مشروعا بأصله دون وصفه وبين الفاسد والباطل هنا فرق أيضا فإن الباطل ما ليس بمشروع أصلا وحكمه أنه لا يجب فيه بالاستعمال أجر بخلاف الفاسد فإنه يجب فيه به أجرة المثل صرح به في الحقائق شرح المنظومة في مسألة إجارة المشاع وهكذا في جامع الفصولين لكن بين الإجارة والبيع فرق فإن الفاسد من البيع يملك بالقبض والفاسد من الإجارة لا يملك المنافع بالقبض حتى لو قبضها المستأجر ليس له أن يؤاجرها ولو أجرها وجب أجر المثل ولا يكون غاصبا وللآجر الأول أن ينقض هذه الإجارة كذا في الخلاصة ( قوله nindex.php?page=treesubj&link=6178يفسد الإجارة الشرط ) أي الشروط المعهودة المتقدمة في باب البيع الفاسد التي ليست من مقتضى العقد لا كل شرط لأن الإجارة عقد معاوضة [ ص: 312 ] محصنة تقال وتفسخ فكانت كالبيع فكل ما أفسد البيع أفسدها وقد ضبطه nindex.php?page=showalam&ids=15071الشيخ أبو الحسن الكرخي في مختصره فقال إذا كان nindex.php?page=treesubj&link=6179_6177_6175ما وقع عليه عقد الإجارة مجهولا في نفسه أو في أجرة أو في مدة الإجارة أو في العمل المستأجر عليه فالإجارة فاسدة وكل جهالة تدخل في البيع فتفسده من جهة الجهالة فكذلك هي في الإجارة ا هـ .
والشروط التي تفسدها تفصيلا كاشتراط تطيين الدار ومرمتها أو تعليق باب عليها أو إدخال جذع في سقفها على المستأجر وكذا اشتراط كري نهر الأرض أو ضرب مسناة عليها أو حفر بئر فيها أو أن يسرقنها على المستأجر وكذلك اشتراط رد الأرض مكروبة وكذا لو شرط إن انقطع الماء عن الرحى فالأجر عليه وكذا إن تكارى دابة إلى بغداد أو على أنه إن رزق شيئا أعطاه وإن بلغت بغداد فله كذا وإلا فلا شيء له فهي فاسدة وعليه أجر مثل ما سار عليها وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=6178استأجر عبدا شهرا على أنه إن مرض فيه عمل في الشهر الذي بعده بقدر الأيام التي مرض فيها كذا في غاية البيان فخرج ما يقتضيه العقد كاشتراط أن يدفع له الأجر إذا رجع من السفر واشتراط أن يفرغ له اليوم وفي الخلاصة معزيا إلى الأصل لو nindex.php?page=treesubj&link=6179استأجر دارا على أن يعمرها ويعطي نوائبها تفسد لأنه شرط مخالف لمقتضى العقد ا هـ .
فعلم بهذا أن ما يقع في زماننا من nindex.php?page=treesubj&link=6179إجارة أرض الوقف بأجرة معلومة على أن المغارم وكلفة الكاشف على المستأجر أو على أن الجرف على المستأجر فاسد كما لا يخفى .
( قوله وله أجر مثله لا يجاوز به المسمى ) لأن الفاسد ملحق بالصحيح فوجد في قدر المسمى شبهة العقد وفيما زاد عليه لم يوجد فيه عقد ولا شبهة فبقي على الأصل وأشار بعدم مجاوزته للمسمى إلى أن الكلام فيما إذا كان المسمى معلوما غير محرم لأنه لو كان الفساد لجهالة المسمى كله أو بعضه أو لعدمه ليس فيه مسمى حتى يصح أن تنتفي المجاوزة عنه فلهذا وجب أجر المثل بالغا ما بلغ وكذا لو كان الأجر خمرا أو خنزيرا فإنه يجب أجر المثل بالغا ما بلغ واستثنى الشارح أيضا ما إذا nindex.php?page=treesubj&link=6178استأجر دارا على أن لا يسكنها فالإجارة فاسدة ويجب أجر المثل بالغا ما بلغ إن سكنها وفيه نظر لأن الأجرة إن لم تكن مسماة فهي المسألة المتقدمة وإن كانت مسماة ينبغي أن لا يجاوز به المسمى كغيرها من الشروط وقد ذكرها في الخلاصة ولم يتعرض للأجرة ثم قال وإن شرط أن يسكنها المستأجر وحده يجوز والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وهذا آخر ما نظمه بنان التحقيق في سمط الدراري وتحلى به عقود البيان ففاق اللآلئ في جيد الجواري ونهاية ما يسر الله تأليفه للعلامة الفاضل والأستاذ الكامل الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم رحمه الله تعالى وغفر الله لنا وله ولكل المسلمين أجمعين آمين والحمد لله رب العالمين .