(
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير )
قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجإ يومئذ وما لكم من نكير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير )
اعلم أنه تعالى لما أطنب في الوعد والوعيد ذكر بعده ما هو المقصود ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ) ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47من الله ) يجوز أن يكون صلة لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47لا مرد له ) يعني : لا يرده الله بعدما حكم به ، ويجوز أن يكون صلة لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47يأتي ) أي : من قبل أن يأتي من الله يوم لا يقدر أحد على رده ، واختلفوا في المراد بذلك اليوم ، فقيل : يوم ورود الموت ، وقيل : يوم القيامة ؛ لأنه وصف ذلك اليوم بأنه (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47لا مرد له ) وهذا الوصف موجود في كلا اليومين ، ويحتمل أن يكون معنى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47لا مرد له ) أنه لا يقبل التقديم والتأخير أو أن يكون معناه أن لا مرد فيه إلى حال التكليف حتى يحصل فيه التلافي .
ثم قال تعالى في وصف ذلك اليوم (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47ما لكم من ملجإ ) ينفع في التخلص من العذاب (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47وما لكم من نكير ) ممن ينكر ذلك حتى يتغير حالكم بسبب ذلك المنكر ، ويجوز أن يكون المراد من النكير الإنكار ، أي : لا تقدرون أن تنكروا شيئا مما اقترفتموه من الأعمال (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فإن أعرضوا ) أي هؤلاء الذين أمرتهم بالاستجابة ، أي لم
[ ص: 158 ] يقبلوا هذا الأمر (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فما أرسلناك عليهم حفيظا ) بأن تحفظ أعمالهم وتحصيها (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48إن عليك إلا البلاغ ) وذلك تسلية من الله تعالى ، ثم إنه تعالى بين السبب في إصرارهم على مذاهبهم الباطلة ، وذلك أنهم وجدوا في الدنيا سعادة وكرامة ،
nindex.php?page=treesubj&link=29497والفوز بمطالب الدنيا يفيد الغرور والفجور والتكبر وعدم الانقياد للحق ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها ) ونعم الله في الدنيا وإن كانت عظيمة إلا أنها بالنسبة إلى السعادات المعدة في الآخرة كالقطرة بالنسبة إلى البحر ، فلذلك سماها ذوقا فبين تعالى أن الإنسان إذا فاز بهذا القدر الحقير الذي حصل في الدنيا فإنه يفرح بها ويعظم غروره بسببها ويقع في العجب والكبر ، ويظن أنه فاز بكل المنى ووصل إلى أقاصي السعادات ، وهذه طريقة من يضعف اعتقاده في سعادات الآخرة ، وهذه الطريقة مخالفة لطريقة المؤمن الذي لا يعد نعم الدنيا إلا كالوصلة إلى نعم الآخرة ، ثم بين أنه متى أصابتهم " سيئة " أي شيء يسوءهم في الحال كالمرض والفقر وغيرهما ، فإنه يظهر منه الكفر ، وهو معنى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فإن الإنسان كفور ) والكفور الذي يكون مبالغا في الكفران ، ولم يقل : فإنه كفور ، ليبين أن طبيعة الإنسان تقتضي هذه الحالة إلا إذا أدبها الرجل بالآداب التي أرشد الله إليها ، ولما ذكر الله إذاقة الإنسان الرحمة وإصابته بضدها أتبع ذلك بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49لله ملك السماوات والأرض ) والمقصود منه أن لا يغتر الإنسان بما ملكه من المال والجاه ، بل إذا علم أن الكل ملك الله وملكه ، وأنه إنما حصل ذلك القدر تحت يده لأن الله أنعم عليه به فحينئذ يصير ذلك حاملا له على مزيد الطاعة والخدمة ، وأما إذا اعتقد أن تلك النعم إنما تحصل بسبب عقله وجده واجتهاده بقي مغرورا بنفسه معرضا عن طاعة الله تعالى ، ثم ذكر من أقسام تصرف الله في العالم أنه يخص البعض بالأولاد والإناث ، والبعض بالذكور ، والبعض بهما ، والبعض بأن يجعله محروما من الكل ، وهو المراد من قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50ويجعل من يشاء عقيما ) .
واعلم أن أهل الطبائع يقولون : السبب في حدوث الولد صلاح حال النطفة والرحم ، وسبب الذكورة استيلاء الحرارة ، وسبب الأنوثة استيلاء البرودة ، وقد ذكرنا هذا الفصل بالاستقصاء التام في سورة النحل ، وأبطلناه بالدلائل اليقينية ، وظهر أن ذلك من الله تعالى ، لا أنه من الطبائع والأنجم والأفلاك ، وفي الآية سؤالات :
السؤال الأول : أنه قدم الإناث في الذكر على الذكور فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ) ، ثم في الآية الثانية قدم الذكور على الإناث فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ) فما السبب في هذا التقديم والتأخير ؟
السؤال الثاني : أنه
nindex.php?page=treesubj&link=28914_34077ذكر الإناث على سبيل التنكير فقال : ( nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يهب لمن يشاء إناثا ) وذكر الذكور بلفظ التعريف فقال : ( nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49ويهب لمن يشاء الذكور ) فما السبب في هذا الفرق ؟
السؤال الثالث : لم قال في إعطاء الإناث وحدهن ، وفي إعطاء الذكور وحدهم بلفظ الهبة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ) وقال في إعطاء الصنفين معا (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ) .
والسؤال الرابع : لما كان حصول الولد هبة من الله فيكفي في عدم حصوله أن لا يهب ، فأي حاجة في عدم حصوله إلى أن يقول (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50ويجعل من يشاء عقيما ) ؟
السؤال الخامس : هل المراد من هذا الحكم جمع معينون أو المراد الحكم على الإنسان المطلق ؟
[ ص: 159 ] والجواب عن السؤال الأول من وجوه :
الأول : أن الكريم يسعى في أن يقع الختم على الخير والراحة والسرور والبهجة ، فإذا وهب الولد الأنثى أولا ثم أعطاه الذكر بعده فكأنه نقله من الغم إلى الفرح ، وهذا غاية الكرم ، أما إذا أعطى الولد أولا ثم أعطى الأنثى ثانيا فكأنه نقله من الفرح إلى الغم ، فذكر تعالى هبة الولد الأنثى أولا ، وثانيا هبة الولد الذكر حتى يكون قد نقله من الغم إلى الفرح ، فيكون ذلك أليق بالكرم .
الوجه الثاني : أنه إذا أعطي الولد الأنثى أولا علم أنه لا اعتراض له على الله تعالى فيرضى بذلك ، فإذا أعطاه الولد الذكر بعد ذلك علم أن هذه الزيادة فضل من الله تعالى وإحسان إليه ، فيزداد شكره وطاعته ، ويعلم أن ذلك إنما حصل بمحض الفضل والكرم .
والوجه الثالث : قال بعض المذكرين : الأنثى ضعيفة ناقصة عاجزة ، فقدم ذكرها تنبيها على أنه كلما كان العجز والحاجة أتم كانت عناية الله به أكثر .
الوجه الرابع : كأنه يقال : أيتها المرأة الضعيفة العاجزة إن أباك وأمك يكرهان وجودك ، فإن كانا قد كرها وجودك فأنا قدمتك في الذكر لتعلمي أن المحسن المكرم هو الله تعالى ، فإذا علمت المرأة ذلك زادت في الطاعة والخدمة والبعد عن موجبات الطعن والذم ، فهذه المعاني هي التي لأجلها وقع ذكر الإناث مقدما على ذكر الذكور ، وإنما قدم ذكر الذكور بعد ذلك على ذكر الإناث لأن الذكر أكمل وأفضل من الأنثى ، والأفضل الأكمل مقدم على الأخس الأرذل ، والحاصل أن النظر إلى كونه ذكرا أو أنثى يقتضي تقديم ذكر الذكر على ذكر الأنثى ، أما العوارض الخارجية التي ذكرناها فقد أوجبت تقديم ذكر الأنثى على ذكر الذكر ، فلما حصل المقتضي للتقديم والتأخير في البابين لا جرم قدم هذا مرة وقدم ذلك مرة أخرى ، والله أعلم .
وأما السؤال الثاني : وهو قوله : لم عبر عن الإناث بلفظ التنكير ، وعن الذكور بلفظ التعريف ؟ فجوابه : أن المقصود منه التنبيه على كون الذكر أفضل من الأنثى .
وأما السؤال الثالث : وهو قوله : لم قال تعالى في إعطاء الصنفين (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ) ؟ فجوابه : أن كل شيئين يقرن أحدهما بالآخر فهما زوجان ، وكل واحد منهما يقال له زوج ، والكناية في (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50يزوجهم ) عائدة على الإناث والذكور التي في الآية الأولى ، والمعنى : يقرن الإناث والذكور ، فيجعلهم أزواجا .
وأما السؤال الرابع : فجوابه أن العقيم هو الذي لا يولد له ، يقال : رجل عقيم لا يلد ، وامرأة عقيم لا تلد ، وأصل العقم القطع ، ومنه قيل : الملك عقيم ؛ لأنه يقطع فيه الأرحام بالقتل والعقوق .
وأما السؤال الخامس : فجوابه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يهب لمن يشاء إناثا ) يريد
لوطا وشعيبا - عليهما السلام - لم يكن لهما إلا البنات (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49ويهب لمن يشاء الذكور ) يريد
إبراهيم - عليه السلام - لم يكن له إلا الذكور (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ) يريد
محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان له من البنين أربعة :
القاسم والطاهر وعبد الله وإبراهيم ، ومن البنات أربعة :
زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50ويجعل من يشاء عقيما ) يريد
عيسى ويحيى ، وقال الأكثرون من المفسرين : هذا الحكم عام في حق كل الناس ، لأن المقصود بيان
nindex.php?page=treesubj&link=33679_28783نفاذ قدرة الله في تكوين الأشياء كيف شاء وأراد ، فلم يكن للتخصيص معنى ، والله أعلم . ثم ختم الآية بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50إنه عليم قدير ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : عليم بما خلق ، قدير على ما يشاء أن يخلقه ، والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ )
قَوْلُهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ )
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَطْنَبَ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ) ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47مِنَ اللَّهِ ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِلَةً لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47لَا مَرَدَّ لَهُ ) يَعْنِي : لَا يَرُدُّهُ اللَّهُ بَعْدَمَا حَكَمَ بِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِلَةً لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47يَأْتِيَ ) أَيْ : مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ اللَّهِ يَوْمٌ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى رَدِّهِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ الْيَوْمِ ، فَقِيلَ : يَوْمُ وُرُودِ الْمَوْتِ ، وَقِيلَ : يَوْمُ الْقِيَامَةِ ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِأَنَّهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47لَا مَرَدَّ لَهُ ) وَهَذَا الْوَصْفُ مَوْجُودٌ فِي كِلَا الْيَوْمَيْنِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47لَا مَرَدَّ لَهُ ) أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ أَوْ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنْ لَا مَرَدَّ فِيهِ إِلَى حَالِ التَّكْلِيفِ حَتَّى يَحْصُلَ فِيهِ التَّلَافِي .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ ) يَنْفَعُ فِي التَّخَلُّصِ مِنَ الْعَذَابِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ) مِمَّنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ حَتَّى يَتَغَيَّرَ حَالُكُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْمُنْكَرِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ النَّكِيرِ الْإِنْكَارَ ، أَيْ : لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تُنْكِرُوا شَيْئًا مِمَّا اقْتَرَفْتُمُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فَإِنْ أَعْرَضُوا ) أَيْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَمَرْتُهُمْ بِالِاسْتِجَابَةِ ، أَيْ لَمْ
[ ص: 158 ] يَقْبَلُوا هَذَا الْأَمْرَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) بِأَنْ تَحْفَظَ أَعْمَالَهُمْ وَتُحْصِيَهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ) وَذَلِكَ تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ السَّبَبَ فِي إِصْرَارِهِمْ عَلَى مَذَاهِبِهِمُ الْبَاطِلَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي الدُّنْيَا سَعَادَةً وَكَرَامَةً ،
nindex.php?page=treesubj&link=29497وَالْفَوْزُ بِمُطَالَبِ الدُّنْيَا يُفِيدُ الْغُرُورَ وَالْفُجُورَ وَالتَّكَبُّرَ وَعَدَمَ الِانْقِيَادِ لِلْحَقِّ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ) وَنِعَمُ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةً إِلَّا أَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّعَادَاتِ الْمُعَدَّةِ فِي الْآخِرَةِ كَالْقَطْرَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبَحْرِ ، فَلِذَلِكَ سَمَّاهَا ذَوْقًا فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا فَازَ بِهَذَا الْقَدْرِ الْحَقِيرِ الَّذِي حَصَلَ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَفْرَحُ بِهَا وَيَعْظُمُ غُرُورُهُ بِسَبَبِهَا وَيَقَعُ فِي الْعُجْبِ وَالْكِبْرِ ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ فَازَ بِكُلِّ الْمُنَى وَوَصَلَ إِلَى أَقَاصِي السَّعَادَاتِ ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ مَنْ يَضْعُفُ اعْتِقَادُهُ فِي سَعَادَاتِ الْآخِرَةِ ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُخَالِفَةٌ لِطَرِيقَةِ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَعُدُّ نِعَمَ الدُّنْيَا إِلَّا كَالْوُصْلَةِ إِلَى نِعَمِ الْآخِرَةِ ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ مَتَى أَصَابَتْهُمْ " سَيِّئَةٌ " أَيْ شَيْءٌ يَسُوءُهُمْ فِي الْحَالِ كَالْمَرَضِ وَالْفَقْرِ وَغَيْرِهِمَا ، فَإِنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ الْكُفْرُ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ ) وَالْكَفُورُ الَّذِي يَكُونُ مُبَالِغًا فِي الْكُفْرَانِ ، وَلَمْ يَقُلْ : فَإِنَّهُ كَفُورٌ ، لِيُبَيِّنَ أَنَّ طَبِيعَةَ الْإِنْسَانِ تَقْتَضِي هَذِهِ الْحَالَةَ إِلَّا إِذَا أَدَّبَهَا الرَّجُلُ بِالْآدَابِ الَّتِي أَرْشَدَ اللَّهُ إِلَيْهَا ، وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ إِذَاقَةَ الْإِنْسَانِ الرَّحْمَةَ وَإِصَابَتَهُ بِضِدِّهَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنْ لَا يَغْتَرَّ الْإِنْسَانُ بِمَا مَلَكَهُ مِنَ الْمَالِ وَالْجَاهِ ، بَلْ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الْكُلَّ مِلْكُ اللَّهِ وَمُلْكُهُ ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا حَصَّلَ ذَلِكَ الْقَدْرَ تَحْتَ يَدِهِ لِأَنَّ اللَّهَ أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِهِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ ذَلِكَ حَامِلًا لَهُ عَلَى مَزِيدِ الطَّاعَةِ وَالْخِدْمَةِ ، وَأَمَّا إِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ تِلْكَ النِّعَمَ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِسَبَبِ عَقْلِهِ وَجِدِّهِ وَاجْتِهَادِهِ بَقِيَ مَغْرُورًا بِنَفْسِهِ مُعْرِضًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَقْسَامِ تَصَرُّفِ اللَّهِ فِي الْعَالَمِ أَنَّهُ يَخُصُّ الْبَعْضَ بِالْأَوْلَادِ وَالْإِنَاثِ ، وَالْبَعْضَ بِالذُّكُورِ ، وَالْبَعْضَ بِهِمَا ، وَالْبَعْضَ بِأَنْ يَجْعَلَهُ مَحْرُومًا مِنَ الْكُلِّ ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الطَّبَائِعِ يَقُولُونَ : السَّبَبُ فِي حُدُوثِ الْوَلَدِ صَلَاحُ حَالِ النُّطْفَةِ وَالرَّحِمِ ، وَسَبَبُ الذُّكُورَةِ اسْتِيلَاءُ الْحَرَارَةِ ، وَسَبَبُ الْأُنُوثَةِ اسْتِيلَاءُ الْبُرُودَةِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْفَصْلَ بِالِاسْتِقْصَاءِ التَّامِّ فِي سُورَةِ النَّحْلِ ، وَأَبْطَلْنَاهُ بِالدَّلَائِلِ الْيَقِينِيَّةِ ، وَظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، لَا أَنَّهُ مِنَ الطَّبَائِعِ وَالْأَنْجُمِ وَالْأَفْلَاكِ ، وَفِي الْآيَةِ سُؤَالَاتٌ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : أَنَّهُ قَدَّمَ الْإِنَاثَ فِي الذِّكْرِ عَلَى الذُّكُورِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) ، ثُمَّ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ قَدَّمَ الذُّكُورَ عَلَى الْإِنَاثِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ) فَمَا السَّبَبُ فِي هَذَا التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ؟
السُّؤَالُ الثَّانِي : أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28914_34077ذَكَرَ الْإِنَاثَ عَلَى سَبِيلِ التَّنْكِيرِ فَقَالَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا ) وَذَكَرَ الذُّكُورَ بِلَفْظِ التَّعْرِيفِ فَقَالَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) فَمَا السَّبَبُ فِي هَذَا الْفَرْقِ ؟
السُّؤَالُ الثَّالِثُ : لِمَ قَالَ فِي إِعْطَاءِ الْإِنَاثِ وَحْدَهُنَّ ، وَفِي إِعْطَاءِ الذُّكُورِ وَحْدَهُمْ بِلَفْظِ الْهِبَةِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) وَقَالَ فِي إِعْطَاءِ الصِّنْفَيْنِ مَعًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ) .
وَالسُّؤَالُ الرَّابِعُ : لَمَّا كَانَ حُصُولُ الْوَلَدِ هِبَةً مِنَ اللَّهِ فَيَكْفِي فِي عَدَمِ حُصُولِهِ أَنْ لَا يَهَبَ ، فَأَيُّ حَاجَةٍ فِي عَدَمِ حُصُولِهِ إِلَى أَنْ يَقُولَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ) ؟
السُّؤَالُ الْخَامِسُ : هَلِ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ جَمْعٌ مُعَيَّنُونَ أَوِ الْمُرَادُ الْحُكْمُ عَلَى الْإِنْسَانِ الْمُطْلَقِ ؟
[ ص: 159 ] وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ مِنْ وُجُوهٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْكَرِيمَ يَسْعَى فِي أَنْ يَقَعَ الْخَتْمُ عَلَى الْخَيْرِ وَالرَّاحَةِ وَالسُّرُورِ وَالْبَهْجَةِ ، فَإِذَا وُهِبَ الْوَلَدَ الْأُنْثَى أَوَّلًا ثُمَّ أَعْطَاهُ الذَّكَرَ بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ نَقَلَهُ مِنَ الْغَمِّ إِلَى الْفَرَحِ ، وَهَذَا غَايَةُ الْكَرَمِ ، أَمَّا إِذَا أَعْطَى الْوَلَدَ أَوَّلًا ثُمَّ أَعْطَى الْأُنْثَى ثَانِيًا فَكَأَنَّهُ نَقَلَهُ مِنَ الْفَرَحِ إِلَى الْغَمِّ ، فَذَكَرَ تَعَالَى هِبَةَ الْوَلَدِ الْأُنْثَى أَوَّلًا ، وَثَانِيًا هِبَةَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ حَتَّى يَكُونَ قَدْ نَقَلَهُ مِنَ الْغَمِّ إِلَى الْفَرَحِ ، فَيَكُونَ ذَلِكَ أَلْيَقَ بِالْكَرَمِ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهُ إِذَا أُعْطِيَ الْوَلَدَ الْأُنْثَى أَوَّلًا عَلِمَ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ لَهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَرْضَى بِذَلِكَ ، فَإِذَا أَعْطَاهُ الْوَلَدَ الذَّكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِحْسَانٌ إِلَيْهِ ، فَيَزْدَادُ شُكْرُهُ وَطَاعَتُهُ ، وَيَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا حَصَلَ بِمَحْضِ الْفَضْلِ وَالْكَرَمِ .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : قَالَ بَعْضُ الْمُذَكِّرِينَ : الْأُنْثَى ضَعِيفَةٌ نَاقِصَةٌ عَاجِزَةٌ ، فَقَدَّمَ ذِكْرَهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا كَانَ الْعَجْزُ وَالْحَاجَةُ أَتَمَّ كَانَتْ عِنَايَةُ اللَّهِ بِهِ أَكْثَرَ .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ : كَأَنَّهُ يُقَالُ : أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ الْعَاجِزَةُ إِنَّ أَبَاكِ وَأُمَّكِ يَكْرَهَانِ وُجُودَكِ ، فَإِنْ كَانَا قَدْ كَرِهَا وُجُودَكِ فَأَنَا قَدَّمْتُكِ فِي الذِّكْرِ لِتَعْلَمِي أَنَّ الْمُحْسِنَ الْمُكْرِمَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَإِذَا عَلِمَتِ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ زَادَتْ فِي الطَّاعَةِ وَالْخِدْمَةِ وَالْبُعْدِ عَنْ مُوجِبَاتِ الطَّعْنِ وَالذَّمِّ ، فَهَذِهِ الْمَعَانِي هِيَ الَّتِي لِأَجْلِهَا وَقَعَ ذِكْرُ الْإِنَاثِ مُقَدَّمًا عَلَى ذِكْرِ الذُّكُورِ ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ ذِكْرَ الذُّكُورِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى ذِكْرِ الْإِنَاثِ لِأَنَّ الذَّكَرَ أَكْمَلُ وَأَفْضَلُ مِنَ الْأُنْثَى ، وَالْأَفْضَلُ الْأَكْمَلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخَسِّ الْأَرْذَلِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّظَرَ إِلَى كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى يَقْتَضِي تَقْدِيمَ ذِكْرِ الذَّكَرِ عَلَى ذِكْرِ الْأُنْثَى ، أَمَّا الْعَوَارِضُ الْخَارِجِيَّةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَقَدْ أَوْجَبَتْ تَقْدِيمَ ذِكْرِ الْأُنْثَى عَلَى ذِكْرِ الذَّكَرِ ، فَلَمَّا حَصَلَ الْمُقْتَضِي لِلتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْبَابَيْنِ لَا جَرَمَ قَدَّمَ هَذَا مَرَّةً وَقَدَّمَ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُهُ : لِمَ عَبَّرَ عَنِ الْإِنَاثِ بِلَفْظِ التَّنْكِيرِ ، وَعَنِ الذُّكُورِ بِلَفْظِ التَّعْرِيفِ ؟ فَجَوَابُهُ : أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى كَوْنِ الذَّكَرِ أَفْضَلَ مِنَ الْأُنْثَى .
وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّالِثُ : وَهُوَ قَوْلُهُ : لِمَ قَالَ تَعَالَى فِي إِعْطَاءِ الصِّنْفَيْنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ) ؟ فَجَوَابُهُ : أَنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ يُقْرَنُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَهُمَا زَوْجَانِ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقَالُ لَهُ زَوْجٌ ، وَالْكِنَايَةُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50يُزَوِّجُهُمْ ) عَائِدَةٌ عَلَى الْإِنَاثِ وَالذُّكُورِ الَّتِي فِي الْآيَةِ الْأُولَى ، وَالْمَعْنَى : يَقْرِنُ الْإِنَاثَ وَالذُّكُورَ ، فَيَجْعَلُهُمْ أَزْوَاجًا .
وَأَمَّا السُّؤَالُ الرَّابِعُ : فَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَقِيمَ هُوَ الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ ، يُقَالُ : رَجُلٌ عَقِيمٌ لَا يَلِدُ ، وَامْرَأَةٌ عَقِيمٌ لَا تَلِدُ ، وَأَصْلُ الْعُقْمِ الْقَطْعُ ، وَمِنْهُ قِيلُ : الْمُلْكُ عَقِيمٌ ؛ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ فِيهِ الْأَرْحَامُ بِالْقَتْلِ وَالْعُقُوقِ .
وَأَمَّا السُّؤَالُ الْخَامِسُ : فَجَوَابُهُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا ) يُرِيدُ
لُوطًا وَشُعَيْبًا - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ لَهُمَا إِلَّا الْبَنَاتُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) يُرِيدُ
إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا الذُّكُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ) يُرِيدُ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ مِنَ الْبَنِينَ أَرْبَعَةٌ :
الْقَاسِمُ وَالطَّاهِرُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ ، وَمِنَ الْبَنَاتِ أَرْبَعَةٌ :
زَيْنَبُ وَرُقَيَّةُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ وَفَاطِمَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ) يُرِيدُ
عِيسَى وَيَحْيَى ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ : هَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=33679_28783نَفَاذِ قُدْرَةِ اللَّهِ فِي تَكْوِينِ الْأَشْيَاءِ كَيْفَ شَاءَ وَأَرَادَ ، فَلَمْ يَكُنْ لِلتَّخْصِيصِ مَعْنًى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=50إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : عَلِيمٌ بِمَا خَلَقَ ، قَدِيرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ أَنْ يَخْلُقَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .