(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=27ولله ملك السموات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=30فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=27ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=30فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين ) .
واعلم أنه تعالى لما احتج بكونه قادرا على الإحياء في المرة الأولى ، وعلى كونه قادرا على الإحياء في المرة الثانية في الآيات المتقدمة عمم الدليل فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=27ولله ملك السماوات والأرض ) أي
nindex.php?page=treesubj&link=33679لله القدرة على جميع الممكنات سواء كانت من السماوات أو من الأرض ، وإذا ثبت كونه تعالى قادرا على كل الممكنات ، وثبت أن حصول الحياة في هذه الذات ممكن ، إذ لو لم يكن ممكنا لما حصل في المرة الأولى ; فيلزم من هاتين المقدمتين كونه تعالى قادرا على الإحياء في المرة الثانية .
ولما بين تعالى إمكان القول بالحشر والنشر بهذين الطريقين ذكر تفاصيل
nindex.php?page=treesubj&link=28766_30349أحوال القيامة فأولها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=27ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون ) ، وفيه أبحاث :
البحث الأول : عامل النصب في يوم تقوم يخسر ، ويومئذ بدل من يوم تقوم .
البحث الثاني : قد ذكرنا في مواضع من هذا الكتاب أن الحياة والعقل والصحة كأنها رأس المال ، والتصرف فيها لطلب سعادة الآخر يجري مجرى تصرف التاجر في رأس المال لطلب الربح ، والكفار قد أتعبوا أنفسهم في هذه التصرفات وما وجدوا منها إلا الحرمان والخذلان فكان ذلك في الحقيقة نهاية الخسران .
وثانيها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28وترى كل أمة جاثية ) قال
الليث : الجثو الجلوس على الركب ، كما يجثي بين يدي الحاكم ، قال
الزجاج : ومثله جذا يجذو ، قال صاحب “ الكشاف “ : وقرئ جاذية ، قال أهل اللغة : والجذو أشد استيفازا من الجثو ، لأن الجاذي هو الذي يجلس على أطراف أصابعه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : جاثية مجتمعة مرتقبة لما يعمل بها .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28كل أمة تدعى إلى كتابها ) على الابتداء ، وكل أمة على الإبدال من كل أمة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28إلى كتابها ) أي إلى صحائف أعمالها ، فاكتفى باسم الجنس كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه )
[ ص: 234 ] [ الكهف : 49 ] ، والظاهر أنه يدخل فيه المؤمنون والكافرون لقوله تعالى بعد ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=30فأما الذين آمنوا ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31وأما الذين كفروا ) فإن قيل : الجثو على الركبة إنما يليق بالخائف والمؤمنون لا خوف عليهم يوم القيامة ، قلنا : إن المحق الآمن قد يشارك المبطل في مثل هذه الحالة إلى أن يظهر كونه محقا .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28اليوم تجزون ) والتقدير : يقال لهم : اليوم تجزون ، فإن قيل : كيف أضيف الكتاب إليهم وإلى الله تعالى ؟ قلنا : لا منافاة بين الأمرين لأنه كتابهم بمعنى أنه الكتاب المشتمل على أعمالهم ، وكتاب الله بمعنى أنه هو الذي أمر الملائكة بكتبه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29ينطق عليكم ) أي يشهد عليكم بما عملتم من غير زيادة ولا نقصان ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29إنا كنا نستنسخ ) الملائكة (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28ما كنتم تعملون ) أي نستكتبهم أعمالكم .
ثم بين
nindex.php?page=treesubj&link=28766_30349أحوال المطيعين فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=30فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين ) ، وفيه مسائل :
المسألة الأولى : ذكر بعد وصفهم بالإيمان كونهم عاملين للصالحات ، فوجب أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=28647عمل الصالحات مغايرا للإيمان زائدا عليه .
المسألة الثانية : قالت
المعتزلة : علق الدخول في رحمة الله على كونه آتيا بالإيمان والأعمال الصالحة ، والمعلق على مجموع أمرين يكون عدما عند عدم أحدهما ، فعند عدم الأعمال الصالحة وجب أن لا يحصل الفوز بالجنة ، وجوابنا : أن
nindex.php?page=treesubj&link=21850تعليق الحكم على الوصف لا يدل على عدم الحكم عند عدم الوصف .
المسألة الثالثة : سمى الثواب رحمة ، والرحمة إنما تصح تسميتها بهذا الاسم إذا لم تكن واجبة ، فوجب أن لا يكون الثواب واجبا على الله تعالى .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين ) ، وفيه مسائل :
المسألة الأولى : ذكر الله المؤمنين والكافرين ولم يذكر قسما ثالثا ، وهذا يدل على أن مذهب
المعتزلة nindex.php?page=treesubj&link=28834إثبات المنزلتين باطل .
المسألة الثانية : أنه تعالى علل أن استحقاق العقوبة بأن آياته تليت عليهم فاستكبروا عن قبولها ، وهذا يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28749_27989استحقاق العقوبة لا يحصل إلا بعد مجيء الشرع ، وذلك يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=20490الواجبات لا تجب إلا بالشرع ، خلافا لما يقوله
المعتزلة من أن بعض الواجبات قد يجب بالعقل .
المسألة الثالثة : جواب (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31أما ) محذوف ، والتقدير : وأما الذين كفروا فيقال لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم ) عن قبول الحق (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31وكنتم قوما مجرمين ) ؟ فإن قالوا : كيف يحسن
nindex.php?page=treesubj&link=34077وصف الكافر بكونه مجرما في معرض الطعن فيه والذم له ؟ قلنا : معناه أنهم مع كونهم كفارا ما كانوا عدولا في أديان أنفسهم ، بل كانوا فساقا في ذلك الدين ، والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=27وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=30فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=27وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=30فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا احْتَجَّ بِكَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى الْإِحْيَاءِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى ، وَعَلَى كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى الْإِحْيَاءِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَمَّمَ الدَّلِيلَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=27وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=33679لِلَّهِ الْقُدْرَةُ عَلَى جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ سَوَاءً كَانَتْ مِنَ السَّمَاوَاتِ أَوْ مِنَ الْأَرْضِ ، وَإِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ تَعَالَى قَادِرًا عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ ، وَثَبَتَ أَنَّ حُصُولَ الْحَيَاةِ فِي هَذِهِ الذَّاتِ مُمْكِنٌ ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا لَمَا حَصَلَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى ; فَيَلْزَمُ مِنْ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ كَوْنُهُ تَعَالَى قَادِرًا عَلَى الْإِحْيَاءِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ .
وَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى إِمْكَانَ الْقَوْلِ بِالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ بِهَذَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ ذَكَرَ تَفَاصِيلَ
nindex.php?page=treesubj&link=28766_30349أَحْوَالِ الْقِيَامَةِ فَأَوَّلُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=27وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ) ، وَفِيهِ أَبْحَاثٌ :
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ : عَامِلُ النَّصْبِ فِي يَوْمَ تَقُومُ يَخْسَرُ ، وَيَوْمَئِذِ بَدَلٌ مِنْ يَوْمَ تَقُومُ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : قَدْ ذَكَرْنَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ الْحَيَاةَ وَالْعَقْلَ وَالصِّحَّةَ كَأَنَّهَا رَأْسُ الْمَالِ ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا لِطَلَبِ سَعَادَةِ الْآخَرِ يَجْرِي مَجْرَى تَصَرُّفِ التَّاجِرِ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِطَلَبِ الرِّبْحِ ، وَالْكُفَّارُ قَدْ أَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَمَا وَجَدُوا مِنْهَا إِلَّا الْحِرْمَانَ وَالْخِذْلَانَ فَكَانَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ نِهَايَةَ الْخُسْرَانِ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ) قَالَ
اللَّيْثُ : الْجُثُوُّ الْجُلُوسُ عَلَى الرُّكَبِ ، كَمَا يَجْثِي بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ ، قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَمِثْلُهُ جَذَا يَجْذُو ، قَالَ صَاحِبُ “ الْكَشَّافِ “ : وَقُرِئَ جَاذِيَةً ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : وَالْجُذُوُّ أَشَدُّ اسْتِيفَازًا مِنَ الْجُثُوِّ ، لِأَنَّ الْجَاذِيَ هُوَ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : جَاثِيَةٌ مُجْتَمِعَةٌ مُرْتَقِبَةٌ لِمَا يُعْمَلُ بِهَا .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا ) عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَكُلَّ أُمَّةٍ عَلَى الْإِبْدَالِ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28إِلَى كِتَابِهَا ) أَيْ إِلَى صَحَائِفِ أَعْمَالِهَا ، فَاكْتَفَى بِاسْمِ الْجِنْسِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ )
[ ص: 234 ] [ الْكَهْفِ : 49 ] ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكَافِرُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=30فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ) فَإِنْ قِيلَ : الْجُثُوُّ عَلَى الرُّكْبَةِ إِنَّمَا يَلِيقُ بِالْخَائِفِ وَالْمُؤْمِنُونَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قُلْنَا : إِنَّ الْمُحِقَّ الْآمِنَ قَدْ يُشَارِكُ الْمُبْطِلَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ كَوْنُهُ مُحِقًّا .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ) وَالتَّقْدِيرُ : يُقَالُ لَهُمْ : الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ، فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ أُضِيفَ الْكِتَابُ إِلَيْهِمْ وَإِلَى اللَّهِ تَعَالَى ؟ قُلْنَا : لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّهُ كِتَابُهُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ الْكِتَابُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى أَعْمَالِهِمْ ، وَكِتَابُ اللَّهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِكَتْبِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ ) أَيْ يَشْهَدُ عَلَيْكُمْ بِمَا عَمِلْتُمْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ) الْمَلَائِكَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=28مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) أَيْ نَسْتَكْتِبُهُمْ أَعْمَالَكُمْ .
ثُمَّ بَيَّنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28766_30349أَحْوَالَ الْمُطِيعِينَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=30فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ) ، وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : ذَكَرَ بَعْدَ وَصْفِهِمْ بِالْإِيمَانِ كَوْنَهُمْ عَامِلِينَ لِلصَّالِحَاتِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=28647عَمَلُ الصَّالِحَاتِ مُغَايِرًا لِلْإِيمَانِ زَائِدًا عَلَيْهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : عَلَّقَ الدُّخُولَ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ عَلَى كَوْنِهِ آتِيًا بِالْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، وَالْمُعَلَّقِ عَلَى مَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ يَكُونُ عَدَمًا عِنْدَ عَدَمِ أَحَدِهِمَا ، فَعِنْدَ عَدَمِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَجَبَ أَنْ لَا يَحْصُلَ الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ ، وَجَوَابُنَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21850تَعْلِيقَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْفِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : سَمَّى الثَّوَابَ رَحْمَةً ، وَالرَّحْمَةُ إِنَّمَا تَصِحُّ تَسْمِيَتُهَا بِهَذَا الِاسْمِ إِذَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ الثَّوَابُ وَاجِبًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ ) ، وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : ذَكَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ وَلَمْ يُذْكَرْ قِسْمًا ثَالِثًا ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ
الْمُعْتَزِلَةِ nindex.php?page=treesubj&link=28834إِثْبَاتَ الْمَنْزِلَتَيْنِ بَاطِلٌ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّهُ تَعَالَى عَلَّلَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْعُقُوبَةِ بِأَنَّ آيَاتِهِ تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ فَاسْتَكْبَرُوا عَنْ قَبُولِهَا ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28749_27989اسْتِحْقَاقَ الْعُقُوبَةِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الشَّرْعِ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20490الْوَاجِبَاتِ لَا تَجِبُ إِلَّا بِالشَّرْعِ ، خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ
الْمُعْتَزِلَةُ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْوَاجِبَاتِ قَدْ يَجِبُ بِالْعَقْلِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : جَوَابُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31أَمَّا ) مَحْذُوفٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيُقَالُ لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ ) عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=31وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ ) ؟ فَإِنْ قَالُوا : كَيْفَ يَحْسُنُ
nindex.php?page=treesubj&link=34077وَصْفُ الْكَافِرِ بِكَوْنِهِ مُجْرِمًا فِي مَعْرِضِ الطَّعْنِ فِيهِ وَالذَّمِّ لَهُ ؟ قُلْنَا : مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ مَعَ كَوْنِهِمْ كُفَّارًا مَا كَانُوا عُدُولًا فِي أَدْيَانِ أَنْفُسِهِمْ ، بَلْ كَانُوا فُسَّاقًا فِي ذَلِكَ الدِّينِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .