الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - جل وعز - : وإن خفتم شقاق بينهما ؛ قال بعضهم : " خفتم " ؛ ههنا؛ في معنى " أيقنتم " ؛ وهذا خطأ؛ لو علمنا الشقاق على الحقيقة لم يجنح إلى الحكمين؛ وإنما يخاف الشقاق؛ والشقاق : العداوة؛ واشتقاقه من " المتشاقين " ؛ كل صنف منهما في شق؛ أي : في ناحية؛ فأمر الله (تعالى) - إن خفتم وقوع العداوة بين المرء وزوجه - أن يبعثوا حكمين؛ حكما من أهل المرأة؛ وحكما من أهل الرجل؛ و " الحكم " : القيم بما يسند إليه؛ ويروى عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه اجتمع إليه فئام [ ص: 49 ] من الناس - أي : جمع كثير - مع امرأة وزوجها؛ قد وقع بينهما اختلاف؛ فأمر حكمين أن يتعرفا أمرهما؛ وقال لهما : " أتدريان ما عليكما؟ إن عليكما إن رأيتما أن تفرقا فرقتما؛ وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما " ؛ وقال بعضهم : على الحكمين أن يعظا؛ ويعرفا ما على كل واحد من الزوج والمرأة في مجاوزة الحق؛ فإن رأيا أن يفرقا فرقا؛ وإن رأيا أن يجمعا جمعا؛ وحقيقة أمر الحكمين أنهما يقصدان للإصلاح؛ وليس لهما طلاق؛ وإنما عليهما أن يعرفا الإمام حقيقة ما وقفا عليه؛ فإن رأى الإمام أن يفرق فرق؛ أو أن يجمع جمع؛ وإن وكلهما بتفريق؛ أو بجمع؛ فهما بمنزلة؛ وما فعل علي - رضي الله عنه - فهو فعل للإمام أن يفعله؛ وحسبنا بعلي - رضي الله عنه - إماما؛ فلما قال لهما : " إن رأيتما أن تجمعا جمعتما؛ وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما " ؛ كان قد ولاهما ذلك؛ ووكلهما فيه؛ إن الله كان عليما خبيرا ؛ أي : عليما بما فيه الصلاح للخلق؛ خبيرا بذلك.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية