الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طور

                                                          طور : الطور : التارة ، تقول : طورا بعد طور أي تارة بعد تارة ، وقال الشاعر في وصف السليم :


                                                          تراجعه طورا وطورا تطلق



                                                          قال ابن بري : صوابه :


                                                          تطلقه طورا وطورا تراجع



                                                          والبيت للنابغة الذبياني ، وهو بكماله :


                                                          تناذرها الراقون من سوء سمها     تطلقه طورا وطورا تراجع



                                                          وقبله :


                                                          فبت كأني ساورتني ضئيلة     من الرقش ، في أنيابها السم ناقع



                                                          يريد : أنه بات من توعد النعمان على مثل هذه الحالة ، وكان حلف للنعمان أنه لم يتعرض له بهجاء ; ولهذا قال بعد هذا :


                                                          فإن كنت لا ذو الضغن عني مكذب     ولا حلفي على البراءة نافع
                                                          ولا أنا مأمون بشيء أقوله     وأنت بأمر لا محالة واقع
                                                          فإنك كالليل الذي هو مدركي     وإن خلت أن المنتأى عنك واسع



                                                          وجمع الطور أطوار . والناس أطوار أي أخياف على حالات شتى . والطور : الحال ، وجمعه أطوار . قال الله تعالى :وقد خلقكم أطوارا ، معناه ضروبا وأحوالا مختلفة ; وقال ثعلب : أطوارا أي خلقا كل واحد على حدة ، وقال الفراء : خلقكم أطوارا ، قال : نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ، وقال الأخفش : طورا علقة وطورا مضغة ، وقال غيره : أراد اختلاف المناظر والأخلاق ، قال الشاعر :


                                                          والمرء يخلق طورا بعد أطوار

                                                          وفي حديث سطيح :

                                                          فإن ذا الدهر أطوار دهارير . الأطوار : الحالات المختلفة والتارات والحدود ، واحدها طور ، أي مرة ملك ، ومرة هلك ، ومرة بؤس ، ومرة نعم . والطور والطوار : ما كان على حذو الشيء أو بحذائه . ورأيت حبلا بطوار هذا الحائط ; أي بطوله . ويقال : هذه الدار على طوار هذه الدار أي حائطها على نسق واحد . قال أبو بكر : وكل شيء ساوى شيئا ، فهو طوره وطواره ; وأنشد ابن الأعرابي في الطوار بمعنى الحد أو الطول :


                                                          وطعنة خلس ، قد طعنت ، مرشة     كعط الرداء ، ما يشك طوارها



                                                          قال : طوارها طولها . ويقال : جانبا فمها . وطوار الدار وطوارها : ما كان ممتدا معها من الفناء . والطورة : فناء الدار . والطورة : الأبنية . وفلان لا يطورني أي لا يقرب طواري ، ويقال : لا تطر حرانا أي لا تقرب ما حولنا . وفلان يطور بفلان أي كأنه يحوم حواليه ويدنو منه . ويقال : لا أطور به أي لا أقربه . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : والله لا أطور به ما سمر سمير ; أي لا أقربه أبدا . والطور : الحد بين الشيئين . وعدا طوره أي جاوز حده وقدره . وبلغ أطوريه أي غاية ما يحاوله . أبو زيد : من أمثالهم في بلوغ الرجل النهاية في العلم : بلغ فلان أطوريه ، بكسر الراء ، أي أقصاه : وبلغ فلان في العلم أطوريه أي حديه : أوله وآخره . وقال شمر : سمعت ابن الأعرابي يقول : بلغ فلان أطوريه ، بخفض الراء ، غايته وهمته . ابن السكيت : بلغت [ ص: 157 ] من فلان أطوريه أي الجهد والغاية في أمره . وقال الأصمعي : لقيت منه الأمرين والأطورين والأقورين بمعنى واحد . ويقال : ركب فلان الدهر وأطوريه أي طرفيه . وفي حديث النبيذ : تعدى طوره أي حده وحاله الذي يخصه ويحل فيه شربه . وطار حول الشيء طورا وطورانا : حام والطوار مصدر طار يطور . والعرب تقول : ما بالدار طوري ولا دوري أي أحد ، ولا طوراني مثله ، قال العجاج :


                                                          وبلدة ليس بها طوري



                                                          والطور : الجبل . وطور سيناء : جبل بالشام ، وهو بالسريانية طورى ، والنسب إليه طوري وطوراني . وفي التنزيل العزيز : وشجرة تخرج من طور سيناء ، الطور في كلام العرب الجبل ، وقيل : إن سيناء حجارة ، وقيل : إنه اسم المكان ، وحمام طوراني وطوري منسوب إليه ، وقيل : هو منسوب إلى جبل له طرآن نسب شاذ ، ويقال : جاء من بلد بعيد . وقال الفراء في قوله تعالى : والطور وكتاب مسطور ، أقسم الله تعالى به ، قال : وهو الجبل الذي بمدين الذي كلم الله تعالى موسى - عليه السلام عليه - تكليما . والطوري : الوحشي من الطير والناس ; وقال بعض أهل اللغة في قول ذي الرمة :


                                                          أعاريب طوريون ، عن كل قرية     حذار المنايا أو حذار المقادر



                                                          قال : طوريون أي وحشيون يحيدون عن القرى حذار الوباء والتلف كأنهم نسبوا إلى الطور ، وهو جبل بالشام . ورجل طوري أي غريب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية