الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 632 ) مسألة : قال : ( ولا يتبع دلالة مشرك بحال ; وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ، ولا روايته ، ولا شهادته ، لأنه ليس بموضع أمانة ) ولذلك قال عمر رضي الله عنه : لا تأتمنوهم بعد إذ خونهم الله عز وجل . ولا يقبل خبر الفاسق ; لقلة دينه ، وتطرق التهمة إليه ، ولأنه أيضا لا تقبل روايته ولا شهادته . ولا يقبل خبر الصبي لذلك ، ولأنه يلحقه مأثم بكذبه ، فتحرزه من الكذب غير موثوق به .

                                                                                                                                            وقال التميمي ; يقبل خبر الصبي المميز . وإذا لم يعرف حال المخبر ، فإن شك في إسلامه وكفره ، لم يقبل خبره ، كما لو وجد محاريب لا يعلم هل هي للمسلمين أو أهل الذمة . وإن لم يعلم عدالته وفسقه ، قبل خبره ; لأن حال المسلم يبنى على العدالة ، ما لم يظهر خلافها ، ويقبل خبر سائر الناس من المسلمين البالغين العقلاء ، سواء كانوا رجالا أو نساء ، ولأنه خبر من أخبار الدين ، فأشبه الرواية . ويقبل من الواحد كذلك . والله أعلم .

                                                                                                                                            [ ص: 271 ] آداب المشي إلى الصلاة يستحب للرجل ، إذا أقبل إلى الصلاة ، أن يقبل بخوف ووجل وخشوع وخضوع ، وعليه السكينة والوقار ، وإن سمع الإقامة لم يسع إليها ; لما روى أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة والوقار ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا } .

                                                                                                                                            وعن أبي قتادة ، قال : { بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال ، فلما صلى ، قال : ما شأنكم قالوا : استعجلنا إلى الصلاة . قال : فلا تفعلوا ، إذا أتيتم إلى الصلاة فعليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا } . متفق عليهما . وفي رواية " فاقضوا " .

                                                                                                                                            قال الإمام أحمد : ولا بأس إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى أن يسرع شيئا ، ما لم يكن عجلة تقبح ، جاء الحديث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعجلون شيئا إذا خافوا فوات التكبيرة الأولى . ويستحب أن يقارب بين خطاه ، لتكثر حسناته ، فإن كل خطوة يكتب له بها حسنة . وقد روى عبد بن حميد ، في " مسنده " ، بإسناده عن زيد بن ثابت ، قال : { أقيمت الصلاة ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأنا معه ، فقارب في الخطى ، ثم قال : أتدري لم فعلت هذا ؟ لتكثر خطانا في طلب الصلاة } .

                                                                                                                                            ويكره أن يشبك بين أصابعه ; لما روي عن كعب بن عجرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ، ثم خرج عامدا إلى المسجد ، فلا يشبكن يديه ، فإنه في صلاة } . رواه أبو داود .

                                                                                                                                            ( 633 ) فصل : ويستحب أن يقول ما روى ابن عباس ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة وهو يقول : اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي لساني نورا ، واجعل في سمعي نورا ، واجعل في بصري نورا ، واجعل من خلفي نورا ، ومن أمامي نورا ، واجعل من فوقي نورا ، ومن تحتي نورا ، وأعطني نورا } . أخرجه مسلم .

                                                                                                                                            وروى الإمام أحمد في " المسند " ، وابن ماجه في " السنن " ، بإسنادهما عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من خرج من بيته إلى الصلاة ، فقال : اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ، وأسألك بحق ممشاي هذا ، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ، ولا رياء ولا سمعة ، وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك ، فأسألك أن تنقذني من النار ، وأن تغفر لي ذنوبي ، [ ص: 272 ] إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . أقبل الله عليه بوجهه ، واستغفر له سبعون ألف ملك . ويقول : بسم الله { الذي خلقني فهو يهدين } إلى قوله : { إلا من أتى الله بقلب سليم } } .

                                                                                                                                            ( 634 ) فصل : فإذا دخل المسجد قدم رجله اليمنى وقال ما رواه مسلم ، عن أبي حميد ، أو أبي أسيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا دخل أحدكم المسجد فليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك . وإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك } ، وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم ، وقال : رب اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج صلى على محمد ، وقال : رب اغفر لي ، وافتح لي أبواب فضلك } . رواه الترمذي .

                                                                                                                                            ولا يجلس حتى يركع ركعتين ; لما روى أبو قتادة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين } . متفق عليه . ثم يجلس مستقبل القبلة ، ويشتغل بذكر الله تعالى ، أو قراءة القرآن ، أو يسكت ، ولا يخوض في حديث الدنيا ، ولا يشبك أصابعه ; لما روى أبو سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن ; فإن التشبيك من الشيطان ، وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما كان في المسجد ، حتى يخرج منه } . رواه أحمد ، في " المسند "

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية