ولما كان البعث لهذا المقصد من أعظم الكمال، وكان عدمه موجبا للنقص، سبب عن كلا الأمرين إشارة وعبارة قوله آمرا بعد
[ ص: 385 ] الإخبار في أول المسبحات:
nindex.php?page=treesubj&link=28657_28723_33143_34513_29040nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=52فسبح أي أوقع التنزيه الكامل عن كل شائبة نقص
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=52باسم أي بسبب علمك بصفات
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=52ربك أي الموجد والمربي لك والمحسن إليك بأنواع الإحسان
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=52العظيم الذي ملأت الأقطار كلها عظمته، وزادت على ذلك بما شاءه سبحانه مما لا تسعه العقول لا سيما عن قولهم: لن يعيدنا، فإنه سبحانه وتعالى قادر على ذلك لا يعجزه شيء، وقد وعد بذلك وهو صادق الوعد، وعدم البعث مخل بالحكمة لظلم أكثر الناس، وفيه إشارة إلى المتاركة، وتعجيب من حالهم في تصميمهم على الكذب والعناد، والجلد على الجدل والفساد، فقد رجع آخر السورة على أولها بإحقاق الحاقة لنفي ما وقع الخبط فيه في دار الاحتجاب بالأسباب من مواقع النقص ومظنات اللبس، فيثبت الحق وينفي الباطل فيفرق بين المحسن والمسيء والسعيد والشقي، فيحق السلام لحزب الرحمن، ويثبت الهلاك لأصحاب الشيطان، ويظهر اسمه الظاهر لكل مؤمن وكافر، إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب والله الهادي.
وَلَمَّا كَانَ الْبَعْثُ لِهَذَا الْمَقْصِدِ مِنْ أَعْظَمَ الْكَمَالِ، وَكَانَ عَدَمُهُ مُوِجِبًا لِلنَّقْصِ، سَبَّبَ عَنْ كِلَا الْأَمْرَيْنِ إِشَارَةً وَعِبَارَةَ قَوْلِهِ آمِرًا بَعْدَ
[ ص: 385 ] الْإِخْبَارِ فِي أَوَّلِ الْمُسَبِّحَاتِ:
nindex.php?page=treesubj&link=28657_28723_33143_34513_29040nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=52فَسَبِّحْ أَيْ أَوْقَعَ التَّنْزِيهَ الْكَامِلَ عَنْ كُلِّ شَائِبَةِ نَقْصٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=52بِاسْمِ أَيْ بِسَبَبِ عِلْمِكَ بِصِفَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=52رَبِّكَ أَيِ الْمُوجِدِ وَالْمُرَبِّي لَكَ وَالْمُحْسِنِ إِلَيْكَ بِأَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=52الْعَظِيمِ الَّذِي مَلَأَتِ الْأَقْطَارَ كُلَّهَا عَظَمَتُهُ، وَزَادَتْ عَلَى ذَلِكَ بِمَا شَاءَهُ سُبْحَانَهُ مِمَّا لَا تَسَعُهُ الْعُقُولُ لَا سِيَّمَا عَنْ قَوْلِهِمْ: لَنْ يُعِيدَنَا، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَقَدْ وَعَدَ بِذَلِكَ وَهُوَ صَادِقُ الْوَعْدِ، وَعَدَمُ الْبَعْثِ مُخِلٌّ بِالْحِكْمَةِ لِظُلْمِ أَكْثَرِ النَّاسِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْمُتَارَكَةِ، وَتَعْجِيبٌ مِنْ حَالِهِمْ فِي تَصْمِيمِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ وَالْعِنَادِ، وَالْجَلَدِ عَلَى الْجَدَلِ وَالْفَسَادِ، فَقَدْ رَجَعَ آخِرَ السُّورَةِ عَلَى أَوَّلِهَا بِإِحْقَاقِ الْحَاقَّةِ لِنَفْيِ مَا وَقَعَ الْخَبْطُ فِيهِ فِي دَارِ الِاحْتِجَابِ بِالْأَسْبَابِ مِنْ مَوَاقِعِ النَّقْصِ وَمَظِنَّاتِ اللَّبْسِ، فَيَثْبُتُ الْحَقُّ وَيَنْفِي الْبَاطِلَ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ وَالسَّعِيدِ وَالشَّقِيِّ، فَيَحِقُّ السَّلَامُ لِحِزْبِ الرَّحْمَنِ، وَيَثْبُتُ الْهَلَاكُ لِأَصْحَابِ الشَّيْطَانِ، وَيَظْهَرُ اسْمُهُ الظَّاهِرُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لِعِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ وَاللَّهُ الْهَادِي.