الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما وبخهم - سبحانه وتعالى - على جهلهم؛ حذر من مناصرتهم؛ فقال - مبينا أنها لا تجديهم شيئا؛ مخوفا لهم جدا بالمواجهة بمثل هذا التنبيه؛ والخطاب؛ ثم الإشارة بعد -: ها أنتم هؤلاء ؛ وزاد في الترهيب؛ للتعيين بما هو من الجدل؛ الذي هو أشد الخصومة - من "جدل الحبل"؛ الذي هو شدة فتله - وإظهاره في صيغة المفاعلة؛ فقال - مبينا لأن المراد من الجملة السابقة التهديد -: جادلتم عنهم ؛ في هذه الواقعة؛ أو غيرها؛ في الحياة الدنيا ؛ أي: بما جعل لكم من الأسباب.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما حذرهم؛ وبخهم على قلة فطنتهم؛ وزيادة في التحذير بأن مجادلتهم هذه سبب لوقوع الحكومة بين يديه - سبحانه وتعالى - فقال: فمن يجادل الله ؛ أي: الذي له الجلال كله؛ عنهم ؛ أي: حين تنقطع الأسباب؛ يوم القيامة ؛ ولا يفترق الحال في هذا بين أن تكون "ها"؛ من "ها أنتم"؛ للتنبيه؛ أو بدلا عن همزة استفهام - على ما تقدم -؛ فإن معنى الإنكار هنا واضح على كلا الأمرين. [ ص: 396 ] ولما كان من أعظم المحاسن كف الإنسان عما لا علم له به؛ عطف على الجملة من أولها - من غير تقييد بيوم القيامة؛ منبها على قبح المجادلة عنهم؛ بقصور علم الخلائق - قوله: أم من يكون ؛ أي: فيما يأتي من الزمان؛ عليهم وكيلا ؛ أي: يعلم منهم ما يعلم الله - سبحانه وتعالى - بأن يحصي أعمالهم؛ فلا يغيب عنه منها شيء؛ ليجادل الله عنهم؛ فيثبت لهم ما فارقوه؛ وينفي عنهم ما لم يلابسوه؛ ويرعاهم ويحفظهم مما يأتيهم به القدر من الضرر والكدر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية