الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله: وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل . آية 54

                                          [524 ] حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : قوله: باتخاذكم قال: حلي استعاروه من آل فرعون. فقال لهم هارون: أحرقوه تطهروا منه.

                                          [525 ] حدثنا الحسن بن أحمد ثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار ، حدثني سرور بن المغيرة عن عباد بن منصور عن الحسن في قوله: وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فقال ذلك حين وقع في قلوبهم من شأن عبادتهم العجل ما وقع، وحين قال الله: ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا قال: فذلك حين يقول موسى: يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل .

                                          [ ص: 110 ] قوله: فتوبوا إلى بارئكم

                                          [526 ] حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم ثنا أبو جعفر عن الربيع عن أبي العالية : فتوبوا إلى بارئكم أي إلى خالقكم -قال: وكذلك فسره سعيد بن جبير والربيع بن أنس .

                                          قوله: فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم

                                          [527 ] حدثنا عمار بن خالد ثنا محمد بن الحسن الواسطي ويزيد بن هارون عن الأصبغ بن زيد عن القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: فقال الله تبارك وتعالى: إن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم كل من لقي من والد أو ولد فيقتله بالسيف ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن، فتاب أولئك الذين كان قد خفي على موسى وهارون ما اطلع الله من ذنوبهم فاعترفوا بها وفعلوا ما أمروا به، فغفر الله للقاتل والمقتول.

                                          [528 ] حدثنا الحسن بن الصباح ثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني القاسم بن أبي بزة أنه سمع سعيد بن جبير ومجاهدا يقولان في قوله: فاقتلوا أنفسكم قالا: قام بعضهم إلى بعض بالخناجر فقتل بعضهم بعضا لا يحنو رجل على قريب ولا بعيد، حتى ألوى موسى بثوبه، فطرحوا ما بأيديهم، فكشف عن سبعين ألف قتيل، وإن الله عز وجل أوحى إلى موسى أن حسبي فقد اكتفيت، فذلك حين ألوى موسى ثوبه.

                                          [529 ] حدثنا أبو زرعة ثنا صفوان ثنا الوليد أخبرني سعيد عن قتادة قال أمر القوم بشديد من الأمر، فقاموا يتناحرون بالشفار، فقتل بعضهم بعضا حتى بلغ الله فيهم نقمته وسقطت الشفار من أيديهم، فأمسك عنهم القتل. فجعله لحيهم توبة، وللمقتول شهادة.

                                          [530 ] حدثنا أبي ثنا أحمد بن هاشم الرملي ثنا ضمرة عن ابن شوذب عن الحسن : قوله فاقتلوا أنفسكم قال: أصابت بني إسرائيل ظلمة حندس فقتل بعضهم بعضا ثم انكشف عنهم، فجعل توبتهم في ذلك.

                                          قوله: ذلكم خير لكم

                                          [531 ] حدثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثني عبد الله بن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قول الله عز وجل: خير لكم يعني أفضل.

                                          [ ص: 111 ] قوله: فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم

                                          [532 ] حدثنا أبي ثنا عبد الله بن رجاء أنبأ إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمارة بن عبد وأبي عبد الرحمن عن علي قال: قالوا لموسى: ما توبتنا؟ قال: يقتل بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أخاه وأباه وأمه لا يبالي من قتل، حتى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى: مرهم فليرفعوا أيديهم، وقد غفر الله لمن قتل، وتيب على من بقي.

                                          [533 ] حدثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حماد بن طلحة ثنا أسباط عن السدي : فاقتلوا أنفسكم قال: فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوه بالسيوف، فكان من قتل من الفريقين كان شهيدا حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا، وحتى دعا موسى وهارون: ربنا أهلكت بني إسرائيل، ربنا البقية، البقية! فأمرهم أن يضعوا السلاح، وتاب عليهم، فكان من قتل من الفريقين كان شهيدا، ومن كان بقي كان مكفرا عنه; فذلك قوله: فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم .

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية