الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما آذن حرف الاستعلاء في الشهادة بأنه لا خير لهم في واحدة من الدارين؛ وبأن التقدير: "فبظلمهم"؛ سبب عنه قوله - دلالة على أن التوراة نزلت منجمة -: فبظلم ؛ أي: عظيم جدا؛ راسخ؛ ثابت؛ وهو جامع لتفصيل نقض الميثاق؛ وما عطف [ ص: 500 ] عليه مما استحلوه بعد أن حرمته التوراة؛ وقال - مشيرا إلى زيادة تبكيتهم -: من الذين هادوا ؛ أي: تلبسوا باليهودية في الماضي؛ ادعاء أنهم من أهل التوراة؛ والرجوع إلى الحق؛ ولم يضمر؛ تعيينا لهم؛ زيادة في تقريعهم؛ حرمنا عليهم طيبات أحلت ؛ أي: كان وقع إحلالها في التوراة؛ لهم ؛ كالشحوم التي ذكرها الله (تعالى) في الأنعام.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما ذكر ظلمهم ذكر مجامع من جزئياته؛ وبدأها بإعراضهم عن الدين الحق؛ فقال - معيدا للعامل؛ تأكيدا له -: وبصدهم عن سبيل الله ؛ أي: الذي لا أوضح منه؛ ولا أسهل؛ ولا أعظم؛ لكون الذي نهجه له من العظمة؛ والحكمة؛ ما لا يدرك؛ و"صد"؛ يجوز أن يكون قاصرا؛ فيكون كثيرا ؛ صفة مصدر محذوف؛ وأن يكون متعديا؛ فيكون مفعولا به؛ أي: وصدهم كثيرا من الناس؛ بالإضلال عن الطريق؛ فمنعوا مستلذات تلك المآكل؛ بما منعوا أنفسهم وغيرهم من لذاذة الإيمان.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية