الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد العثماني ، قال : ثنا ابن مكرم ، قال : ثنا منصور بن أبي مزاحم ، قال : ثنا عثمان بن عبد الحميد بن لاحق البصري ، عن أبيه ، عن مسلم بن يسار ، أنه قال : قدمت البحرين واليمامة على تجارة ، فإذا أنا بالناس مقبلين ومدبرين نحو منزل ، فقصدت إليه فإذا أنا بامرأة جالسة في مصلاها عليها ثياب غليظة ، وإذا هي كئيبة محزونة قليلة الكلام ، وإذا كل من رأيت ولدها وخولها وعبيدها والناس مشغولون بالبياعات والتجارات ، فقضيت حاجتي ثم أتيتها وودعتها فقالت : حاجتنا إليك أن تأتينا إذا جئت إلينا بحاجة فتنزل بنا ، قال : فانصرفت فلبثت حينا ثم إني توجهت إلى بلدها في حاجة ، فلما قدمتها لم أرد دون منزلها شيئا مما كنت رأيت ، فأتيت منزلها فلم أر أحدا فأتيت الباب فاستفتحت فإذا أنا بضحك امرأة وكلامها ، ففتح لي ، فدخلت فإذا أنا بها جالسة [ ص: 296 ] في بيت وعليها ثياب حسنة رقيقة ، وإذا الضحك الذي سمعت كلامها وضحكها ، وإذا امرأة ليس معها في بيتها شيء قط ، فاستنكرت وقلت : قد رأيتك على حالين فيهما عجب ; حالك في قدمتي الأولى وحالك هذه ، قالت : لا تعجب فإن الذي قد رأيت من حالتي الأولى أني كنت فيما رأيت من الخير والسعة وكنت لا أصاب بمصيبة من ولد ولا خول ولا مال ، ولا أوجه من تجارة إلا سلمت ، ولا يبتاع لي شيء إلا ربحت فيه ، وتخوفت أن لا يكون لي عند الله خير ، فكنت مكتئبة لذلك ، وقلت : لو كان لي عند الله خير لابتلاني ، فتوالت علي المصائب في ولدي الذي رأيت وخولي ومالي ، وما بقي لي منه شيء ، فرجوت أن يكون الله قد أراد بي خيرا فابتلاني وذكرني ، ففرحت لذلك وطابت نفسي . فانصرفت فلقيت عبد الله بن عمر فأخبرته بخبرها ، فقال : رحم الله هذه ما فاتها أيوب النبي عليه السلام إلا بقليل ، لكني تخرق مطرفي هذا - أو كلمة نحوها - فوجهت به يصلح فعمل لي على غير ما كنت أريد ، فأحزنني ذلك .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية