الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قطب ]

                                                          قطب : قطب الشيء يقطبه قطبا : جمعه . وقطب يقطب قطبا وقطوبا فهو قاطب وقطوب . والقطوب : تزوي ما بين العينين ، عند العبوس ، يقال : رأيته غضبان قاطبا وهو يقطب ما بين عينيه قطبا وقطوبا ويقطب ما بين عينيه تقطيبا . وقطب يقطب : زوى ما بين عينيه وعبس وكلح من شراب وغيره ، وامرأة قطوب . وقطب ما بين عينيه ، أي : جمع كذلك . والمقطب والمقطب والمقطب ما بين الحاجبين . وقطب وجهه تقطيبا ، أي : عبس وغضب . وقطب بين عينيه ، أي : جمع الغضون . أبو زيد في الجبين : المقطب وهو ما بين الحاجبين . وفي الحديث : أنه أتي بنبيذ فشمه فقطب ، أي : قبض ما بين عينيه ، كما يفعله العبوس ويخفف ويثقل . وفي حديث العباس : ما بال قريش يلقوننا بوجوه قاطبة ؟ أي : مقطبة . قال : وقد يجيء فاعل بمعنى مفعول ، كعيشة راضية قال : والأحسن أن يكون فاعل ، على بابه ، من قطب ، المخففة . وفي حديث المغيرة : دائمة القطوب ، أي : العبوس . يقال : قطب يقطب قطوبا ، وقطب الشراب يقطبه قطبا ، وقطبه وأقطبه : كله مزجه قال ابن مقبل :


                                                          أناة كأن المسك تحت ثيابها يقطبه بالعنبر الورد مقطب



                                                          وشراب قطيب : مقطوب . والقطاب : المزاج وكل ذلك من الجمع . التهذيب : القطب المزج ، وذلك الخلط وكذلك إذا اجتمع القوم وكانوا أضيافا فاختلطوا قيل : قطبوا فهم قاطبون ، ومن هذا يقال : جاء القوم قاطبة ، أي : جميعا مختلط بعضهم ببعض . الليث : القطاب المزاج فيما يشرب ولا يشرب ، كقول الطائفية في صنعة غسلة ، قال أبو فروة : قدم فريغون بجارية قد اشتراها من الطائف ، فصيحة ، قال : فدخلت عليها وهي تعالج شيئا ، فقلت : ما هذا ؟ فقالت : هذه غسلة . فقلت : وما أخلاطها ؟ فقالت : آخذ الزبيب الجيد ، فألقي لزجه وألجنه وأعبيه بالوخيف وأقطبه ، وأنشد غيره :


                                                          يشرب الطرم والصريف قطابا



                                                          قال : الطرم العسل ، والصريف اللبن الحار ، قطابا : مزاجا . والقطب : القطع ومنه قطاب الجيب وقطاب الجيب : مجمعه قال طرفة :


                                                          رحيب قطاب الجيب منها رقيقة     بجس الندامى بضة المتجرد



                                                          يعني ما يتضام من جانبي الجيب ، وهي استعارة وكل ذلك من القطب الذي هو الجمع بين الشيئين قال الفارسي : قطاب الجيب أسفله . والقطيبة : لبن المعزى والضأن يقطبان ، أي : يخلطان وهي النخيسة ، وقيل : لبن الناقة والشاة يخلطان ويجمعان ، وقيل اللبن الحليب أو الحقين ، يخلط بالإهالة . وقد قطبت له قطيبة فشربها وكل ممزوج قطيبة . والقطيبة : الرثيئة . وجاء القوم بقطيبهم ، أي : بجماعتهم . وجاءوا قاطبة ، أي : جميعا قال سيبويه : لا يستعمل إلا حالا وهو اسم يدل على العموم . الليث : قاطبة اسم يجمع كل

                                                          [ ص: 134 ] جيل من الناس كقولك : جاءت العرب قاطبة . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : لما قبض سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتدت العرب قاطبة ، أي : جميعهم ، قال ابن الأثير : هكذا جاء في الحديث نكرة منصوبة غير مضافة ، ونصبها على المصدر أو الحال . والقطب أن تدخل إحدى عروتي الجوالق في الأخرى عند العكم ، ثم تثنى ، ثم يجمع بينهما ، فإن لم تثن فهو السلق ، قال جندل الطهوي :


                                                          وحوقل ساعده قد انملق     يقول قطبا ونعما إن سلق



                                                          ومنه يقال : قطب الرجل إذا ثنى جلدة ما بين عينيه . وقطب الشيء يقطبه قطبا : قطعه . والقطابة : القطعة من اللحم عن كراع . وقربة مقطوبة ، أي : مملوءة عن اللحياني . والقطب والقطب والقطب والقطب : الحديدة القائمة التي تدور عليها الرحى . وفي التهذيب : القطب القائم الذي تدور عليه الرحى ، فلم يذكر الحديدة . وفي الصحاح : قطب الرحى التي تدور حولها العليا . وفي حديث فاطمة - عليها السلام - : وفي يدها أثر قطب الرحى ، قال ابن الأثير : هي الحديدة المركبة في وسط حجر الرحى السفلى ، والجمع أقطاب وقطوب . قال ابن سيده : وأرى أن أقطابا جمع قطب وقطب وقطب ، وأن قطوبا جمع قطب . والقطبة : لغة في القطب ، حكاها ثعلب . وقطب الفلك وقطبه وقطبه : مداره ، وقيل القطب : كوكب بين الجدي والفرقدين يدور عليه الفلك ، صغير أبيض لا يبرح مكانه أبدا ، وإنما شبه بقطب الرحى ، وهي الحديدة التي في الطبق الأسفل من الرحيين ، يدور عليها الطبق الأعلى ، وتدور الكواكب على هذا الكوكب الذي يقال له : القطب . أبو عدنان : القطب أبدا وسط الأربع من بنات نعش ، وهو كوكب صغير لا يزول الدهر ، والجدي والفرقدان تدور عليه . ورأيت حاشية في نسخة الشيخ ابن الصلاح المحدث - رحمه الله - قال : القطب ليس كوكبا ، وإنما هو بقعة من السماء قريبة من الجدي . والجدي : الكوكب الذي يعرف به القبلة في البلاد الشمالية . ابن سيده : القطب الذي تبنى عليه القبلة . وقطب كل شيء : ملاكه . وصاحب الجيش قطب رحى الحرب . وقطب القوم : سيدهم . وفلان قطب بني فلان ، أي : سيدهم الذي يدور عليه أمرهم . والقطب : من نصال الأهداف . والقطبة : نصل الهدف . ابن سيده : القطبة نصل صغير قصير مربع في طرف سهم ، يغلى به في الأهداف ، قال أبو حنيفة : وهو من المرامي . قال ثعلب : هو طرف السهم الذي يرمى به في الغرض . النضر : القطبة لا تعد سهما . وفي الحديث : أنه ، قال لرافع بن خديج ، ورمي بسهم في ثندوته : إن شئت نزعت السهم ، وتركت القطبة ، وشهدت لك يوم القيامة أنك شهيد القطبة . والقطب : نصل السهم ، ومنه الحديث : فيأخذ سهمه ، فينظر إلى قطبه ، فلا يرى عليه دما . والقطبة والقطب : ضربان من النبات ، قيل : هي عشبة لها ثمرة وحب مثل حب الهراس . وقال اللحياني : هو ضرب من الشوك يتشعب منها ثلاث شوكات ، كأنها حسك . وقال أبو حنيفة : القطب يذهب حبالا على الأرض طولا ، وله زهرة صفراء وشوكة إذا أحصد ويبس ، يشق على الناس أن يطؤوها مدحرجة ، كأنها حصاة ، وأنشد :


                                                          أنشيت بالدلو أمشي نحو آجنة     من دون أرجائها العلام والقطب



                                                          واحدته قطبة ، وجمعها قطب ، وورق أصلها يشبه ورق النفل والذرق ، والقطب ثمرها . وأرض قطبة : ينبت فيها ذلك النوع من النبات . والقطبى : ضرب من النبات يصنع منه حبل كحبل النارجيل ، فينتهي ثمنه مائة دينار عينا ، وهو أفضل من الكنبار . والقطب المنهي عنه : هو أن يأخذ الرجل الشيء ، ثم يأخذ ما بقي من المتاع على حسب ذلك بغير وزن ، يعتبر فيه بالأول ، عن كراع . والقطيب : فرس معروف لبعض العرب . والقطيب : فرس سابق بن صرد . وقطبة وقطيبة : اسمان .

                                                          والقطيبية : ماء بعينه ، فأما قول عبيد في الشعر الذي كسر بعضه :


                                                          أقفر من أهله ملحوب     فالقطبيات فالذنوب



                                                          إنما أراد القطبية هذا الماء ، فجمعه بما حوله . وهرم بن قطبة الفزاري : الذي نافر إليه عامر بن الطفيل وعلقمة بن علاثة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية